منتدى مدينة الملوك - مديرية جبن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مدينة الملوك - مديرية جبندخول

منتدى مدينة الملوك - مديرية جبن


مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد
+64
مسلم يمني
عرابي
فاروق
KALED DARHAN
ebraheem algobany
مسكين من جبن
العريس
زيد سفيان
ابو ايمن
راجي الشفاء
العربــ العربي ــي
عبد الله شريف
أباذر
الطيرالمهاجر
إبن رباح
علي عبد الحكيم سرحان
ابو البراء
الحمزه اليماني
محب
kareemah
العمري 1
الهاشمي
ابو عمر
عبدالجليل عبدالغني قرطيط
الغايب
قلم رصاص
صالح قاسم علي الضبياني
مُهند
algubani
عابر سبيل
شيخ الصحراء
ابو رائد جمال علي مجلي
ناجي الصياد
محمد بن عبدالله الدرة
ابو تريكه
الأمل
حنظلة
حسين شريف اليهري
رضوان واصل
محمد حسن
مسعد الدبيشي
محسن يحيى محمد طاهر
علي أحمد جيلان
درع الوطن
وضاح اليمن
أبــــ الأشبال ـــو
احمد الد بيشي
إنسان أكثر
عيد الحب
ابوحفظه
نفح الطيب
أصل له جذور
احمد الويسي
ابومروان الزعل
المتفائل
حسين علي الحمري
الفارس الملثم1
قاسم محمد واصل
المقري222
عبدالله محمد
ابورضوان :محمدعبدالكريم
جبل دامن
محمد الحنجري
habub-mohamed
68 مشترك

descriptionnewمــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن - صفحة 6 Uuouo_10


الصوره من قمة القلعه او شامخ القرين
(اللألتحام بزمن الســـــــــــــــحر)



منذ زمن بعيد هجر الوطن وصوب وجهه نحو البحر .. هكذ شأنه شأن كثير من اقرانه الذين لايكفون عن الحلم بزمن اخر وحياة اكثر كرامه..لك الله ياصابر ..
للشمس لون اخر في مستقره النائي طرزته من هبوب الرياح وموجات البحر العاتيه واحلام الماهجرين والمنتزعين من اصقاع الأرض الى هذا البرد..لك الله يا صابر وأنت تستعيد ذكرياتك وتحلم بيوم العودة من الحلم الى ثنايا عالمك الذي ما برح يسكنك او انت تسكنه.. كلاكما ليس في مقدوره سلخ ذاته عن الأخر
ها أنت والليلة وعصف الريح وسماء ليس فيها قمرك وزمهريرا من برد وعطش للد فء تمضي بك الذكريات تحلق من شامخ القلعه في الصباح الباكر .. ديكه تنفش ريشها وتتنافس بينها رافعة اصواتها لتنبيه الناس بتباشير شروق يوم جديد .. صوت المؤذن يرتفع من الجهات الأربع..اصوات الحطاب تتداعى مختلطة بأواب تفتح وخطى المندفعين لتلبية نداء صلاة الفجر
من قمة القلعه او قل من شامخ القرين يتناهى الى سمعه قرأنا يتلى من مئات البيوت بعد انقضاء الصلاه ... يلمح نفسه وهو ينسل من المنزل في طريقه الى المكتب " المعلامة " ثم فجأه يغير وجهته نحو الماء .. بير الأحواض بمجلابيها والأثوار الأربعة في كلا طرفيها تتباها وتستبق في رفع الماء الى الجامع ومدرسة العامريه "ساقيه" تمتد من حافة البئر الى الجامع الكبير واخرى ترتفع على الحافة سبعة امتار او يزيد ليجرى الماء على مستوى ارتفاع الأحواض في مسجد العامرية في فن معماري طاهري يسحر الألباب أخذني هذا السحر وسرت اجري مع الماء المندفع رقراقا في نشوة لااستطيع وصفها وبعد ساعات من اللهو والسباحه وهربا من سوط الحاج مسعد عميان طيب الله ثراه ثم هربا من سوط عبد الحفيظ او الحاج عبدالله القفري رحمة الله تغشاهم اجمعين اندفع الى مسجد بيحان ليتواصل المرح واللعب كان الماء قديما مغطى بالطحلب فاندفعت سيرا فوق ساقية المسجد الممتده الى بير بيحان القريبه نزلت البئر وتمتعت بحمام بارد الى ان صاح احدهم الفقيه .. الفقيه .. وليت مسرعا قبل ان يلسعني السوط ونصحني صاحبي ان نذهب سويا الى مسجد واصل في الشرى اندفعنا عراه نحمل ملابسنا وكيس المصحف " واللوح " وماكدنا نستقرفي محيط المسجد حتى طلع علينا رجل طويل يمسك في يده عصى دقيقه يسموها الخيزران صاح بنا " هيا ويش قد جيتوا تصلحوا يا جهال.. ما رضيتوا تحلوا " وهوب الى مسجد الرباط فقد فاجئنا موسى حسين واصل رحمه الله بلسعات الخيزرانه وكأنه كان ينتظر قدومنا ليلقننا درسا لا ننساه .. في مسجد الرباط اخذنا راحتنا كامله .. الوالد حسين الحنيني مزارع متعلق بالارض هذا الوقت من النهار لابد له ان يكون في مزارعه فى حضرة امي قمر رحمة الله تغشاها وللذين لا يعرفون هذه المرأه .. هي الماء العذب الذي يسقي الحطاب وعابري السبيل من والى عزلة الضبيانيه والرعيان والأشقياء مثلنا الذين لايكفون عن البحث عن مواطن للعب والمرح في بطن الحمه والمرار او ثنايا دامن ..
في صباح اليوم التالي وهو الخميس موعد قدوم سيدنا عبدالستار الكولي من نعوة الى" المعلامه" المكتب..المدرسه فى حضرة سيدنا قاسم المريسي رحمة الله تغشاهم اجمعين المهم اليوم استثنائي وتسميع .. وفلكه..
سيدنا قاسم ارسل مجموعات من اشرس التلاميذ لأحضار المتمردين على المدرسه امثالي ووزعهم على الجهات الأربع للمدينه.. وقبل ان انهض من فراشي .. صاحت اختى " يا جلك ..ها قد جو يجحبوك.............



للموضوع بقيه بمشيئة الله

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz

دائماً
تشدو بمايلامس أحاسيسنا وقلوبنا العطشى للمزيد من هذه الوجبات المعرفية والتوعوية والتي نحن في أمس الحاجة لهـــــــــــــــــــــــــــا
خصوصــــــــــــاً هذه الأيام
فأزدنا ولا تبخل علينا

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
جزى الله خيرا أستاذنا المبدع والروائي المدهش على هذه السلسلة من الأحداث التاريخية والقصص الواقعية والروايات الحقيقية التي يفهمها كل الناس سلاسة في الألفاظ وبلاغة في المعاني , إن كتابة أي رواية أو قصة أو حدث ليست سهلة وعمل ليس بالهين , فالمعرفة والإبداع والقدرة على الإقناع أعمال لا يجيدها كل الناس فلا بد له من فطرة سليمة وطبيعة ميّالة حتى يكون ذلك أساساً لبناء فكر وصياغة عقلية.
والناس يولدون ومعهم بعض الصفات الموروثة , والبعض الاخر معهم بعض الميول والرغبات التي يمنّ الله بها على الناس, والكاتب واحد من الناس الذين يولدون بصفات وميول ولكنها ميول وصفات تعينه على أن يكون إنساناً إجتماعياً حسّاساً شجاعاً متواضعا غير متكبر ولا مجامل .
يخاطب الناس على قدر عقولهم ولديه براعة في إيراد الحجج والبراهين وقوة الإثارة وتحريك العواطف والمشاعر, ويحتاج صاحب القلم إلى أن يدرك العلاقة الوثيقة بين المعرفة والكلام.
و نجد القلم الأصيل والكاتب الملهم هوالذي يوضّح الطريق ويبيّن الحقيقة في صورة مشرقة وواضحة وبأسلوب مرن وجذاب بعيد عن التعصب والجمود,,,,,,,,,,
فالكتابة فن من الفنون التي يظهر فيها إحساس ذلك الكاتب ويعبّر بها عما يدور في نفسه , وعندما يريد الكاتب إبلاغ أمر أو يخاطب جمهوراً فلابد من أن يختار الفكرة والموضوع المناسب الذي يواكب اهتمامات الناس ولا يصادم شعورهم حتى يستطيع دفعهم الى ما يريد فإن المقصود هو إيصال فكرة أو معالجة موضوع ..
فالكتابة كما هو معلوم تحتاج إلى قلب مفكّر وبيان مصّور ولسان معبّر .........وتحياتي لك أستاذي الفاضل.

ابنك / أبو ياسين............

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
habub-mohamed كتب:

من قمة القلعة أو شامخ القرين "الإلتحام بزمن السحر" 13

ومن قلعة الأرض يزهر السَّهل حولي وتثورُ الرُّبى على وجع الزمان .. ويتقدم الصبح أشواقه .. مشرقي يلتحف مِئزرهُ .. جبليٌ يغرقُ الأرض أهوال القيامة .. وشمال القرح يفتح للسواقي بابه .. تسري السيول من وديانهُ .. ويغترف العشق حضناً يقبلهُ قبلتين .. ينتشي الوطن في الوطن الكبير ويلتحف الشمس والحيود العوالي حصناً تسور الهوى هول الليالي القادمات من غرب البحار إلى الصَّحاري .. وتنتفض النخلة والتين والرُمان والزيتون .. ويزهر الريحان والصبَّار وتختمر البراري ..
رأيته .. يافعٌ في عمر الربيع .. يحمل بندقيةً أطولُ منهُ بِسكينةٍ برزت من فوهةِ البارودةِ تلمعُ في شمسِ النهارِ كبركانٍ ينفثُ الدَّمُ في الأرضِ قبلَ أن يخمدُ أنفاسَ الطغاةِ .. وخلفه رأيتُ فتية كُلهمُ يسيرونَ في الصُبحِ يعتلونَ القدمَ الحافي والمِئْزرَ ويتسلقونَ الجبلَ العالي نحو الشمالِ .. هذا جنوبُ الجرحِ .. تمنطقَ الوطنَ وهبَّ من ردفانهِ، والخُلاقيُ .. سَرَى وقاسمٌ .. وسفيانٌ .. وأحمـــدُ ..
سرى ليلك والهوى يلفح بُرْدُكَ من دفء المائقي .. هَزِئَتْ بِسنُونِكَ الطّارقاتُ .. وأتعبتك متون الهزائم وأنت تروم العُلى .. ترتحل من شاطئٍ إلى شاطئٍ وتتوسدُ أوجاعُك وتهوي في بحور الهوى تبحث عن مأذنةٍ تصدح فيها " اللهُ أكبرُ" فوق كُلِّ الطغاةِ وكل سماسرة الوطن .. كل الذين يتوسدون الأرض سجونا يمنع الحبُ من الأنسياب .. ومن التلاقح .. كل الذين تيبس الحس العروبي وجف نبع الدَّم ولا يحتملون سماع النحيب المُدَوِّيْ .. سرى ليلك فلا تتعجل شطئانك .. والبحرُ أعاصيراً تعتليهُ أشرعةً ممزقةً .. وفلولاً من الحب مبعثرٌ في الورى .. بين الهوى والهوى .. وتمضي الحبيبةُ تخيطَ شراعِ السفينةِ وتلحمَ الحبِّ .. وأنت تراوح مكانك .. يتمدَّد فيك بقعة ضوءٍ في بؤبؤ العين المبصرةِ لأوحالِ الغروبِ .. يلفظها الدَّمُ الطاهرُ .. دمُكَ إذا ما رُمتَ تطبيبَ أوجاعَ الزَّمانِ وسكبتَ رذاذَ الودقِ لإخمادِ نار الأرضِ .. وإذا ما عوى في سقفِ قصيدتكَ شيطانٌ وأتبعهُ شهابٌ من الجبارِ .. نيزكاً يحرقُ الورم اللعين ..
سرى الليل والفقر الكافر يصرخ في الأرض والكرش تهدل وتمدد وقارون تسيد يلتحف التلال والوديان ويرتاح إذ صار الوطن إلى الأفاق يبحث عن ما يسد به رمق العويلة ..
ويا كل نجوم الأرض .. يا كل الطيور .. نحن الضوء المبصر للنجمة ونحن الحَبُّ للطير والماء .. لا سيد سوى الوطن .. لا سيد سوى الله .. ونحن الفضاء الذي تُحَلِقُونَ فيه نحن أنتم .. نحن وطن العصافير إن شئتم ..
ووطن الليث والصقر والنسر والجبل الأشم .. إن رمتم سوانا .. سوى الجسد العاري والجرح العاري والزمن العاري والوطن العاري .. وكل المرضى والجوعى والفقراء .. بلغ السيل الزبى .. فاختاروا بين سيدكم وسيدنا!
يمر صباحنا ليلتقي مع تباشير الظهيرة .. ويتراجع في قدوم المساء ليفسح المجال لليلة أخرى نتحلق فيها عند الموقد الذي يتصاعد منه نفح طيب يعطر مسائنا ويضفي عليه القاً وحياة والحبيبة تتوسطنا نستمع إلى حكاياتها طيبة المذاق .. قطفت لنا بعض ياسمين من حديقة عمرها الصبي كانت تعيش من المدينة في الشرى غير بعيد عن حارة اليهود .. وكانت وبعض صديقاتها يحلو لهنَّ أن يذهبن إرضاءً لبعض فضولهن ليرين كيف هي حياة اليهود في حافة المدينة .. ويجلسن إلى بعض النسوة منهن .. قالت: نفس الحياة .. إلاّ انهم كانو يمارسون كل الأعمال .. كل مهنة وكل حرفه .. كان لديهم مشاغل للمدر يصنعون الجرار والأواني ويقومون بحياكة الثياب وتطريزها ولديهم معامل لصياغة الحلي من الذهب والفضة والأحجار الكريمة ولديهم مدابغ للجلود يصنعون منها الأثاث المنزلي والملبوسات والأحذيه ويربون الدواجن ويبيعونها وبيضها في سوق المدينة وكانوا يتصنعون المذلة والمسكنة لبلوغ مراميهم ولم يكونوا يخجلوا من أي عمل حرفي يقومون به ويمارسونه .. وكانوا يحقدون على من ينافسهم في هذه الأعمال التي تمدهم بالاموال الطائلة التي بها يزاولون أعمالهم الربوية فيحصدون الزروع والثمار.. كانت النسوة وهن يجلسن إليهن يحدثنهن أن العربي لا يجوز له أن يكون من الصناع .. فهو سيد وقبيلي يحسن الحرب والخطابة والغزو والزراعة ورعي الأغنام أما
أما الإعمال الحرفية الأخرى فهي للذميين ويستحق من يمارسها من العرب ان لا يكون من السادة ورجال القبائل وأرباب الحرب .. وفي هذه الأثناء جاء رجل وحماره وابتاع موقد وجاء آخر ابتاع بعض البيض ودجاجة .. وامرأة حملت معها كيس من القمح شرت به مخبزة ودبَّاةٌ لِحَلِبِ البقرة ومكنسة ..
ورجل آخر جاء من قرية بعيدة ليشتري (فضة للحريوه) .. واسترسلت المرأة في حديثها .. قالت وهي تشير إلى بعض البيوت في نواحي مختلفة من المدينة هذه البيوت لبعض العرب الذين يمارسون أعمالنا وينافسونا صنعتنا .. هؤلاء هبطوا بمستواهم في العرب ولا بد لهم أن يتوقفوا ليكونوا ساده في القوم .. (يحريمهم)! يا سواد ليلهم .. يريدوا يكونوا صناعاً وساده .. محال .. السيد سيد والصانع صانع .. وصبية كانت تجلس معهن وشوشت إليهن .. " إحنا مالنا دخل .. (قد شا نسير القدس نكل قرص)! ..
سألتها بت عباد قالت: بس ويش الفرق بينهم يا عمتي؟ ردت عليها: يا بت سيدي .. الفرق بينهم كالفرق بين الأرض والسماء .. هؤلاء وسخوا ايداتهم في المدر والحجر وهؤلاء حماة القبيلة والعشيرة وسيفها ضد القبايل الأخرى .. وسألتها أمي .. يا عمتي هل إذا ما كبرت وكان لي بيت وربيت دجاج مثل دجاجكم وجمعت البيض وبعت البيض والدجاج لمن يدفع الثمن وهل إذا كان لدي مدر وعملت منه موقد للديمة وكوز للماء وجبنات للقهوة هل يا عمتي في هذا ما يعيب ؟ ردت عليها في سرعة وشدة: حذار ..! حذار يا بنت العرب فلن يتزوج منك أحد .. قالت بت سعيد: ليش أما انتوا يا عمة لا تشتغلوا في هذه الحرف والناس يجوا لا عندكم من كل مكان يشتروا بالزلط ومحصول الوادي .. ويش الفرق ..؟ قالت الفرق كبير .. إحنا يهود وانتو عرب!
سرت وسعيد نحو المنزل والخيلة تعتليه وتحيطه البيوت العالية من جميع نواحية فالحارة مشغل لشتى الأعمال الحرفية والناس هناك صناع وزراع لا يعرفون الكسل ولا يعرفهم .. كان الزمن أول عهد بالكهرباء تجاورت والرباط وبيوت القضاة وبيوت بني النجار وبني جيلان والوادعي وبني حميدي والهراشين وشبكة الكهرباء تخيط البيوت وتربطها ببعضها منذ فترة لا تزيد على السنة عندما جاء بها وموتور بقوة ألف خيل! الوالد المغفور له الحاج غالب محمد واصل .. ودخلت معه البيت هذا السعيد كان صديقي وأخي في ساحة الشرف ومواجهة الأرهاب والطغاة وسوءة التشطير وقضايا كبيرة في حجم خارطة الضاد .. في البيت عطل كهربي ولي خبرة في هذا المجال وله حاجة في المجيء بي في هذا الوقت من منتصف النهار ليس لأن الموتور لا يعمل في هذا الوقت وحسب ولكنه أرادني ضيفا على طعام الغدى دونما سابق إشعار .. لم يستغرق العطل من الوقت الأ دقائق قليلة سرت معه بعده إلى الديوان، فرش لي بساط وطلب مني أن أرتاح لبعض الوقت حتى يعود .. ونقلت بصري في محتويات الديوان .. الكثير من المخابز وسرائر الأطفال حديثي الولاده صناعة محلية كلها من الجلد والصَّدف خاطتها أيادي ماهرة بخيوط جميلة ومتينة من الجلد الخالص .. أواني من القرع تستخدم لحفظ ولِخَظّ الحليب لاستخراج الزبدة وتحويل الحليب إلى لبن .. تُوارٌ عدة بإلوان زاهية في غاية الروعة والجمال وبمقاسات مختلفة تستخدم في الغالب لحفظ الطعام .. هذا الديوان يجلس فيه سيدي "قاسم جيلان" للقيلولة وراحة بعد الظهيرة .. يطل به على الجزء الغربي من المدينة يقضي المقيل فيه وينجز الكثير من الطلبات التي إحتشد بها بيانه .. المكان مريح والهواء فيه نسيم معطر وبرود .. والسعيد جاء وصينية المرق بيمينة ويحلف علي أن لا بد لي من تناول وجبة الغدى معه .. وجاء "الرباط" وصبية الدَّار جائوا وجيء بالطعام .. وتوالت الأطباق الهريشة والمقبلات من بقل وصلطة وكراث والرز واللحم والمعكرونة والسلته وبت الصحن .. والشاي الأحمر المعطر .. وكنا عادة نتناوله بعد الغدى عند باجش أو أحمد عميان .. كريم هذا السعيد من بيت كريم .. بيت حافل بالعمل .. مصنع لشتى الأشغال اليدوية .. وبيت للتطبيب وللعلم .. مملوءُ بالخيرات .. عرب من خيرة العرب .. أي وربي .. وسادة من خيرة الأسياد .. وكذب اليهود ورب محمد .. فقد أرادونا عاطلين لا نحسن إلا سفك دمنا والتعصب لجاهليات سوس ينخر نسيجنا الأجتماعي الخلاق ..


وعندما خرجت من معمل تحميض الصور في مكتبي على مقربه من البيت رأيت سيدتي وهي تدوس المدر بكلتا قدميها بعد أن صبت عليه الماء وبدأت تعمل بمهارة وتضع الأساس لتنور متوسط الحجم مقبوض الثمن من إحدى صديقاتها .. قبلت يديها وبدأت أُكَوم حفن المدر وأناولها وهي تضع لمسات جمالية على التنور وتسطره ملحمة البنائين الصناع .. صناع الحيــــــاة



إمتد البرد في غرب الأرض هنا عند المداخن العملاقة وعلى ضفاف النهر وعند البحيرات العظمى .. يتقلب الجو بين مشمس وممطر .. وغيم وريح والناس يصيخون السمع لتداعيات حمَّى جديده تلوح في الأفق وتهدد بكارثة عالمية (حمَّى الخنازير) .. وتجري الأحتياطات .. وتوزع الأرشادات الصحية ويلقي المحاضرون ندوات ومؤتمرات في هذا الموضوع الشائك وتوزع المواقع الأكترونية الحكومية للناس ليتابعوا آخر اخبار هذا الوباء الذي أضيف إلى الكارثة الأقتصادية التي تدك قلاع وحصون مالية وشركات تأمين عملاقة .. تتساقط الواحدة تلو الأخرى وكأنها قارونات معاصرة خسفت بها وبأحمالها الأرض .. وفي هذه الأجواء امتلئت قاعة الأحتفالات الكبرى بمئات من العائلات والأفراد ومشائخ الدين والمعلمين وحفظت كتاب الله والشخصيات الأجتماعية والسياسية العربية والأمريكية البارزة وشخصيات حكومية .. وتوالت الخطابات فالمناسبة هامة والحدث كبير .. إنه الذكرى السبعين لتأسيس مسجد جنوب ديربورن .. المسجد الذي صلى فيه أبي .. وصلى فيه حسين الحنيني ومحمد وحسين جيلان ومحمد صالح عبد وصالح الحاج منصر والإستاذ أحمد سعيد حبيش .. وكثير من أبناء العروبة من اليمن ومصر وسوريا ولبنان والعراق والأردن والسودان وفلسطين وكل بقاع الأسلام على إتساعها وضخامة همومها .. المسجد الذي تخرج منه رجال سروا في أصقاع الدنيا دعاة إلى دين الله وفاتحين .. إنها مفارقة مدهشة وأية عظيمة .. هذا المسجد الذي كان صغيراً فتضاعف عدة مرات خلال سني عمره المديد والذي يقوم على نفقة رواده الكرماء والذي إزدهر وبرز دوره في الأونة الأخيرة وأصبح يظم المئات من الطلاب والطالبات الذين يتلقون فيه دروس العربية وحفظ كتاب الله.. ويحفل بأنشطة دينية واجتماعية وثقافية لا حصر لها .. يكبر هذا المسجد ويعلو ويزدهر في هذا الوقت الذي تتهاوى فيه تلك القلاع العظيمة والبنايات الشاهقة .. وتتزلزل الأرض من تحتها .. فتهوي إلى سحيق .. مفارقة عجيبة وحكمة إلهية أعجب..
وفي يوم الجمعة في نفس المكان ترى الناس ألوفا يتقاطرون من مناطق شتى ومن مختلف المصانع وأرباب العمل مصانع السيارات والمطاعم والفنادق والمخازن والمخابز وعمال الطرق ومنظفي السجاد ورافعي القمامات عرب وعجم سود وبيض وملونين قدموا ليؤدوا صلاة الجمعة وبعيد الصلاة تراهم يتحلقون جماعات جماعات يتناقشون في كل شيء الأزمة الأقتصادية وسوق العمالة والبطالة والتأمين الأجتماعي .. وشؤون الساعة والوحدة اليمنية والأخطار التي تتهددها والشخوص الذين برزوا من هاوية التاريخ ليخاطبوا الناس بلغة لم يعد الناس يفهمها .. لغة التشطير والعودة إلى نقطة الصفر بعد جيلين من الرجال شبوا ونموا وترعرعوا في كنف الوحدة المباركة .. ومن ناحية أخرى يتعالى صوت آخر ينصر الوحدة ولكنه يسعى إلى نصرة وطن الوحدة وإنسانها الذي بطش به الفساد حدا لم يعاد يطاق .. قال لي أحدهم نحن في حاجة إلى إبراهيم أخر يسأل ارباب الفساد " من أين لك هذا؟؟" قلت نعم نحن في حاجة إلى من يحاسب الذين سطوا على ممتلكات الشعب المتظور جوعا وسرقوا بسمته وفرحته بالوحدة التي كانت ولا زالت تسري في دماء الشعب الذي حرم منها زمنا طويلا بفعل أعداء الوحدة وعشاق الكراسي .. واليوم يكاد المفسدون في الأرض والمتباكين على الماضي الأسود أن يهووا بالوطن والأنسان إلى هاوية سحيقة ولا يهمهم أمر الناس الذين يبكون سلطة المتنفذين الذين يتعاملون مع الوطن كأنه مكسب ومغنم يحق لهم أن يتقاسموه بينهم وليذهب الناس إلى الجحيم .. كفى يا هؤلاء .. كفى

جِـــــنَّ الشـــــــرى
كانوا من الشرى وكان الزمن قحطا وشدة وبلاء .. فطاب لهم أن يسطوا على جرف جيده مخزن الحبوب المحصل من زكوات المحاصيل الزراعية ومن حظهم العاثر أن قُبظ عليهم وهم متلبسين بفعلتهم .. وزج بهم الحبس ولأن أمرهم كان مشهور في الوسط الحكومي فقد أحب الحاكم أن يختبرهم .. فجيئ بهم إليه وبعد أن إنفرد بهم قال لهم: سأطلق سراحكم على شرط ، اليوم مع الجنود ذبيحة وطعام كثير .. أريدكم أن تأتوني بطعامهم وبنادقهم شرط أن لا يعرفوا من انتم وان لا يتمكنوا من الأمساك بكـــــــم وعلي إطلاقكم .. هل تقبلوا الرهان؟ أجاب الجميع بنعم .. وانطلقوا .. أحدهم أمسك حجرا بيده وهوى بها على الجند وهم مشغولون بأمر الطعام فجاء الحجر كالصاعقة على ركن الحكومة وهيبتها ووقف ووجهه الذي يستره ببعض لحافه يتحداهم .. فانطلق جميع الجند في أثره يطاردون جني من شراء المدينة .. ومال رفاقه على الطعام والسلاح وحملوه هدية للحاكم الذي أستغرب السرعة في التنفيذ ومال وإياهم على الطعام وأطلق سراحهم ..



أنا وأنت أبناء بطن واحـــــــــــــد ووطن واحـــــــــــد ،، لكني أنقل الحلقة الثالثة عشر من قلعتي وقلعتك إلى الصفحة السادسه (يونيو) حزيران ولا أعلق ..

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz





ايها الاعصار الذي يقلع الحروف جذورها ليغزلها في حلزونية البلاغه

ويرميها كلمات كشهب من نور تخترق حواجز الصمت والضلام فتضيئ سماوات الابداع
ايها القمر المشرق في سمائنا يا من احببتنا فملكتنا واحتليت مساحات قلوبنا
ايها الحبوب الذي تسكنه روح الادب ومكامن الجمال في قوة الكلمه وكياسة الحديث
انت يا حبر ابائنا يامنارة العلم في جيلهم ونور الشمس لجيلنا بل هدية الرحمن لنا
ما اروعك يا سيدي حين تتغامز فيك لحظات الوجد والهانا ويتناغم فيك الماضي الذي تجيد التغزل به
ما اكرمك وانت تطلق العنان لقلمك يقبل الحريه وينزف سيول الحبر من قمة القلعه او شامخ القرين

دررا منثوره من نبض الحياه الدافئه
وحروفا صارت انهار تسافر في ازمنه في عالم السكينه والالفه والمحبه التي كانت تمثل شبق الحياه في المدينه
هي كثيرةً من المعاني الفريده و الوصف البديع احتوتني واسكنة الطرف بين كلماتك المضيئه كمصباح النهار كالمنارات البيضاء المشرقه منارات عامر
ان سحر بيانك يشدني الى لحظة تامل بين حروفك فيسرق مني شعوري وتداخل الرؤى عليا فيفرض الخيال نفسه على الواقع المرير وهكذا دوما تجذبني المعاني الى الطمئنينه في هذه الصفحه التي هي اخر جزيئية وطن تربط قلبي بالحنين


ولا بارك الله فيمن يقول بان الوحده بخير وبان في الانفصال خير

فكشرا لك ايها النابغه والاستاذ المربي

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
بارك الله فيك استاذنا العزيز نحن ياحبيبي منتظرين المزيد لانكل ولانمل من ادبياتك انت لنا فخر وبك نعتز باركك الله استاذ نا حبوب محمد ولك كل الحب والتقدير .

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
KALED DARHAN كتب:

فرحة .. لا يستطيع ان يصنعها
الا شخص صادق مثلك ... معطاء

لا حرمني الله من اطلالتك
ومن نكهه قلمك المتالق
خالص حبي واحترامي لك
ايه الاستاذ القدير

__________________مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن - صفحة 6 3iqy69qu7oo2o8e9icbm

’’’’’ تـقـبـل مروري البسيط


[size=21][u][size=21]ودمـتـ في حفظ الرحمان ورعايته


[size=21][u][size=21]والسلام عليكم ورحمة وبركاته




خالد ذرحان

شكراً لمرورك يا خالد الذي أسعدني ولا عليك يا بني وابن صديقي فمرورك يزيدني شرفا ومسرة .. فتحية لك ولنشاطك منقطع النظير في كل أبواب المنتدى ويكفيك مساهمتك " سجل حضورك اليومي بالصلاة والسلام على رسول الله " ، بارك الله فيك وجمعك بمن تحب في فرح وبهجة ومسرة .. ولك الســـــــــــــــلام

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
شيخ الصحراء كتب:
تسلم يا حبيبنا بارك الله فيكوم

يبارك الله في هذه الهامة العالية والصورة البهية .. لك ولرمزك شيخ صحارينا وحامي واحاتنا المفدَّى التحية المعطرة برياحين الأرض وشذى الغولين ونسائم وادي عدنه .. لك التحية والأكبار

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
ابو تريكه كتب:

يباركك رب السماء ويرعاك يطول الله عمرك ويجعل ماتقوم به في ميزان حسناتك نسأل من الله الكريم رب العرش العظيم أن ينور قلبك بالأيمان وأن يعلي شأنك بالأسلام .. وبعد: وما بحول المسكين أبو عبد الناصر أن يقول في عالم الأنترنت .. والمبدعين .. إلا كلمة أقولها وفيها عزة الاسلام (الله وأكبر) إستاذي العزيز قلبك كبير وتفكيرك راقي فيه الوسطية الحكيمة وفيها نحب الكل ونحس بالأمان والدفئ ونحن نتعامل بها ونطبقها الكل فيها عظيم.. سيدي: سفينتك تبحر والأمواج تتلاطم من حولها .. وانت ذوشجون شجونك فيه الوحدة والسكينة فيه ينشرح الصدر ويطمئن فيه الخاطر ، سيدي لاتستوقف السفينة ، سفينتك ناجية لاخوف عليها من أمواج البحر ! من زفير البحر وهديرة وزحمة أسماكه المتوحشه فكلما اراد البحر ان يبتلع مابداخل السفينة ويلقي بحطامها نحو الصياد لايستطيع ، .. فسفينتك لاخوف عليها فهيا تقف شامخة في وجه طوفان البحر وضلامه .. وفيها نخوة وعزة وهيا دون خائفة من عدائية البحر وتفرده وتجبره فهو بكل تأكيد مضلم .. لكن سيدي وأنت ترسي وتتجه نحو الحديقة وبستانها الأنيق ومائها العذب وخضرتها وفواكها الذيذة الذي لايمل منها.. لايمل من النظر اليها والتسوق فيها والكلام حولها فيه الروعة والجمال وفيه الكل يعبر بشوق وتلهف الكل حاسس ومتيقن ومجزم بأنه سيد فيها.. وفيها وفيه النور والتنوير .. نعم يبارك الله فيك وفيها وفي التلذذ بها هي المعيار ياصديقي .. وها أنت قطّاف ثمارها ورئيس اوديتها وتربتها النقية .. وكم نحن تغمرنا السعادة حين نكون معك في السفينة.. وبعدها نرسي سوى ونكون بجانبك في تلك الحديقة .. نعمل ونشتري ونحصد ونأكل ونلبس ونشرب ونتفسح.. وكل هذا في مرضات الله ورسوله بارك الله فيك سيدي وحبيبي في زمن لايخلو من أمثالك طبت وطاب نهارك نحن لك الفداء ياسيدي.

صديقك ابوعبدالناصر


أخي وصديق عمري .. أبا عبد الناصر وإبراهيم وحسين الميسرة والميمنة وإبتهال القلب .. أنت قمر المنتدى وشمسه ، لا تكاد تغيب لحظة عن سمائنا .. تضل تنشد للفرح وتهزء بالظلام .. وتتلو سورا من نورٍ تعطر صباحاتنا .. تغني للوحدة وتتســـــيد حلقات " البالة " وتترجم أحاسيس القلوب وتبلسم الأوجاع والقروح .. بورك فيك من قلب ينبض بكل هذا الحنين .. لك عظيم شكري بكل حرف سطرته من بهاك .. أنت الأب تتسع لكل أطفال الدنيا .. والصديق الصدوق ، أخا الروح إذ ترتاح إلى أخٍ تستودعه أسرارها .. بورك فيك وسلام الله عليك ..

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
العمري 1 كتب:
لطالما انتضرنا وكنا على احر من الجمر متابعين لما سيكتب الحبوب محمد
ولقد ترددنا على قسم الروايات لنقرا ر واياتك ايها الحبوب والتى تكتبها بماء الذهب على ضاحات جبن وجبالها وقلعتها لتضيئ بها جبن وما حولها
وان نورها قد تعدى القلعه والقرين فاصبحت معالمها فى العر وفى حمر وحتى على شواطئ الهادى وصل نور كلماتها
لطالما ابدعت
منك الادب والعلم والمعرفه .
لطالما زرعت
لقد زرعت عقولاً وربيت رجالاً حتى انك لاترى رجل فى جبن عضيم الا وكنت انت استاذاً له
فمن القلعه الى القرين الى اليهود وعاداتهم السيئه وموروثهم الاسوء منهم وما تركو فى نفوس الناس من تخلف وعادات ما انزل الله بها من سلطان ويشهد الله اننا بريئين من اليهود وعاداتهم فلن ولن يفلحوا
ثم الى مسجد دربن والى الصرح القديم وسبعين سنه ومزيداً من رجال الخير والطاعه والصلاح
ثم الى الاقتصاد وتقلباته وهموم العالم وفيروس الخنازير
ليس لى بعد ذلك الا ان اقول كانت كامله من كل الجوانب من الماضى الى الحاضر والواقع
ومهما قلت عنك فلن انصفك
وكما قال احد الاباء ان الاستاذ الحبوب مبدع فى كل المجالات ولطالما ابدع
تقبل تحياتى واعجابى وتقديرى وانتضارى لما ستكتب ايها الحبوب محمد
اطال الله بقائك
عشت وعاشت كتاباتك ايها الاكثر من استاذ
ولنا معك انشا الله وقفات اخرى

عندما قرأت كلماتك أيها العمري .. ايها العربي الشهم والأصيل .. والأبن البار النبيل ..غمر قلبي سرور عظيم ، ذلك أن اللغة التي سطرت بها كلماتك هي اللغة التي تتحدث بها هذه الصفحة .. وأنت أنت تبعث فيها الحياة إذ غادرها دمها في إسبالة عين تحت شمس النهار .. ذلك أننا ومجتمعنا في حاجة ماسة إلى ثقافة الثورة والمثقف الثائر على واقع مريض يرزح في دياجي الظلام .. فلك التحية والأجلال .. لتضل الشموع مشتعلة في الليل الدامس حتى حين شروق الشمس في صباح الحب ..

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
فاروق كتب:

استاذنا حبوبنا اديبنا حبوب محمد ويش تبينا نقول غير والله من صج مانكذب حنا نشوفك شوف ويكفي ما نكل نروح ونيي عقب ما نشوفك شذي ، تراناء خلاص حتى الأكل بعد عمري مانبيه ، حنا من صجناء ، يامعود ويش هلكلام اشوفك زوتهن تراك مسخت الكلام تكلم كلام رياييل ، أفا عليك ياعم احنا موبرياييل تراء عمي والله حنا من خيرت الرجال والله لوما كنت عمي كنت شفت شسوي والله غير هدك بالعقال لين تعرف وانا بو حمد ، خلاص روح مني روح صوب بوك وسلم عليه ، وقله عمي يقلك لاتفوتك القصة حق الكاتب العربي حبوب محمد إي والله عربي أصيل
ايش كثر هو رجال والله من خيرت الرجال نتمنا ييناء يعيش معنا هني والله نحطه زعيم علينا وشيخنا وشيخ بونا عقب .( بعد) ايه شذي . ايداء هواستازناء كبيرياخواناء والله العظيم تلاته وهو آعد هناك ليه ، ليه مايجي عندنا بئه ، واخذ بالك ياخوناء الراجل دا حلاوته وهو بيروي الأصص وكمان ، ياعمي سيبك من الفهلوه هوانته شفت حاجه بؤلك آيه ، اولي ياعم هو انته لوشفته تئدر تسيبه وتمشي إتحداك واتحدا ابوك كمان ياصلات النبي .



شكرا أخي الفاروق وكلماتك التي تشعُّ بسمة وبهجة وروح فكاهة .. باركك الله .. إذا كنت عبدالستار البصير فبيني وبينك "لبير بارك" وهناك سأنتزع منك إعترافا بما وراء السطور.. بس هذا كلام محترف عاش في الخليج ويعشق مصر الدنيا .. قلب العروبة النابض .. فيه من عصمت ألأفق ومن حسن البنَّاء السماء فله التحية والأكبار وجزيل السلام ..

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
حسين علي الحمري كتب:


تحياتي لاستاذي العزيز وجارنا الحبيب

قطعني عنكم وعن كلامكم الجميل والعذب ايام قلائل نهلنا فيها من هذا العلم قطرات قليله جداااا

وعند عودتي اسرعت مقلبا لصفحات المنتدى لاجد ضالتي في كتاباتكم المتميزه والنابعه من الفلب صادقت الاحساس والمشاعر لا يشوبها حقد او ضغينه او مدح او تملاق لاحد

فحزنت على مافاتني منها راجعا للوراء متأملا فيها وفي عبارات وحكم وقصص من واقع جميل عاشه رجال ونساء قلما نجدهم في وقتنا الحاضر

تحياتي لك استاذي العزيز وتقبل تحياتي لك ولاعضاء المنتدى
متمنين لكم بالصحه والعافيه


عدت لنا يا حسين .. وقد إفتقدناك على مدى حلقتين .. وبحثنا عنك في كل مكان توقعناك فيه فلم نجدك .. لكنك اليوم عدت لنا سالما غانما إنشاء الله تعالى ولأنك أهلا لكل خير ولأنك كريم من كرام فقد كرمت لهذا الشهر وأنت إهلا للتكريم لكل شهر لأخلاقك وغيرتك وقلبك الذي ينبض بحب الوطن .. شرفني مرورك وسعدت بحضور قلمك البهي لا غيبك.. لك السلام

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
علي أحمد جيلان كتب:

إستاذي القدير لقد تألقت وأبدعت بمفرداتك
لكن تخونني الكلمات تستعصي عليا العبارات
وتهرب مني الاحرف أحاول البحث عن مفردات
في قواميس اللغات أعبر على أنك كاتب مميز
لا أجد ما أكتب وأعود أتلعثم في الحديث
ولا أعرف من معاجم اللغات غير بارك الله فيك وأطال الله

في عمرك على كلامك السلس والعذب .



مرحبا بك أيها العلي .. غيمة حب وزخات مطر تغسل الليلة مما علق بها من سديم أوجاع تراكمت ,, لك التحية وأنت تلج إلى المستقبل .. زمن الرجال الذين يصنعون اليوم وليس الذين يلبسون الأمس ويتوهمون الحاضر ويتيهون في دروب المستقبل .. بورك فيــــــك

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
KALED DARHAN كتب:
استاذي الغالي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

سلاما وتحية وأِواقا قلبية ... وبعد ،،،

بصعوبة أمسك بقلمى لأ كتب لك .. ففي بعض المواقف المؤثرة نجد صعوبة في التعبير عما في قلوبنا .. فما انا بقادر على شكرى لك لعظيم عملك .. وجليل فعلك وحسن معاونتك .. ومن ذلك عرفت جميلك وعلمت قدركلك من جزيل الشكر والعرفان اخانا العزيز....
بارك الله بك وجزاك خيرا

استاذي وصاحب السمات المميزه حبوب محمد
وشكرآ


مرة ثانية لك الشكر والثناء على مرورك يابني يا خالد ذرحان مرورك أضفى على الليلة بعض نسيم معطر .. فأنت السفر إلى إكتمال القمــــــر وقـــران سهيــــل اليمانــــي بالثريا .. بورك فيك ولك حبي وألف مبروك

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
عبدالله محمد كتب:
متكئ على دفء الحبيبة وشموخ الجبل، تحت ظل شجرة سنديان .. نخلة .. تعتصر شمسك .. زهرا يلون الضاد بإلوان الشروق .. مطرا يغسل الجسد المنهك من أوجاعه .. (قطرات ندى على كتاب سيدي عبد القادر الجيلاني) وفتال من الشمس خيوط من محبرة سيدي قاسم جيلان بيراع سيدنا قاسم ودواة سيدنا عبد الستار الكولي وسيدنا علي عبد الدايم .. وباكورة الشيخ صالح مجلي .. تحت نور سرى من رباط الحاج غالب حسين الحنيني ..
تقبل الأرض قبلتين وتلحم الجرح من نصل الطغاة والأنفصاليين والمفسدين في الأرض .. ونجوما وطيورا .. كلام كبير ..


شكراً لك عبدالله (محمد) مرور البرق على حدقة العين يلامسها فيترك أثره ويأتي غيثـــــــه ومطره فلك كل الحب ..

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
ابومروان الزعل كتب:

دائماً
تشدو بمايلامس أحاسيسنا وقلوبنا العطشى للمزيد من هذه الوجبات المعرفية والتوعوية والتي نحن في أمس الحاجة لهـــــــــــــــــــــــــــا
خصوصــــــــــــاً هذه الأيام
فأزدنا ولا تبخل علينا





تحية مباركة من عند الله لك ، عبد الملك .. لا زلت تجد بين أوقاتك المملؤة بعض زمن تطل من نافذة البيت علينا لتلقي بتحيتك .. سلاما معطراً بدفء المنزل وضجيج الصغار حياةً تتردد في الزوايا .. ويثلج الصدر إشراقهم والحياة تتجدد .. لكم السلام

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
مسلم يمني كتب:
جزى الله خيرا أستاذنا المبدع والروائي المدهش على هذه السلسلة من الأحداث التاريخية والقصص الواقعية والروايات الحقيقية التي يفهمها كل الناس سلاسة في الألفاظ وبلاغة في المعاني , إن كتابة أي رواية أو قصة أو حدث ليست سهلة وعمل ليس بالهين , فالمعرفة والإبداع والقدرة على الإقناع أعمال لا يجيدها كل الناس فلا بد له من فطرة سليمة وطبيعة ميّالة حتى يكون ذلك أساساً لبناء فكر وصياغة عقلية.
والناس يولدون ومعهم بعض الصفات الموروثة , والبعض الاخر معهم بعض الميول والرغبات التي يمنّ الله بها على الناس, والكاتب واحد من الناس الذين يولدون بصفات وميول ولكنها ميول وصفات تعينه على أن يكون إنساناً إجتماعياً حسّاساً شجاعاً متواضعا غير متكبر ولا مجامل .
يخاطب الناس على قدر عقولهم ولديه براعة في إيراد الحجج والبراهين وقوة الإثارة وتحريك العواطف والمشاعر, ويحتاج صاحب القلم إلى أن يدرك العلاقة الوثيقة بين المعرفة والكلام.
و نجد القلم الأصيل والكاتب الملهم هوالذي يوضّح الطريق ويبيّن الحقيقة في صورة مشرقة وواضحة وبأسلوب مرن وجذاب بعيد عن التعصب والجمود,,,,,,,,,,
فالكتابة فن من الفنون التي يظهر فيها إحساس ذلك الكاتب ويعبّر بها عما يدور في نفسه , وعندما يريد الكاتب إبلاغ أمر أو يخاطب جمهوراً فلابد من أن يختار الفكرة والموضوع المناسب الذي يواكب اهتمامات الناس ولا يصادم شعورهم حتى يستطيع دفعهم الى ما يريد فإن المقصود هو إيصال فكرة أو معالجة موضوع ..
فالكتابة كما هو معلوم تحتاج إلى قلب مفكّر وبيان مصّور ولسان معبّر .........وتحياتي لك أستاذي الفاضل.

ابنك / أبو ياسين............

إبني .. أبا الياسين ..
يسعدني كثيراً إشراقتك يقبلها بصري .. يلتهم الحرف الأليف ويغترف من هذا الزلال صدق المعاني وحكمة الأيحائات .. نحو دروب صبح البرآئة .. وهدأة السير في شعاب الحياة نحو غايات المنى .. غاياتنا .. من نحن لو لم يسري دمنا عروق الأرض وعيون الحياة .. منابعاً للحب والألفة .. ربَّـــاه .. ما أجمل أن تشرقُ اسمائنا .. أفعالنا .. نحن ما نصنع .. نحن ما نبذر .. نحن ما نتخيل .. ونحن الأمل الذي يداعب أرواحنا منذ الفطام .. نحن النصر إن شئنا ، في إقتحام الصعاب وولوج المستحيل .. ننفض عن أوجاعنا غبار الزمان ونتباهى بإسمائنا .. تشرق في الحياة .. كالنخلةِ تشرقُ من قلبِ الأرضِ وتُزاحمُ الأفلاك مداراتها .. نجمعُ أوجاعنا بلسماً للآتي .. حُصناً من دروب الشوكِ .. وتعويذةً لأزمنةِ الحبِ .. يتعانقَ الماضي فينا ويغتسلُ من جراحاتهِ في أشواقِنا .. يتلاحمُ الأشراق فينا طلائعاً للنصرِ أو مَصْنَعِهِم .. لكننا لن نبذرَ الجراحِ .. نتغنى باللحضاتِ الرائعةِ التي أشرقت ذات يوم .. ونتعلم .. وتستمر الحياة ..
لك حبي وبارك الله في هذا الألق الذي تطرزه ثوبا للذين يستنهضوا الناس ويخاطبوا الهمم لتعتلي فرس المعرفة وأحصنة الهمم .. لك التحية والسلام

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
التلميذ كتب:





ايها الاعصار الذي يقلع الحروف جذورها ليغزلها في حلزونية البلاغه

ويرميها كلمات كشهب من نور تخترق حواجز الصمت والضلام فتضيئ سماوات الابداع
ايها القمر المشرق في سمائنا يا من احببتنا فملكتنا واحتليت مساحات قلوبنا
ايها الحبوب الذي تسكنه روح الادب ومكامن الجمال في قوة الكلمه وكياسة الحديث
انت يا حبر ابائنا يامنارة العلم في جيلهم ونور الشمس لجيلنا بل هدية الرحمن لنا
ما اروعك يا سيدي حين تتغامز فيك لحظات الوجد والهانا ويتناغم فيك الماضي الذي تجيد التغزل به
ما اكرمك وانت تطلق العنان لقلمك يقبل الحريه وينزف سيول الحبر من قمة القلعه او شامخ القرين

دررا منثوره من نبض الحياه الدافئه
وحروفا صارت انهار تسافر في ازمنه في عالم السكينه والالفه والمحبه التي كانت تمثل شبق الحياه في المدينه
هي كثيرةً من المعاني الفريده و الوصف البديع احتوتني واسكنة الطرف بين كلماتك المضيئه كمصباح النهار كالمنارات البيضاء المشرقه منارات عامر
ان سحر بيانك يشدني الى لحظة تامل بين حروفك فيسرق مني شعوري وتداخل الرؤى عليا فيفرض الخيال نفسه على الواقع المرير وهكذا دوما تجذبني المعاني الى الطمئنينه في هذه الصفحه التي هي اخر جزيئية وطن تربط قلبي بالحنين


ولا بارك الله فيمن يقول بان الوحده بخير وبان في الانفصال خير

فكشرا لك ايها النابغه والاستاذ المربي



التلميذ .. أحب هذا الأسم .. ملك عليَّ كل حياتي الماضية وماتبقى في محبرة قلبي .. كل ذرَّة من ذرات حفنة التراب التي ألبسها .. كان بعضي .. بعض دمي يتهادى في الدُروبِ سيلاً يتدفقُ في دعةٍ من كل قمة من قمم الحبيبة .. يتهادى من عالي الجبل ومن أسفل الوادي من شعابِ الأرضِ يسري في الصباحاتِ يقبل الأرضَ خطوهُ الصَّبي من كل فجٍ يأتي .. ينثرُ الحُب بستانه في الفضاءِ إنشودةٌ تصدح في سماءِ روحي وفي أثيرِ مسمعي وتعلو مع شدوِ البلابلِ وكل الطيورِ عنـــد أيكاتِ كلِّ الحقولِ .. ومعهد المعلمين يحتضن ندى الزهرِ والفلِ والطلِ والنيلِ والفراتِ وبُرْدَى الشامِ والصبحِ والغيمِ والمطرِ والسيلِ والوديانِ ودامنٌ وزبرِ .. وقرينُ الزمانِ والقلعةِ ومصنعةِ التاريخِ والحصنِ .. وعنــثةٍ وتنحمِ ..
لغتك العذبة الجميلة تدل عليك .. ترسم نفسك فناراً في صفحة القلب المفعم بالحب .. لا يهم من تكون .. فأنت من أولئك العمالقة الذين سطروا سنوات الألق حرفاً حرفاً .. أولئك الذين لامسوا بهاماتهم سنى الشمس وكانوا أقمارَ المسائاتِ تُسامرُ الحلمَ ويسري فيها بريقَ الشروقِ .. ونرتاحُ إلى النورِ يشعُ مِنها يغامزُ الصبح ويغمرُ الأرض دفئاً أليفاً .. تضيق عنده المسافات وتدنو من الحب وتلتئم الضفتين .. وذيَّاك الألم الذي أدمى القلوبِ .. ألمك! .. كانَ دمك نشيدَ الدّروبِ الذي فتنك .. يشدُو به صباحَ العصافيرِ .. أسطورةً في فمك .. أنت الذاكرةُ التي لا تنسى (تحرس الهويّة ، تصوغ الحُلم وتضمرُ المستقبل) .. تَشمخُ فيك جُـــبن ويكبرُالوطن ويعلو فوق كل الذئابِ وكل الطغاةِ وكل المرتدين وكل السّفلة

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
الوان الطيف كتب:
بارك الله فيك استاذنا العزيز نحن ياحبيبي منتظرين المزيد لانكل ولانمل من ادبياتك انت لنا فخر وبك نعتز باركك الله استاذ نا حبوب محمد ولك كل الحب والتقدير .


إستاذي وأخي ألوان الطيف .. يعلم الله أن لك معزة في القلب وألفة في الروح .. وأن بهاء نفسك وروحك يكاد ينفذ من بين سطورك القليلة حجما الغزيرة معنى .. باركك الله ووفقنا إلى أن يكون ما نسطره هنا مما ينفع ويمكث في الأرض .. سلمت أناملك أخي وبارك الله في أيامك

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
العربــ العربي ــي كتب:
habub-mohamed كتب:

من قمة القلعة أو شامخ القرين "الإلتحام بزمن السحر" 13

ومن قلعة الأرض يزهر السَّهل حولي وتثورُ الرُّبى على وجع الزمان .. ويتقدم الصبح أشواقه .. مشرقي يلتحف مِئزرهُ .. جبليٌ يغرقُ الأرض أهوال القيامة .. وشمال القرح يفتح للسواقي بابه .. تسري السيول من وديانهُ .. ويغترف العشق حضناً يقبلهُ قبلتين .. ينتشي الوطن في الوطن الكبير ويلتحف الشمس والحيود العوالي حصناً تسور الهوى هول الليالي القادمات من غرب البحار إلى الصَّحاري .. وتنتفض النخلة والتين والرُمان والزيتون .. ويزهر الريحان والصبَّار وتختمر البراري ..
رأيته .. يافعٌ في عمر الربيع .. يحمل بندقيةً أطولُ منهُ بِسكينةٍ برزت من فوهةِ البارودةِ تلمعُ في شمسِ النهارِ كبركانٍ ينفثُ الدَّمُ في الأرضِ قبلَ أن يخمدُ أنفاسَ الطغاةِ .. وخلفه رأيتُ فتية كُلهمُ يسيرونَ في الصُبحِ يعتلونَ القدمَ الحافي والمِئْزرَ ويتسلقونَ الجبلَ العالي نحو الشمالِ .. هذا جنوبُ الجرحِ .. تمنطقَ الوطنَ وهبَّ من ردفانهِ، والخُلاقيُ .. سَرَى وقاسمٌ .. وسفيانٌ .. وأحمـــدُ ..
سرى ليلك والهوى يلفح بُرْدُكَ من دفء المائقي .. هَزِئَتْ بِسنُونِكَ الطّارقاتُ .. وأتعبتك متون الهزائم وأنت تروم العُلى .. ترتحل من شاطئٍ إلى شاطئٍ وتتوسدُ أوجاعُك وتهوي في بحور الهوى تبحث عن مأذنةٍ تصدح فيها " اللهُ أكبرُ" فوق كُلِّ الطغاةِ وكل سماسرة الوطن .. كل الذين يتوسدون الأرض سجونا يمنع الحبُ من الأنسياب .. ومن التلاقح .. كل الذين تيبس الحس العروبي وجف نبع الدَّم ولا يحتملون سماع النحيب المُدَوِّيْ .. سرى ليلك فلا تتعجل شطئانك .. والبحرُ أعاصيراً تعتليهُ أشرعةً ممزقةً .. وفلولاً من الحب مبعثرٌ في الورى .. بين الهوى والهوى .. وتمضي الحبيبةُ تخيطَ شراعِ السفينةِ وتلحمَ الحبِّ .. وأنت تراوح مكانك .. يتمدَّد فيك بقعة ضوءٍ في بؤبؤ العين المبصرةِ لأوحالِ الغروبِ .. يلفظها الدَّمُ الطاهرُ .. دمُكَ إذا ما رُمتَ تطبيبَ أوجاعَ الزَّمانِ وسكبتَ رذاذَ الودقِ لإخمادِ نار الأرضِ .. وإذا ما عوى في سقفِ قصيدتكَ شيطانٌ وأتبعهُ شهابٌ من الجبارِ .. نيزكاً يحرقُ الورم اللعين ..
سرى الليل والفقر الكافر يصرخ في الأرض والكرش تهدل وتمدد وقارون تسيد يلتحف التلال والوديان ويرتاح إذ صار الوطن إلى الأفاق يبحث عن ما يسد به رمق العويلة ..
ويا كل نجوم الأرض .. يا كل الطيور .. نحن الضوء المبصر للنجمة ونحن الحَبُّ للطير والماء .. لا سيد سوى الوطن .. لا سيد سوى الله .. ونحن الفضاء الذي تُحَلِقُونَ فيه نحن أنتم .. نحن وطن العصافير إن شئتم ..
ووطن الليث والصقر والنسر والجبل الأشم .. إن رمتم سوانا .. سوى الجسد العاري والجرح العاري والزمن العاري والوطن العاري .. وكل المرضى والجوعى والفقراء .. بلغ السيل الزبى .. فاختاروا بين سيدكم وسيدنا!
يمر صباحنا ليلتقي مع تباشير الظهيرة .. ويتراجع في قدوم المساء ليفسح المجال لليلة أخرى نتحلق فيها عند الموقد الذي يتصاعد منه نفح طيب يعطر مسائنا ويضفي عليه القاً وحياة والحبيبة تتوسطنا نستمع إلى حكاياتها طيبة المذاق .. قطفت لنا بعض ياسمين من حديقة عمرها الصبي كانت تعيش من المدينة في الشرى غير بعيد عن حارة اليهود .. وكانت وبعض صديقاتها يحلو لهنَّ أن يذهبن إرضاءً لبعض فضولهن ليرين كيف هي حياة اليهود في حافة المدينة .. ويجلسن إلى بعض النسوة منهن .. قالت: نفس الحياة .. إلاّ انهم كانو يمارسون كل الأعمال .. كل مهنة وكل حرفه .. كان لديهم مشاغل للمدر يصنعون الجرار والأواني ويقومون بحياكة الثياب وتطريزها ولديهم معامل لصياغة الحلي من الذهب والفضة والأحجار الكريمة ولديهم مدابغ للجلود يصنعون منها الأثاث المنزلي والملبوسات والأحذيه ويربون الدواجن ويبيعونها وبيضها في سوق المدينة وكانوا يتصنعون المذلة والمسكنة لبلوغ مراميهم ولم يكونوا يخجلوا من أي عمل حرفي يقومون به ويمارسونه .. وكانوا يحقدون على من ينافسهم في هذه الأعمال التي تمدهم بالاموال الطائلة التي بها يزاولون أعمالهم الربوية فيحصدون الزروع والثمار.. كانت النسوة وهن يجلسن إليهن يحدثنهن أن العربي لا يجوز له أن يكون من الصناع .. فهو سيد وقبيلي يحسن الحرب والخطابة والغزو والزراعة ورعي الأغنام أما
أما الإعمال الحرفية الأخرى فهي للذميين ويستحق من يمارسها من العرب ان لا يكون من السادة ورجال القبائل وأرباب الحرب .. وفي هذه الأثناء جاء رجل وحماره وابتاع موقد وجاء آخر ابتاع بعض البيض ودجاجة .. وامرأة حملت معها كيس من القمح شرت به مخبزة ودبَّاةٌ لِحَلِبِ البقرة ومكنسة ..
ورجل آخر جاء من قرية بعيدة ليشتري (فضة للحريوه) .. واسترسلت المرأة في حديثها .. قالت وهي تشير إلى بعض البيوت في نواحي مختلفة من المدينة هذه البيوت لبعض العرب الذين يمارسون أعمالنا وينافسونا صنعتنا .. هؤلاء هبطوا بمستواهم في العرب ولا بد لهم أن يتوقفوا ليكونوا ساده في القوم .. (يحريمهم)! يا سواد ليلهم .. يريدوا يكونوا صناعاً وساده .. محال .. السيد سيد والصانع صانع .. وصبية كانت تجلس معهن وشوشت إليهن .. " إحنا مالنا دخل .. (قد شا نسير القدس نكل قرص)! ..
سألتها بت عباد قالت: بس ويش الفرق بينهم يا عمتي؟ ردت عليها: يا بت سيدي .. الفرق بينهم كالفرق بين الأرض والسماء .. هؤلاء وسخوا ايداتهم في المدر والحجر وهؤلاء حماة القبيلة والعشيرة وسيفها ضد القبايل الأخرى .. وسألتها أمي .. يا عمتي هل إذا ما كبرت وكان لي بيت وربيت دجاج مثل دجاجكم وجمعت البيض وبعت البيض والدجاج لمن يدفع الثمن وهل إذا كان لدي مدر وعملت منه موقد للديمة وكوز للماء وجبنات للقهوة هل يا عمتي في هذا ما يعيب ؟ ردت عليها في سرعة وشدة: حذار ..! حذار يا بنت العرب فلن يتزوج منك أحد .. قالت بت سعيد: ليش أما انتوا يا عمة لا تشتغلوا في هذه الحرف والناس يجوا لا عندكم من كل مكان يشتروا بالزلط ومحصول الوادي .. ويش الفرق ..؟ قالت الفرق كبير .. إحنا يهود وانتو عرب!
سرت وسعيد نحو المنزل والخيلة تعتليه وتحيطه البيوت العالية من جميع نواحية فالحارة مشغل لشتى الأعمال الحرفية والناس هناك صناع وزراع لا يعرفون الكسل ولا يعرفهم .. كان الزمن أول عهد بالكهرباء تجاورت والرباط وبيوت القضاة وبيوت بني النجار وبني جيلان والوادعي وبني حميدي والهراشين وشبكة الكهرباء تخيط البيوت وتربطها ببعضها منذ فترة لا تزيد على السنة عندما جاء بها وموتور بقوة ألف خيل! الوالد المغفور له الحاج غالب محمد واصل .. ودخلت معه البيت هذا السعيد كان صديقي وأخي في ساحة الشرف ومواجهة الأرهاب والطغاة وسوءة التشطير وقضايا كبيرة في حجم خارطة الضاد .. في البيت عطل كهربي ولي خبرة في هذا المجال وله حاجة في المجيء بي في هذا الوقت من منتصف النهار ليس لأن الموتور لا يعمل في هذا الوقت وحسب ولكنه أرادني ضيفا على طعام الغدى دونما سابق إشعار .. لم يستغرق العطل من الوقت الأ دقائق قليلة سرت معه بعده إلى الديوان، فرش لي بساط وطلب مني أن أرتاح لبعض الوقت حتى يعود .. ونقلت بصري في محتويات الديوان .. الكثير من المخابز وسرائر الأطفال حديثي الولاده صناعة محلية كلها من الجلد والصَّدف خاطتها أيادي ماهرة بخيوط جميلة ومتينة من الجلد الخالص .. أواني من القرع تستخدم لحفظ ولِخَظّ الحليب لاستخراج الزبدة وتحويل الحليب إلى لبن .. تُوارٌ عدة بإلوان زاهية في غاية الروعة والجمال وبمقاسات مختلفة تستخدم في الغالب لحفظ الطعام .. هذا الديوان يجلس فيه سيدي "قاسم جيلان" للقيلولة وراحة بعد الظهيرة .. يطل به على الجزء الغربي من المدينة يقضي المقيل فيه وينجز الكثير من الطلبات التي إحتشد بها بيانه .. المكان مريح والهواء فيه نسيم معطر وبرود .. والسعيد جاء وصينية المرق بيمينة ويحلف علي أن لا بد لي من تناول وجبة الغدى معه .. وجاء "الرباط" وصبية الدَّار جائوا وجيء بالطعام .. وتوالت الأطباق الهريشة والمقبلات من بقل وصلطة وكراث والرز واللحم والمعكرونة والسلته وبت الصحن .. والشاي الأحمر المعطر .. وكنا عادة نتناوله بعد الغدى عند باجش أو أحمد عميان .. كريم هذا السعيد من بيت كريم .. بيت حافل بالعمل .. مصنع لشتى الأشغال اليدوية .. وبيت للتطبيب وللعلم .. مملوءُ بالخيرات .. عرب من خيرة العرب .. أي وربي .. وسادة من خيرة الأسياد .. وكذب اليهود ورب محمد .. فقد أرادونا عاطلين لا نحسن إلا سفك دمنا والتعصب لجاهليات سوس ينخر نسيجنا الأجتماعي الخلاق ..


وعندما خرجت من معمل تحميض الصور في مكتبي على مقربه من البيت رأيت سيدتي وهي تدوس المدر بكلتا قدميها بعد أن صبت عليه الماء وبدأت تعمل بمهارة وتضع الأساس لتنور متوسط الحجم مقبوض الثمن من إحدى صديقاتها .. قبلت يديها وبدأت أُكَوم حفن المدر وأناولها وهي تضع لمسات جمالية على التنور وتسطره ملحمة البنائين الصناع .. صناع الحيــــــاة



إمتد البرد في غرب الأرض هنا عند المداخن العملاقة وعلى ضفاف النهر وعند البحيرات العظمى .. يتقلب الجو بين مشمس وممطر .. وغيم وريح والناس يصيخون السمع لتداعيات حمَّى جديده تلوح في الأفق وتهدد بكارثة عالمية (حمَّى الخنازير) .. وتجري الأحتياطات .. وتوزع الأرشادات الصحية ويلقي المحاضرون ندوات ومؤتمرات في هذا الموضوع الشائك وتوزع المواقع الأكترونية الحكومية للناس ليتابعوا آخر اخبار هذا الوباء الذي أضيف إلى الكارثة الأقتصادية التي تدك قلاع وحصون مالية وشركات تأمين عملاقة .. تتساقط الواحدة تلو الأخرى وكأنها قارونات معاصرة خسفت بها وبأحمالها الأرض .. وفي هذه الأجواء امتلئت قاعة الأحتفالات الكبرى بمئات من العائلات والأفراد ومشائخ الدين والمعلمين وحفظت كتاب الله والشخصيات الأجتماعية والسياسية العربية والأمريكية البارزة وشخصيات حكومية .. وتوالت الخطابات فالمناسبة هامة والحدث كبير .. إنه الذكرى السبعين لتأسيس مسجد جنوب ديربورن .. المسجد الذي صلى فيه أبي .. وصلى فيه حسين الحنيني ومحمد وحسين جيلان ومحمد صالح عبد وصالح الحاج منصر والإستاذ أحمد سعيد حبيش .. وكثير من أبناء العروبة من اليمن ومصر وسوريا ولبنان والعراق والأردن والسودان وفلسطين وكل بقاع الأسلام على إتساعها وضخامة همومها .. المسجد الذي تخرج منه رجال سروا في أصقاع الدنيا دعاة إلى دين الله وفاتحين .. إنها مفارقة مدهشة وأية عظيمة .. هذا المسجد الذي كان صغيراً فتضاعف عدة مرات خلال سني عمره المديد والذي يقوم على نفقة رواده الكرماء والذي إزدهر وبرز دوره في الأونة الأخيرة وأصبح يظم المئات من الطلاب والطالبات الذين يتلقون فيه دروس العربية وحفظ كتاب الله.. ويحفل بأنشطة دينية واجتماعية وثقافية لا حصر لها .. يكبر هذا المسجد ويعلو ويزدهر في هذا الوقت الذي تتهاوى فيه تلك القلاع العظيمة والبنايات الشاهقة .. وتتزلزل الأرض من تحتها .. فتهوي إلى سحيق .. مفارقة عجيبة وحكمة إلهية أعجب..
وفي يوم الجمعة في نفس المكان ترى الناس ألوفا يتقاطرون من مناطق شتى ومن مختلف المصانع وأرباب العمل مصانع السيارات والمطاعم والفنادق والمخازن والمخابز وعمال الطرق ومنظفي السجاد ورافعي القمامات عرب وعجم سود وبيض وملونين قدموا ليؤدوا صلاة الجمعة وبعيد الصلاة تراهم يتحلقون جماعات جماعات يتناقشون في كل شيء الأزمة الأقتصادية وسوق العمالة والبطالة والتأمين الأجتماعي .. وشؤون الساعة والوحدة اليمنية والأخطار التي تتهددها والشخوص الذين برزوا من هاوية التاريخ ليخاطبوا الناس بلغة لم يعد الناس يفهمها .. لغة التشطير والعودة إلى نقطة الصفر بعد جيلين من الرجال شبوا ونموا وترعرعوا في كنف الوحدة المباركة .. ومن ناحية أخرى يتعالى صوت آخر ينصر الوحدة ولكنه يسعى إلى نصرة وطن الوحدة وإنسانها الذي بطش به الفساد حدا لم يعاد يطاق .. قال لي أحدهم نحن في حاجة إلى إبراهيم أخر يسأل ارباب الفساد " من أين لك هذا؟؟" قلت نعم نحن في حاجة إلى من يحاسب الذين سطوا على ممتلكات الشعب المتظور جوعا وسرقوا بسمته وفرحته بالوحدة التي كانت ولا زالت تسري في دماء الشعب الذي حرم منها زمنا طويلا بفعل أعداء الوحدة وعشاق الكراسي .. واليوم يكاد المفسدون في الأرض والمتباكين على الماضي الأسود أن يهووا بالوطن والأنسان إلى هاوية سحيقة ولا يهمهم أمر الناس الذين يبكون سلطة المتنفذين الذين يتعاملون مع الوطن كأنه مكسب ومغنم يحق لهم أن يتقاسموه بينهم وليذهب الناس إلى الجحيم .. كفى يا هؤلاء .. كفى

جِـــــنَّ الشـــــــرى
كانوا من الشرى وكان الزمن قحطا وشدة وبلاء .. فطاب لهم أن يسطوا على جرف جيده مخزن الحبوب المحصل من زكوات المحاصيل الزراعية ومن حظهم العاثر أن قُبظ عليهم وهم متلبسين بفعلتهم .. وزج بهم الحبس ولأن أمرهم كان مشهور في الوسط الحكومي فقد أحب الحاكم أن يختبرهم .. فجيئ بهم إليه وبعد أن إنفرد بهم قال لهم: سأطلق سراحكم على شرط ، اليوم مع الجنود ذبيحة وطعام كثير .. أريدكم أن تأتوني بطعامهم وبنادقهم شرط أن لا يعرفوا من انتم وان لا يتمكنوا من الأمساك بكـــــــم وعلي إطلاقكم .. هل تقبلوا الرهان؟ أجاب الجميع بنعم .. وانطلقوا .. أحدهم أمسك حجرا بيده وهوى بها على الجند وهم مشغولون بأمر الطعام فجاء الحجر كالصاعقة على ركن الحكومة وهيبتها ووقف ووجهه الذي يستره ببعض لحافه يتحداهم .. فانطلق جميع الجند في أثره يطاردون جني من شراء المدينة .. ومال رفاقه على الطعام والسلاح وحملوه هدية للحاكم الذي أستغرب السرعة في التنفيذ ومال وإياهم على الطعام وأطلق سراحهم ..




أنا وأنت أبناء بطن واحـــــــــــــد ووطن واحـــــــــــد ،، لكني أنقل الحلقة الثالثة عشر من قلعتي وقلعتك إلى الصفحة السادسه (يونيو) حزيران ولا أعلق ..

إن كنت قد قلت فقد صدقت .. سلام عليك .. يونيو - حزيران للذكرى .. للعبرة .. درس التاريخ ..شهر مليئ بالمناسبات .. والدروس والعبر .. حلوها ومرّها ..

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
الأستاذ الرائع المتألق
::
حبوب محمد
::

دائماً لحضوركَ رونقٌ خاص

ولكلماتك التي تعكس ذوقك الأدبي

وقع مُشجع..لكل نبضة حرف

لن تفيك عبارات الشكر الهزيلة ما ذكرت

لذا سأسطر التقدير الذي تستحق

حروفك من نار ونور

أوصل سلامي إلى قلبك

احترامي والود مني بحجم الود


ولك الشكر من كل حرف في زوايا الابداع الأدبي


لا عدمنا حضوركَ الألِق

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
بعد هالكلام كله لا يستطيع الانسان الا ان يعبر ويقول سلمت يداك على هذه الموضوع المميز

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
أميرنا كم انت مبدع نشتاق الى ماتكتب وتروي لنا ننتظر وفينا شوق لا تطول ايها الأمير ، لانخفيك نشكو من الفراغ أنت تعلم ألأ شغال في اليمن كم هي فقيرة والبلاد في اليمن ماهي شي مطيرة ، فما نرجو منك إلا أن توافينا بقصصك الجميلة صحيح الكمبيوتر في اليمن وفي جبن بطيئة ، لكن أحسن من ماشي ، دائم نقبل بالواقع والواقع إمه مريرة ..

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz

أكتفي بهذه المقتطفات الرائعه
لك شكري حتى ترضى.

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
لقد كانت كلماتك تعيد كل الاباء والاجداد الى ماضي مدينة الملوك (جبن) فهاهي الوالدة العزيزة تنتظر عودتي من العمل حتى اقراء عليها الرواية الخلابة الواقعية وتأكد لي ما تقولة وما اقراة عليها بقولها ( سقا الله ايام زمان وسقا الله جبن يوم كانت جبن ) فشكرا لك على كلماتك التي تكتب بما من ذهب وواصل امتاعنا بكلماتك المضيئة Idea وتقبل تحياتي وسلام الوالدة

عبد المجيد عبد الله الدرة

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz


ترى اين القصة (من قمة القلعة) مع التحية

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
الولد يوسف (يوم الخير) عبد الوهاب محمد الحاج بعد التحية .. إن كنتم أنتم من يعيدون نشر القصة في (الفيس بوك) فلكم التحية والإكبار .. إنما هناك بعض الأخطاء البسيطة جلها يكاد يكون في الإملاء .. فلو أنكم أتحتم لي فرصة تصحيحها بأن تعطوني هذه الصلاحية في إعداداتكم تكونوا مشكورين

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz
من قمة القلعه او شامخ القرين (١)
(اللألتحام بزمن الســـــــــــــــحر)




منذ زمن بعيد هجر الوطن وصوب وجهه نحو البحر .. هكذ شأنه شأن كثير من اقرانه الذين لايكفون عن الحلم بزمن اخر وحياة اكثر كرامه..لك الله ياصابر ..
للشمس لون اخر في مستقره النائي طرزته من هبوب الرياح وموجات البحر العاتيه واحلام الماهجرين والمنتزعين من اصقاع الأرض الى هذا البرد..لك الله يا صابر وأنت تستعيد ذكرياتك وتحلم بيوم العودة من الحلم الى ثنايا عالمك الذي ما برح يسكنك او انت تسكنه.. كلاكما ليس في مقدوره سلخ ذاته عن الأخر

ها أنت والليلة وعصف الريح وسماء ليس فيها قمرك وزمهريرا من برد وعطش للد فء تمضي بك الذكريات تحلق من شامخ القلعه في الصباح الباكر .. ديكه تنفش ريشها وتتنافس بينها رافعة اصواتها لتنبيه الناس بتباشير شروق يوم جديد .. صوت المؤذن يرتفع من الجهات الأربع..اصوات الحطاب تتداعى مختلطة بأواب تفتح وخطى المندفعين لتلبية نداء صلاة الفجر

من قمة القلعه او من شامخ القرين يتناهى الى سمعه قرأنا يتلى من مئات البيوت بعيد انقضاء الصلاه ... يلمح نفسه وهو ينسل من المنزل في طريقه الى المكتب " المعلامة " ثم فجأه يغير وجهته نحو الماء .. بير الأحواض بمجلابيها والأثوار الأربعة في كلا طرفيها تتباها وتستبق في رفع الماء الى الجامع ومدرسة العامريه "ساقيه" تمتد من حافة البئر الى الجامع الكبير واخرى ترتفع على الحافة سبعة امتار او يزيد ليجرى الماء على مستوى ارتفاع الأحواض في مسجد العامرية في فن معماري طاهري يسحر الألباب أخذني هذا السحر وسرت اجري مع الماء المندفع رقراقا في نشوة لااستطيع وصفها وبعد ساعات من اللهو والسباحه وهربا من سوط الحاج مسعد عميان طيب الله ثراه ثم هربا من سوط عبد الحفيظ او الحاج عبدالله القفري رحمة الله تغشاهما اجمعين اندفع الى مسجد بيحان ليتواصل المرح واللعب كان الماء آسن قد تغير لونه وتغطى بالطحلب فاندفعت سيرا فوق ساقية المسجد الممتده الى بير بيحان القريبه نزلت البئر وتمتعت بحمام بارد الى ان صاح احدهم الفقيه .. الفقيه .. وليت مسرعا قبل ان يلسعني السوط ونصحني صاحبي ان نذهب سويا الى مسجد واصل في الشرى اندفعنا عراه نحمل ملابسنا وكيس المصحف " واللوح " وماكدنا نستقر في محيط المسجد حتى طلع علينا رجل طويل يمسك في يده عصى دقيقه (خيزرانه) وصاح بنا " هيا ويش قد جيتوا تصلحوا يا جهال.. ما رضيتوا تحلوا " وهوب الى مسجد الرباط فقد فاجئنا موسى حسين واصل - رحمه الله وأكرم مثواه - بلسعات الخيزرانه وكأنه كان ينتظر قدومنا ليلقننا درسا لا ننساه .. في مسجد الرباط اخذنا راحتنا كامله .. الوالد حسين الحنيني مزارع متعلق بالارض، وفي مثل هذا الوقت من النهار لابد له ان يكون في مزارعه فى حضرة (أمي قمر) رحمة الله تغشاها وللذين لا يعرفون هذه المرأه .. هي الماء العذب الذي يسقي الحطاب وعابري السبيل من والى عزلة الضبيانيه والرعيان والأشقياء مثلنا الذين لايكفون عن البحث عن مواطن للعب والمرح في بطن الحمه والمرار او ثنايا دامن ..

في صباح اليوم التالي وهو الخميس موعد قدوم سيدنا عبدالستار الكولي من نعوة الى" المعلامه" "المكتب" .. المدرسه فى حضرة سيدنا قاسم المريسي رحمة الله تغشاهم اجمعين -المهم- اليوم استثنائي وتسميع .. وفلكه..

سيدنا قاسم ارسل مجموعات من اشرس التلاميذ لأحضار المتمردين على المدرسه امثالي ووزعهم على الجهات الأربع للمدينه.. وقبل ان انهض من فراشي .. صاحت اختى " يا جلك ..ها قد جو يجحبوك.............



من قمـــة القلعــــة او شـــــامخ القريـــن (2)


أخذ نفسا عميقا من هواء عليل يقبل وجهه وينعش الحياة من حوله .. من هذا المكان الشاهق الذي تعانق فيه مع ذكرياته القى نظرة على الحياه التي دبت سريعا في ما تحته من وجود. الأصوات المتداعيه للعمل ..الحمير التي تنقل روث البهائم الى الحقول.. فرق الغنم التي تنتفض من زرائبها استعدادا ليوم جديد ورحله جديده الى المراعي، المطابخ في اعالي البيوت يندفع منها دخان الأحطاب المعطر بالشــث والعوسج والبكا والعناص والدمع..مصحوبا برائحة الخبز والسمن البلدي الذي استخلص منه فطور تميزبه المطبخ الجبني كالمعصوب والسبايا وبنت الصحن وفطائر الذره الصفراء والذره الرفيعه الممزوجه بالسمن واللبن الرائب .. ها هي النسوة تتداعى الى الحقول وكلا منهن تحمل على رأسها منضده فيها "صبوح البتول وفي يدها منجل القهوه" الأبقار تتوجه زرافات هي الأخرى الى المراعي والمروج ..

في هذه الزحمة الأسره التي عجت بها المدينه منذ لحظات الفجر الأولى .. شاهد نفسه ينسل من ثقب اونافذة من منتصف البيت وينطلق كالسهم في اتجاه المروج .. وخلفه تنطلق كالسهام كوكبة .. وحده مدرسيه مهمتها الرسميه اعادة التلاميذ الفارين من المعلامه .. المكتب.. المدرسه اعادتهم قهرا ليواجهوا الجزاء المحتوم..وقد كان على بينه من نفسه ويعلم المصير الذي ينتظره .. دفعه ذلك لأن يطلق لرجليه الريح ويسبق الطير في اتجاه وادي السعد .. اشجار العظرب والقصاص والعوسج وشجيرات الحرمل والريحان والراء والحسك والرهب وعنب الذيب والنقم والقرض واشجار التين البري حجبته عن مطارديه في غول بني جيلان ليلتف ثانية عبر السيله نحو الحضاير..وهناك اعلنت نتيجة المطارده وعودة المطاردين بخفي حني " هجمك ياراس الغول من سيدنا قاسم " قالها في نفسه بشماته وهو يحس بنشوة الانتصار فى هذه المطارده الشرسه .. والحضاير كأسمها هي بمثابة بقاله طبيعية وشامله تحصل فيها على كل مايحتاجه مطبخك من بقول وحبوب وادويه نباتيه وفواكه في موسم الصيف وخضروات على مدار العام.

جلس تحت شجرة تين وفي يده حزمة كراث .. اخرج من جيبه اول قلم حبر يمتلكه كان قد اشتراه بنصف الثمن "بقشتين ونص" من محمد صالح محمد عبدالله - رحمه الله- بعيد مجيئه من كينيا..رسم بعض الخطوط في يده واستمر في تناول الكراث .. استراح لاصوات المغردين وهم يقوموا بسقاية المحاصيل من بـئـرين كان الماء يوضع من احداهما في حوض ليتسرب من ساقيه معلقه فوق جسر يمتد الى غول الحمري والقضاه "بني دربه" سحر الماء ليس له قدرة على مقاومته فسار يرقبه وهو يجري في السائلة وفوق الجسر يقطع سيلة دامن الى الضفه الأخرى ليروي القمح النيساني الذي اشتهر به هذا الغول. وتحت الجسر ادهشه سحر الطبيعه في سيلة دامن رمل ذهبي وفضي تشكل بفعل عوامل التعريه من رياح وامطار وجاء مع السيول من كل مفصل من مفاصل شامخ دامن .. السيله غابه من اشجار لا حصر لها وازهار ونحل وطيور بكل الألوان ورائحة النعناع والرياحين ومصيص الطيور والطبيعه الخلابه تنبعث وتنتشر في الهواء الطلق المنعش والنقي ومياه عذبة تتلوى كثعابين راقصة في المنحدر العميق تمضي لتلقي بالتحيه على الشجرة المعمره المشهوره با سم "خمعة أرنــب" واشجار التيــن الممتده على حافة السيله .. تطبع الاف القبل على سهول الســـعد الممتده الى مزارع بير القصــه وتتعانق في حب ابدي مع بقايا سيول الرحب القادمه من اعلى الوادي وتمضي مجتازة وادي الحنكه لتلتقي مع كل تفرعات وديان الخير في القيد الجاهلي وعـدنـه الى بـناء .. الى أبين .. الى بحر العرب ..

وتحت الخمعة العتيده استلقى ليأخذ قسطا من الراحه واخذت يده تلعب في الرمل تشكل بيت الغراب ومزارع وابار واشياء اخرى لاتحسنها اللا اصابع الاطفال.. ومن ثم خطر على باله ان يدخل في ثنايا الشجره العملاقه بحثا عن هذا الأرنــب السعيد الذي يملك هذه الشجره العملاقه.. قالت له الصغيره راعية الأبقار وحارسة الوادي "الارنب معه بيت في الفارده .. وفي الصباح ينزل بير الصنـــاع يشرب ويوكل له سبوله من الوادي حق بني الصواف او بني شريف اوبني عميان.. أما هانا ما يجزم مني .. شارجمه بالوضف"

في طريق العوده سارعبرالمدخل الغربي للمدينه هابته قبور الأموات فاطلق رجليه للريح نحو المطحاسه اسفل الجبانه واستدرك انه يمضي في الطريق المؤدي الى المدرسه فغير وجهته نحو داوود.. من ثم الى السعيدي في بطن القرين..بركة مــاء استمتع فيها بعض الوقت مع مجموعه من "الفرار" الهاربين من التسميع .. تملكه احساس شديد بالجوع فانطلق نحو البيت لتستقبله أخته بصوت فيه من الخوف ما لم تقدر على كتمانه .. صرخت فيه "هجمك (بضم الهاء) ..قد مكنوا لك عسكري"


من قمة القلعــة أو شامــخ القــريــن " الألتحام بزمن السحر" 3

[قلت لكم انني ساتناهى في الأزمنة التي تحلق في سماواتي كالنجوم كحبات الكمثري كالفاكهة كالتين كحبيبات الرمان .. كا لبنفسج كالياسمين ..كعقد فل اوكالرياحين تسبح في فضائاتي اللامتناهيه .. انتقي منها الأقرب الى الدهشه والسحر..الأدنى الى القلب المثقل بنبض الحياة الزاخره.. وإذ اطل عليها والقرين من هذه القمة الشاهقه اختلس النظر الى سيدتي .. الى من كنت بعضها ولم ازل بعضها مبعثرا في قلب أمـــــي .. لكنني .. استسمحكم ان تتريثوا ..امنحوني بعض الوقت حتى اتهيأ ..إذ لايمكنني ان
اٌ تي على سيرتها من هذا العلو ..دعوني اترجل عن صهوة هذ الجبل المطمئن وامضي متأبطا القرين ومتكئا القلعه ومندفعا نحوها ..كزخات المطر تتفلت من سحابة حبلى دون رعود.. سيولا تتدفق من ساقية "الصراري"

والصراري "ماجــل".. ســــد مثله مثل الاف السدود التي حفرها في الصخر وفي بطون الجبال رجالا كانوا يصنعون تاريخا ووقفات فاصله.. لكن مايميز الصراري هو هذا الاتساع العظيم ..فالمياه التي كان يستوعبها كانت مع ماجل "صعبه" شرق القرين "والسيعيدي" شمال غربي القرين تمد القسم الأكبر من المدينه بما يحتاجه من مياه الشرب لعام كامل ..ما يميز الصراري بالاضافه الى اتساعه هو فتحته التي هي من الصغر بحيث لا تكاد تصدق ان هذ الخزان العظيم والذي يمتد تحت سقف جبل القرين لأكثر من خمسين مترا قد تم حفره من هذا الثغر الباسم لكن سرعان ماتدرك الحكمةمن هذا الأمر عندما تتذوق الماء كرعا..عذبا..زلالا من راحتيه..

وعلى ضيق هذه الفتحه احتشدت نسوة بالعشرات يقمن برفع الماء من الصراري ويملئن به اوعيتهن البسيطه المكونه من صفائح البنزين او اوعية مصنوعه باتقان شديد من جلد الماعز "غرب " .. لفت نظري منهن جميعا امرأة ذات مهابه لايمكنك اللا ان تميزها رغم انتفاخ بطنها وعلامات الأعياء التي تعاني منها ولاتكاد تبين..هي ام زوجتي التي لم تأتي بعد ..وهذه المساحه التي تشكل الأنتفاخ الذي اثقلها يرقد فيه امرأة ستكون اما لأولادي .. قدمت لي وعاء الماء لأشرب منه وكأنها تسقي الدنيا ..وعندما شكرتها على صنيعها الطيب تحرك الجنين وانتفض! حتى كادت المسكينه تفقد توازنها ..اتكـــأت على احدى النسوه والقت بأوعيتها جانبا ومضت باتجاه البيت اسفل الجبل..قيل لي فيما بعد ان طفلة كالقمر قد اقبلت على الدنيا تملؤها الحياة..

وفي البيت في ساحته حيثما كان الأولاد يمارسون شقاواتهم ولايكفون رأيت إبني رأيتني واقبل علي او اقبلت عليه ..توحدت مع طفولتي ومضيت نحو امـــــي.

في خلوتها ساجدة لله كانت أمــــــــي تصلي المغرب..اختي الصغيره تحبو على اربع وتملء الدنيا ضجيجا والكبيرة كانت هي الأخرى تصلى فأقبلت على الصلاه معهم لكن أمي وبختني لانني لم أصلي في المسجد ولان الصلاه في المسجد بسبعين صلاه..

جلسنا معها وهي تدعو بدعاء بعد الصلاه وتنتظر سماع المؤذن يدعو لصلاة العشاء .. طلبت منا ان ندعو للوالد الذي قالت لنا " انه سار البحر يشقى علينا " قالت لنا ايضا اذا صعدتوا سطح المنزل في الليل الأظلم ادعو لبوكم .. قولوا: يالله ابوي .. وادعو ان الله يرزقه ويوفقه ويهديه ويدله ويجنبه عيال وبنات الحرام ويفتح له باب ما عليه بواب..

بعد الصلاة قدمت لنا وجبة العشاء فطائر الذره مخلوطه بالدجر واللبن الرائب والسمن وبعض القهوة والماء .. وبعد ان فرشت لنا لننام تحلقنا حولها واقبلنا على ركبتيها نقبلها لتروي علينا بعض " محازيها " قالت اختي: محزاة "الطناني" وللا محزاة " الفساسه" وطلبت انا محزاة

"العنقـــاء"..وبدأت امي في سرد محبب لرواياتها " جلس واحد ما واحد اللا الله من عليه ذنب قال استغفرالله..............................

تنام أمـــي احيانا وهي تسرد علينا مثل هذه المحازي والقصص الجميله فننهال عليها نقبلها ونحاول ايقاضها .. فإذا ما قامت ســـألتنا وين قد كنا..لتواصل من هناك حتى تنام مرة اخرى فقد كان يومها كله شقاء وعمل مضني منذ الفجر الأول ...ولأمي أخت غير شقيقه تزورنا في كثير من الأحيان وفي المساء نتحلق حولها ونستمع اليها وهي تروي علينا قصص من سيرة الرسول الكريم عليه افضل الصلاة وأزكى الســـلام وبعض القصص من التاريخ الأسلامي فقد كانت من بيت ديـــن وعلم.


ما كادت اختي تنتهي من عبارتها بكلمة عسكري حتى كنت قد تهيئت لركوب الريح والأنسياب مع المستحيل.. لاكن أمي ظهرت في الوقت المناسب وأمسكت بيدي وأخذت تعدد لي ممارساتي الخاطئه .. هارب من المعلامه .. اشتكى عليك عميان وعبدالحفيظ والفقيه وواصل وصالح عبدالله شريان والحنيني وبني ناصر يحي ..والله أعلم من عاد شايشتكي بك .. ذلحين هيا معي لاعند سيدنا قاسم قبل ما يرجع العسكري من صلاة الظهر.. الله يسامحك كشفتني......

بعد دقائق كنا عند سيدنا قاسم في بيته المتواضع شمال الجامع الكبير وكان يهيئ نفسه لتناول وجبة الغداء بعد عودته للتو من صلاة الظهر دعته امي الى الخارج وشكت له قلت حيلتها ماديا ومعنويا مع العسكري الذي نفذ علي وطلبت منه ان يعفو عني وهي مستعده كل يوم توصلني الى المكتب.. العسكري الأن انظم اليهم بعد ان ذهب الى البيت ولم يجد احــدا هناك .. سيدنا قاسم الأن تحول الى مستميت في الدفاع عني في اصرار العسكري على الأجره.. بعد ان طلب من امي العوده الى البيت .. سرنا ثلاثتنا باتجاه الحكومه مبنى عظيم حينها من اربعة طوابق في اسفله من الناحيه الغربيه يقع السجن الى هناك كان العسكري يدفعني .."الاجره حقي والله مايفلت اللا بالأجره وإذا قيدوه ماشا يخرج اللا بالأجره والرسامه"


من قمة القلعه أو شامــخ القــريــن " الألتحام بزمن الســــحر" 4
الصوره خارج زمن السحر

دعوني أتفلت من هذه اللحظة التي أثقلت كاهل أمي وأنسل منها في هدوء.. إلى حيث أنتم .. دعوني اصحبكم في صقيع الحياة .. لماذا تتفلت الأفاق من أفاقها ..لماذا تصير الجبال الأشم جليدا تذوب على مهل في مصارعها النائية؟ كيف وهذا السفر المنهمر سيولا هناك .. مطرا حمضيا هنا ..ورماد..

يتزاحم الزمن في اللانهايات ويحلو للمسافات أن تتغامز منه في زاوية الحب ليختارمنها حذاء ينتعله إتقاء الجمر.. وعصا للمفاجئات ..ومظلة لانهمار المطر .. ونورسا حاذقا لطي الســـــفر..

وفي هذه اللحظة من الوجد والأنسجام المعطر ببخور المراجل..وسحابات بغير مطر من تبغكم يسرق منكم فرصا من نور لم تغتنموها ولوانكم قد فعلتم لاكتســـــــت الجبال الأشم بخضرتها وأزهرت وديان وتبرعمت ثمار وانهمر مطر.. لكنما انتم كما أول حيد تدحرج او دحرج من عليائه إقتفيتم الخطى بلا هدف واضح في غياب الماضي وغياب الحاضر والمستقبل .. ويالهول هذا المنقلب .. وياأجيالا من وجع .. يا أنتم..كيف تتسامرون في وجع الليل والنور يحاصركم من شتى زواياكم .. كيف وأنتم إن يممتم شرقا تتباهون في حضرة سيدتي بسترة من ثلج تنساح في أول الظهيره ويحل البرد (والبنكنوت) يتلاشى شيئا فشيئا عنكم في كل لحظة في خيلائكم وزهوكـــم إشباعا لغرائز شتى .. فأين نور الله الذي علم أدم الأسماء ..وعلم الأنسان مالم يعلم.. كيف أنكم ياأنا تتفلت السويعات من أعماركم وجيوش الشيخوخه المبكره تغزوكم وأنتم لازلتم عطشى والماء يحاصركم من كل أنحائكم .. فلم العطش؟ إغترفوا الماء زلالا واشربوا هنيئا مريئا.. هذا النبع الصافي كان قد ورثه لكم الأول .. فجعلتوا منه أثاثا تزينوا به مكاتبكم وخلفية فنيه ترمز إلى حجم الترف والأبهه .. وتاريخا وأمجاد وأشياء اخر.. لكن الأخر عندما تذوق النبع أدرك الحكمة فأخذ بها ونهض من هناك فأدرك النجوم..


الصورة في جانبها المشــــرق

يخرج المصلون لصلاة الفجر في صباح من صقيع وريح وثلج وبرد في النصف الأخر من الكرة الأرضيه على ضفاف البحيرات العظمى .. وعند النهر والمداخن العملاقه لمصانع سيارات فورد.

وأنت تمضي إلى المسجد .. المساجد .. في هذه الساعة البارده من صباح النوارس تلمح عيناك جموع الطلاب والطالبات جماعات على حافتي الطريق في انتظار الحافلات المدرسية المخصصه لنقلهم الى مدارسهم .. الملفت للأنتباه أن الطالبات يتجمعن في مواقف والطلاب في مواقف اخرى رغم أن نفس الحافلات هي التي ستحملهم ونفس الفصول المدرسيه هي التي ستجمعهم ليتلقوا فيها العلم .. وبعيد صلاة الفجر ترى الأمهات بثياب الحشمة يرافقن فلذات أكبادهن إلى مدارسهم في حرص وحذر شديد فلا يرجعن الا وقد تأكدن إلى أن مايأكله ويشربه حلالا وما يمارسه من العاب وهوايات هو الأخرمما يجيزه الشرع في مغرب الأرض.. من ربى هؤلاء جميعا على أخلاق الأسلام العظيم .. إنه الجيل الجديد من الأمهات اللواتي تربين على أخلاق الدين الحنيف وقيم العروبة التي قامت عليه وعليها أمة وصلت بمجدها إلى أطراف الأرض .. إنهن الفاتحات الجدد اللواتي يؤسسن اليوم في القاره الامريكيه لمجتمع الحشمة والتقوى وينظرن بعين الأحتقار والهوان لقيم التعري والأبتذال إشباعا للغرائز الحيوانيه ..فتحية لك ايتها الأم .. يا إمرأة في شموخ نخلة المجدليه .. أيتها السيدة التي جيئ بها في زمن من عسرة وضيق عيش وحياه .. أنحني لك وأنتي تؤسسين لقيم ينظر اليها الجهله والمنحلون بريبة ويوصمونها بالتطرف ‘ فيما عقلاء الناس تدهشهم وتسلب لبهم ويتخيلون المستقبل وقد أصبح للمرأة فيه حريتها وكرامتها وعفتها .. وانتزع لها الأسلام حقها في الحياه الكريمة دونما مهانة أو إبتذال

لك الله ياصابر.. وخطاك متعثرة في الثلج وقلبك ينبض شمســـا من دفء وقمرا من حــب والليلة قد سرقتك من مسائاتك التي غادرتك في ثنايا الأزمنه تلاحقها في شطئان الفيروز وقيعان اللئالىئ وحدائق المرجان والعنبر حلما يتقطر من ثنايا الليل .. سرى الليل والصباحات الجميله على مشارف القلب المتعب بحب الأرض والزمان دخان .. سرى الليل والأشواق المتعثره تلازم الحلم فلا هو غادرها ولا هي تغادره الى الليلة التاليه .. تظل القلعة على صمتها تحدث عن أزمنة من فرح .. ورجال من بروق ورعود ومطر .. وأرض تحتضن المحراث والمعول والبذور فيعم الخير وتلبس الأرض حلتها بهية كقلب أمي ..في إمتداد لانهائي للخضرة .. في أفق سماوي بهيج.. تحيطها الجبال إحاطة السور بالمعصم لتحميها من غوائل الزمـن وعادياته.. فإن أنت شرقت القى عليك التحية دامــن ومدك بماء وضل وطين..وإن رمت من بهاء الصورة الغرب رمقتك السوداء بلسعة من حب وتيه وغامزتك المصنعه من جنوب الغرب والمقرانه من شمال الغرب .. في تلميح ألى أزمنة من مجد .. وإن أنت رمـت القبله " شمالا" رأيت الفضيه والعر
شي والحواته في عناق سرمدي يفضي ألى أفق في سعة الأمل ..وإذا إتجهت بخافقيك العدن "جنوبا" فستلمح ظــبي ناصر سفيان يحطم كل الأرقام في القفز العالي من قمة الشيم الى اليراعه فالقببي فحرد الى تنحــــم الغناء فالفارده فالقرين .. قال عمك ناصر سفيان لصالح سعيد " شوف ياصالح اخوي كيف شا يطمر ذلحين من القرين لا القلعه .." ورفع أخر لقمة من أنية الطعام وهوى بها الى فمه ولما رأى صالح سعيد ماحل بالطعام من مصيبه نظر إليه وقال له " ايوه يابوي .. أيوه لا يطمر( صلى الدونه) لم تكن"العصيده" كافيه ليستعرض الظبي السفياني مهاراته فوق مالا والحمه وثمد وقرعد فاكتفى بأن أخذ قسطا من الراحه فوق جسر حسين محسن...!!


من قمـــة القلعـــــة أو شــــامخ القـــــريــــن "الإلتحام بزمن السحـــر" (5)

وأذ تركب خطوك وتمضي بها أو هي تمضٍ بٍك لتنأى بعيــــداَ .. بعيــــداَ .. تغوص المنى بحراَ من نسمات الصِبــا سرَها أن تراك.. وترى منهـــا ما بدى من رؤاك .. خالجتك الحقيقة خوفـــــــا فانطلقت مشرئبا في صباك.. فإن أنت أرسيت سفائن إبحارك لتبقى هناك .. لحضات أخر.. فهذا مناها وذاك مناك .. لكأنما صوت الحياة الأول نادى من هول فاجعة الحياة .. فسِر الهوينــــــا نحوها واغمر نقائـــك في صفــــــــــــــــــــــاك
لم تغادرنا أمي وتمضي إلى البيت لتكمل ماتبقى عليها من واجبات يوم شارف على نهايته .. لكنها عرجت على جميله العرجا - رحمها الله وأسكنها فسيح جناته - في وسط بيحان تترجاها أن تتوجه إلى الحكومه لترى مالذي حل بي ولتعمل مافي وسعها لعودتي إلى البيت .. وجميلة العرجاء معمرة من معمرات جبن كانت تلبس ثياب الرجال وتتزيا بزيهم وتتمنطق بجنبيه في وسطها وتزاول عمل وكيل الشريعة حيث يستعين بها وبغيرها البعض ممن لا حيله لهم أو المزارعين الذين يعتدى على ممتلكاتهم وليس في أوقاتهم متســـع للذهاب الى الدوائر الرسميه للدفاع عن حقوقهم وإستعادة ممتلكاتهم وكانت حينها تسكن في غرفه بباب خارجي في أسفل بيت علي ويس .. وقد كنت أخشى هذه المرأة في صوتها الجهوري عالي النبرات الذي ليس له علاقه من قريب أوبعيد بأصوات النساء ولقسوتها .. إذ أنها لم تكن تميل إلى الأطفال فقد كانت تنهرنا بشده عندما كنا نلعب في المحيط الذي تسكن فيه .. عند بيوت المشاعره وأل الهراش وحميدي والحنيني وحنش وأل جوبع والصريمي والعوبلي وبني جيلان وبالقرب من بيت شريف صالح وبيت صالح جوبع وبيت الجبري وفي ضفاف بيت عيسى وبيت ناصر سالم وعبدالله عامر في مواجهة بيت السراكله وعلي ويس عند الطاحونين .. طاحون مثنى ناصر وطاحون أحمد موسى الجبري (الجــد) ودكان عبده العسكري وبيت حسن العبد وعميان والزعل وعمر موسى أمام مسجد بيحان ومحدادة واصل وبيت المسيكي والبقالين والفقيه والقروي وصالح الحاج وعطبه ورحمة العمياء والرئيس وامي حليمه وامي جمالة الشارعـه ومعصرتي رابح والحمري للزيوت الطبيعيه ودكان حسن القشيبي.. (رحم الله كل من قد توفاهم الله من كل هؤلاء) تلك كانت مدينة العابنا التي نبتكرها مما تجودبه بيئتنا من خامات بديعه ومتكررة ولا تكلف الأباء أي شيئ يذكر فيما كانت هذه الألعاب تنمي عندنا حواس التذوق والتخيل والإبتكار.. وفي ساحتنا هذه التي تربعنا عرشها ومارسنا فيها شتى انواع الألعاب التى كانت تتغير بتغير الفصول كلعبة أزرار القمصان والأهواك والخرز (الدفين) (حيث تشاهدنا نجلس جماعات عند الرمل يقوم فيها أحدنا بدس زرار قميص بين كومة من الرمل بين راحتيه ثم يقوم بتوزيعها الى مجموعه من الحفن الرمليه واحده منها فقط تحتوي على الزرار وكل من اللاعبين يختار له حفنة منها ومن وجد الزر في حفنته فاز بالرهان.. وفي زمن هذه اللعبه لا تستغرب ان تلمح كثير من الأباء يذهبون إلى التسوق بقمصان لا أزرار لها!) القواله, البربره, أعواد الكبريت, السيارات الحجريه, السيارات الكرتونيه, الطيارات المصنعه من احلاس الذره وأشواك الطلح وبعض الأوراق.. الصاج حيث ترسم مربعات على الأرض بالفحم وتملأ بالحصى من لونين مختلفين وتلعب كالشطرنج .. اجمل أللألعاب على الإطلاق كان بعيد سقوط الأمطار فقد كانت الســائله التي تشق طريقها من مسجد الرباط عبر هذا الوسط السكني الذي سبق ذكره أو بعضه تمدنا وهي في طريقها لإرواء الحميري بكلما نحتاجه من رمل نقي وحصي من مختلف الأحجاروالألوان بما فيها (القوقح) خام العقيق بمختلف ألوانه وأحجامه.. نشكل من كل ذلك مع ما يحيطنا من غابات المنج والحرمل والحشائش والأزهار البريه وسوى ذلك كثير مما قد تقدم ذكره، نشكل من كل ذلك, بيوتا ومزارع وأحواش وطرقات ودروب تفظي إلى مناطق ساحره تسكن منا الحلم.
في محيط الحكومه وعند باب الحبس.. مضى سيدنا قاسم في مشاده كلاميه مع العسكري ومن تواجد من مسؤلين فيما كنت أنا مشدودا إلى القلعة التي انتصبت أمامي وهي تبسم عن ثغر حاني تشمخ بالمنازل التي تتسلقها يعانق بعضهابعضا وكأنها خلية واحده مثلها مثل معظم منازل ذلك الزمن البديع وفي خاصرة القلعه شمخت قصور ودور عاليه بارتفاعات شاهقه زادت القلعة بهاء ورونقا وشموخا .. تتقدم القلعة نحوي تمد ذراعيها في سعة الحلم الذي يسكننى .. المح الطريق الذي يتلوى في خيلاء في وسطها ويمضي نحو قمتها وألمح موكبا مهيبا ينحدر من قمتها في طريق حلزوني يمضي به السير نحو الأسفل .. من أي قمة تأتي هذه القمة .. هل عامر هذا .. أم أي طاهر..يترجل عن صهوة فرســه في حضرة طفل خائف تائه في دروب السحر والألق عند البدايات حيث منابع الصفاء نقية لم يخالطها دمامات ولوثات بعد .. يمضي متناهيا في رعشة طفل ويمده بالدفئ والحياة..
قطع علي العسكري تأملاتي وهو يجرني من يدي وينادي على زميل له سماه الشاويش أن يظرب لي قيد " لوما يدوا إجرتي" الرجل كان مشغول لديه الكثير من الذين ينتظرون الدور لتوظع القيود على أقدامهم .. جماعه من الأطفال كانوا يسبحون في بير اللموث الجديده في السعــد -حينها- أصيب أحدهم في ساقه إصابه بالغه فجيئ بجميع من كان قد شارك في السباحه أثناء الحادث وزج بهم الحبس ...والمصاب كان ضيف الله علي ضيف الله الضبياني حيث ضل معاقا لمده تزيد على ثلاثه أشهر .. وكان في الحبس أيضا مجموعه من الرهائن من حجاج والضبيانيه في زمن داحس والغبراء..أو حرب البسوس التي دامت زمنا.. في فجر أيلول.. وحصدت الكثير من ارواح الأبرياء .. وبينما كنت أنا أنتظر دوري وجسمي يرتعش من الخوف والجوع والبرد لمحت سيدنا قاسم قادما وبجانبه جميله العرجاء في يدها مظلة بيضاء ترفعها فوق رأسها لتقيها حرً الشمس وباكوره في اليد الأخرى تتكيئ عليها من عاديات الزمن .. وعن يمين سيدنا قاسم يتقدم نحونا رجل مهيب قامته عاليه وله طلعة بهيه يلبس معطفا طويلا ويتمنطق جنبيه معكوفه بيده اليسرى مسبحة حباتها بلوريه وفي اليمنى عصى (باكوره) .. حسبته ملكا أو أميرا من ملوك وأمراء القصص التي كانت ترويها أمي في أمسيات من دهشة وسحر .. أومأ له سيدنا قاسم إليَ ثم أشار إلى العسكري ..تقــدم إلى العسكري أولا وأخذ بيده وصار يحدثه وهو يقترب ناحيتي والرجل صامتا لاينبس ببنت شفه .. أخيرا قال الرجل "والأجره حقي ياشيخ صالح .. من الصباح ماخليت عليه مكان .. لا صبوح ولا غدى ولا قات .." أدخل الوالد الشيخ صالح مجلي رحمة الله تغشاه يده في جيبه وأخرج قطعه فضيه من فئة الربع ريال وقدمها للعسكري قائلا له: "خذ هذا وسر مخبازة عمك صالح تغدى .. إلحق نفسك قبل مايخلصوا عليك الغدى.." ثم إقترب من دهشتي..وقد إجتمع علي البرد والجوع والخوف رغم الشمس وحرارتها في هذه الساعة من بعد ظهيرة ذلك اليوم من صباح العصافير..وامتدت يدا من ندى نحوي .. لتلمسني بحنان من أذني ..وقرصها قليلا وهو يهمس فيها "لاشوفك مره ثانيه هانا .. إذا زرت المكتب وانته غير موجود هناك .. أنا الذي شا إديك بنفسي الحبس" ثم وفي دهشتي أخرج من جيب معطفه بقشــه (البقشه جزء من أربعين جزء من الريال) وقدمها لي وهو يربت على رأسي ومضى.. واسمحوا لي إذاما استطردت قليلا في الحديث عن الرجل فقد كان حبيـــب الأطفال وكان وهويمر في طريقه يملأ جيوبه بالحلوى - النعناع والشكليت والمليم - وكلما صادفه أحد الأطفال قدم له بعضا مما في جيبه .. ليس ذلك وحسب بل كنا نذهب اليه ليكتب لنا في تواضع جــم خطابات نلقيها في أعياد الثورة المجيدة.. رحم الله الشيخ صالح مجلي ورحم الله كل الذين كانوا على شاكلته في ذلك الزمان الجميل وقد كانوا كثر..


مــن قمة القلعــــــــــــة أو شــــــامخ القــــــــــريــــــــــن "الإلتحام بزمن ......"(6)

الصباح الجميل يطل من نافذة المنزل أو من نافذة الكون ويلقي بتحيته نسيمات صبا تلفح الوجود
بإشراقة يوم جديد .. شهقة حياة تغمر كينونتي .. ألمح أمي مشرقة في ثوب الصلاة ناصع البياض كقلبها ..تحرك أصابعها الطاهرة تسبيحا .. وبين الفينة والفينة تنادي علينا لنقوم لصلاة الفجر .. ووجدتني أنتزع نفسي من تحت الفراش وأحملها معي إلى الرباط وهي تمانع وتعتذر بالبرد والريح ودفء الفراش .. بركة الوضؤ في الرباط كانت مكتظة في هذا الصباح بجماعة تتحدى الصقيع وتغمر كامل أجسامها في الماء البارد: صالح عمر .. موسى الدبيشـــي ..عبد أحمد .. عبد القادر الصريمي .. مسعد جيلان وأحمد صالح واصل ومحمد الوادعي رحمة الله تغشاهم أجمعين ومنهم أيضا محمد البصير وقاسم جيلان أطال الله في أعمارهم.. صلينا الفجر الصلاة الثانية بعد الصلاة الأولى التي أنتهت للتو وقد أمنا فيها الوالد أحمد علي القاضي رحمه الله وغفر له وكان رجلا مهيبا لا تراه إلا على ظهر حماره الذي الجمه ووضع على رقبته جرسا صغيرا ليحذر الصغار كي لا تطأهم حوافر حماره القوية.
سيدتي تـأخذني من يدي أو من شغائف نفسي في هذا الصباح الباكر .. تحملني كسحابة خير تحمل الحب في قلبها وتغامز الأرض ومضات شوق يفرح لها الطير في أعشاشه ونملة في جحرها وفراشة في كونها البديع .. يسري الصباح وغيمة وطلَ وندى ورشاش تحمله نسمات تمازح الحياة والثمار في اكمامها .. وإذ تجد السير في إشراقها قالت أمي غيوم .. قلت في برائة الأطفال مطر ..لاكنها إستمرت في سيرها برغم كل شيئ وأمام أحد البيوت توقفت أمي .. إشتد إنهمار المطر وطفلة صغيرة تلاعب فم البقرة بحلس مكسو بشجر وبعض قضب .. وأمها تنادي على أختها الكبرى .. الكنان ..الكنان .. وتحمل وعاء الحليب والصغيرة والبقرة من خزامها وتلج بها إلى الداخل .. وإذ تلمحنا ينفلق الباب مرحبا .. ويخضر قلبها .. وتأخذني في حضنها إلى جوار الصغيرة وتمضي بنا وسيدتي نحو المطبخ عند الدفء المستعر من جمر عند تنورها .. قدمت لنا بعض القهوة وبعض خبز مغموس بسمن انتهت للتو من إعداده .. تعرف ذلك من رائحة المطبخ "الديمة" .. جلست تتبادل مع أمي الحديث .. أوجع لي قلبي ياأختي .. مادري من يشتكي به حتى الحبس ماسلمشي عليه
كنت أستمع إلى حديثهن وأنا أراقب الدجاجة وكتاكيتها الواحد والعشرون حديثي الولاده "الفقس" حاولت الصغيره أن تمسك أحد الطيور فنفشت الدجاجة الأم ريشها وفتحت جناحيها في إستعداد وتأهب للإنقضاض .. صاحت بها أمها: قــري يابنية .. وأخذتها مرة ثانية إلى حضنها وهي تقول: العيال هكذا يا ختي .. يشتوا صبر..
توقف أنهمار المطر وودعتنا ساقية الماء .. ومضت بي أمي إلى المدرسة .. وهناك أقسمت على سيدنا قاسم أن لا يعاقبنى وكررت عليه التزامها بوعدها الذي قطعته على نفسها وعادت إلى البيت فالكثير من أعمال البيت ينتظر عودتها..
المكتب مزدحم بالطلاب وقليلا جدا من الطالبات .. مايقارب المئاتين من التلاميذ من المدينة والعوابل والحنكة والأودية ومسيكة وقليل من الضبيانية (أما يهر فقد كان طلابها يتلقون تعليمهم لدى ولي من أولياء الله: سيدنا علي عبد الدايم رحمه الله وأسكنه فسيح جناته) ومدرستنا كانت عباره عن قاعة على شكل مثلث فيها بعض الواح على قوائم حجرية يجلس عليها البعض والبعض الأخر يفترش الأرض.. كل تلميذ لا بد له أن يلقي بالتحية على سيدنا قاسم الذي يجلس في مواجهة الباب فوق حيزمن الكرسي اللوح يكتب في الألواح الدروس الجديده لمن إجتاز التسميع للدرس القديم بنجاح .. يأتي سيدنا علي عوض رحمه الله ويأخذ على عاتقه الجانب الشرقي من المثلث المدرسي ..
أفضل اوقات المدرسة عندي هو وقت الراحة أذ أجد لي متنفسا من هذا الزحام في سيلة السعيدي الواقعة بين الجبانة غربا والمدرسة شرقا وماجل السعيدي جنوبا والجامع الكبير شمالا فضاء من المناظر التي تخلب الحس يلامس مني الروح التواقة الى الجمال والسحر والطبيعة التي أبدعتها يد الخالق جل وعلى لاسيما بعد أن سكبت الغيمة ماء قلبها وارتوت الأرض العطشى وفرح الطير وامتلء الكون زقزقة وتغريدا ومرحا .. هدهد ينصت ويراقب الحياة من فوق دومة .. وبلابل تعطر الوجود بشدوها الشجي من أعشاشها من فوق طلح تناثر على ضفاف السيلة المكتظة بالصغار والعاصافير والفراشات والجنادب بإلوان لا حصر لها تشاركنا العابنا ..(الوحَر) السحليات تظل تسجد برؤسها وتحركها في كل الأتجاهات إتقاء حجر من عفريت أوانقضاضة حدأة أو سافع "مـــن قصـــع القصــيع قصــــعه" قالها محمد بن محمد جيلان محذرا بعض الصغار من الإعتداء على هذه المخلوقات البائسة .. ومن حينها سموه قصيع..
دخـــــــــــــله .. دخــــــــــــــله ..دخــــــــــــــله قطع علي هذه اللحضات الساحره صوت المنادي بالعوده إلى المدرسة بعد إنقضاء لحضات الراحه..
قضينا في المكتب ماتبقى من نهار ذلك اليوم وفي الظهر سمح لنا التوجه الى منازلنا لتناول وجبة الغدى والعوده مع الغواث وهو عباره عن كسرة خبز من الذرة الصفراء أو الذرة الرفيعة أو الشعير أوسواه ونضل بعد ذلك في المدرسة إلى الساعة الرابعة أو الخامسة مســــاء..

وفي مساء ذلك اليوم بلغ مني الأجهاد حدا لا يطاق فما إن أنتهيت من تناول بعض لقيمات العشاء حتى غلبنى النعاس فاستسلمت للنوم ولم أتمكن من الأنتظار حتى أستمع إلى حكايات أمـــــــــي الجميلة.
عندما استيقضت من النوم كان الوقت ظهرا .. وصوت الرعد يبشر بالغيث .. لكنني كنت في حيرة من أمري كيف سمحت لي الوالده أن أنام الى هذه الساعه المتأخرة وماذا عن المدرسة .. لكن الوقت كان متأخرا والسماء ملبدة بالغيوم وبرق ورعد .. وانهمر المطر غزيرا على المدينة والسيول بدأت تشق طريقها كالمعتاد .. لكن الغريب في الأمر أن الرائحة الطيبة الزكية للمطر اختلط بها شيئ أخر .. ماهذا الكابوس .. هذه ليست رائحة مطــــر .. ماهذه الرائحة الكريهة .. يــا قصبة تقصبي .........!
قلت في نفسي لعلها رائحة البيت قد تكون العفريتة الصغيرة عملتها .. وفي لمح البصر كنت في الخارج لابد لي ان أمتع ناضري بسيل المياه المنهمر في كل الأتجاهات .. سرت في أتجا سيلة بيحـــان .. لم أجدها ولم أجد الساقية لاكني وجدت البئر تنبعث منها رائحة كريهة فهالني المنظر القبيح فوليت هاربا .. بحثت عن رمل نقي وريح طيب وماء كماء المطر وشجيرات رياحين وطيور مغردة .. لم ارى شيئا من ذلك ..القذارات تلطخ وجه سيدتي الجميل لكن .. لابد أنني في مكان أخر لست في مدينتي .. لست في مرتع حبي ومحراب تبتلي .. كل الأشياء الجميلة كانت مختفية .. من سرقها .. من أخفاها .. من لطخ هذا الوجه الجميل بكل هذه الوساخات...
أتجــــه بي السير نحو سيلة دامن أبحث فيها عن البرائة والطهر ..
وهناك كانت الصورة لا تختلف كثيرا إن لم تكن أسوأ ليس هناك سيلة .. ماء دامن هذا مصب قذارت من بنايات شاهقة ليس لي بها سابق عهد .. وعلى ضفاف السيلة مابين الحضاير وبير الصريمي كان هناك مبنى كبير لم اعهده من قبل يلعب في محيطه مئات الأطفال من مختلف الأعمار وفي الأتجاه الشرقي للمبنى تجمعت كومات من قذارات ومياه ليست مياه السيله الطاهره لكنها مياه سوداء داكنة قذره يحلق فوقها الذباب والبعوض وحشرات طياره لا حصر لها .. تقــــدم نحوي رجل من هؤلاء الناس نظر إلي في إستغراب قال: مــن ألبســــــــك هذه الملابس .. ومن أين جيت أكيد الأستاذ محمد الدبيشي مرتب لكم مسرحية .. المهم .. أنا كنت دور عليك .. سر ياولــدي إلى البيت .. قل لمَك إني شاأخر على الغدى .. معنا مشكلة البلاعات وناس يشتوا يستولوا على ساحة المدرسة .. نظرت إليه في إستغراب .. لم أجبــه .. لكنه كان يناديني بولده ووالدي في البحـــر" قالت أمي إنه سافر يشقــــــى علينـــــــا.."


مــــن قمـة القلعـــــــــــــة أو شــــــامخ القـــريــــن "الإلتحام بزمن الســـــــــــحر" (7)



تدافعت في خطواته الخطــى .. ومضى .. تتقاذفه شتـــى الصور .. يهوي بها تهوي به.. لكئنما سود الليالي تســـمرت .. وتبخر الصبح الندًي في وهدة من محال .. لك الله يا صابر .. أي أنفاس هذه التي تخفق في أنفاسك .. أي سماء هذه التي تنبض فيك .. وأي صباحات تلك التي تلبسك حلة للمساء .. عين على مشرق الشمس وأخرى في مغربها .. قم فديتك إلى شرفتك لترى انك يحيطك الحب من أنحائك .. دمك يسري هنـــا .. ودمك يسري هنــــاك .. أولا تدري أن الصورة تحتمل كلا الأفقين .. وطن هنا .. ووطن هنــــاك وأنت أنت .. بين بين..
لك الله ياكل صابريا وجعا ينفلق في الشبق الذي يملئك إلى نصفين .. يسري فيك النبع ويشتد بك الشوق إلى زمن يتهادى في أحلامك الأفـــق ولا يأتي ..فـأ نَى لزمن من حلم في وجدان متبتل ان يرى النور وصغار العصافير تخنقها العبرات .. والأزهار والرياحين تجتث من على وجه سيدتي.
أنتزع من ذاكرتي رسالة لإستاذي كتبها في نهاية التسعينيات من القرن الماضي ؛ أعــــدت قرائتها لعدة مرات .. لقد كانت بمثابة بيان يعلن مرحلة يتولى فيها المربَين صناع الحياة زراعة الأمل في حقل من حلم يسقى بماء الروح ودم القلب وعرق الجبين .. لبلوغ الغايات في سموها وعلوها .. هنا بعضها:

((يطل صباح جبن ويستيقض الفجر مع خرير الماء المنسكب من بين الأيادي الطاهره .. عمر المختار يلتحف عبائته ويمضي في الطريق يسكب النور على العطشى .. من اي قمة تنزل هذه القمة .. تطل العصافير من اعشاشها والدهشه تملؤها عند رؤيتها جبل شامخ يجر الخطى ويحمل الشمس ثوبا بهيا يطرز به الوديان والأشجار والأحجار .. هذا الذي يأتي كل صباح الى ساحتنا ليس العيد انه سعيد .. ساحتنا لم تكن خالية عندما جاء ، كان هناك محمــــــــد، هذا المارد .. عملاقا من بقايا عمالقة هذا البلد الصغير الذي نحت الجبل وتغلب على قسوة الطبيعه وروض الحياة بما حباه الله من عزيمة فياضه رقراقه .. الشمس على موعد مع عبدالباري .. فالصباح لايكتمل شروقه في غياب أسد الله .. الحاج .. قطب مطمئن الى الغد فعلا في الحاضر وحفرا في احجاره وصخوره الصلده. الشريف.. يختزل المعاناة والألم في سورة العصــــــــر .. الكولي جهاد سرمدي وابتسامة المتفائل بالله.. نخيل العراق يتحدى الحصار الملعون وحدود الأ قزام لصوص الفرحة والكبرياء ومعه ما تبقى من مياه النيل الخالد مـــاء الحياة لهذا الموات ..
يتوالى تدفق السيول في هذ الصباح البارد وعلى رأس كل قمــة وعند كل منعطف يطل رجال من زمن الكبرياء والتحدي لم يتمكن منهم الزمن الصهيوني فجذورهم ضاربة عميقا في الأرض ..
صلاح الدين يختار لنسله وادي العقر وفي هضبة رخيه يتوالد الغافقي هناك ’ واختص طارق بن زياد مرتفعات ذخر وعزان لأجيال الفاتحين، عبدالناصر يخندق في شامخ تنحـــم ويرمق الوحدةعند الوادي أو في أودية الخيربنظرة حـب .. وفي حجاج عقبة والمختار يجتهدا للنصر للوحده في السعيدة بسبتمبر .. عامر وعبدالوهاب يعيدان تشكيل القصيدة بإ ضفاء الطابع العربي الأسلامي الجهادي عليها .. الفاروق يشهر سيفه في وجه الظلم ويشهر العدل والقدس تصــــــــــرخ .. ياعمــــــــر .. ياعمــــــــــــــــر .. ياعمــــــــــــــــــــــــــــــــر
للشعب السلام وللجيل الثوره. شعاع نور غرس في غيمان.. في قرينه في الجبوبه في أل ســـــــعيد والجبل سيكبر لينعم به الحفاه .. الشهيد .. الشهداء .. في العوابل في الحنكه في معثه وحنجر للوحده حصونا وملاذ .. إبن جبل في حصن يهــر يعيذه من الجهل والتخلف والطاغوت والأصنام ))


وإذ تفر من زمن تفلت فيه .. وفي إثرك عشرات الوحوش ترميك بشرر من أنفاسها الأسنة .. تجري وتجري .. وفي إثرك يجري الدمار .. سوطا يلبس ثوبا حيك من كل النجاسات .. يلسع أنحائك إبليسه ويحتل من القلب الذاكرة .. سقط شعاع من الشمس على رجل طيني يلبس مئزرا وقميصا ويمشي في الطرقات يمر عليها واحدة تلو الأخرى والناس يتغامزون من أفعاله الخارجة عن المألوف .. كان يمشى على مواطن الأذى والقذارات في الطرقات ويزيلها .. يلقي بها في الأماكن التي تتناسب معها .. مثلا: روث البهائم يحملها ويرميها في المزارع القريبة، والأحجار والأشواك وسواها يرمي بها بعيدا من الطرقات وفي أنسب الأماكن بيئـيا لها .. يعمل ذلك وهو كبير في قومه .. وعنده سعة أفق في علم القفاية أي معرفة الناس بالأنساب وكان في الوقت نفسه يحدث نفسه حكايات من أزمنة غابره: "هيهههه قبرتكم .. لا تضحكوا على عمكم صالح .. عزيت عليكم لو (طاع) كل واحد منكم وأماط من السبيل ذي يلاقيه في طريقه من الأذى، كان بلدكم جنة الدنيا .. بس أنا مجنون هااااااااه نعيــــتكم .." كان يعمل كل ذلك وإذ تمر به يلقي عليك اجمل التحايا يضمنها إسمك ووالدك وجدك ويضمنها بعض حكايات ومئـاثر أبائك وأجداك ويساهم في فض بعض النزاعات وينصح ويوجه و..و.. رحمك الله يا صالح ضيف الله ياضبياني أصيل وأسكنك فسيح جناته.
سمعت صوتا يأتي حانيا من مكان قصي في شتاتي يتوسلنى في يأس أن أنهض من نومي لملمت شتات نفسي وجاهدت لكي انهض وشيئا فشيئا عادت اليَ الروح ورأيت أول مارأيت وجه أمي وهو يشرق مستبشرا بيقضتي .. كان إلى جانبها الحجة صالحة زوجة الحاج أحمد عبدالله القروي يرحمهما الله جميعا .. كانت تعد النار في الموقد وقد وضعت فيه قظيب من حديد على نية الكيَ .. كنت قد أصبت بحمى وكنت أهذي كما قالت لي أمي فيما بعد وقد مر على غفوتي ليلتان لم أكل فيهما شيئا الا بعض ماء وسمن كانت تقطره سيدتي من فمي الذي تفطر من وطأة الحمىَ لم يعد للكي ضروره بعد أن رأت النور يشرق على وجهي من جديد فودعتنا الحجة صالحة معتذرة أنها ستذهب لتعشي البقرة وتحلبها .. ونصحت أمي أن تستدعي الوالده ريسَـــه بنت عمر أو تأخذني لعرضي عليها إذا ما استدعى الأمر ذلك أو إذا حصلت مضاعفات ..
أحضرت أختي أناناس معلب من دكان علي شريف رحمه الله .. فتحت أمي علبة الأناناس وسكبت محتوياتها في أنية صينية وقدمتها لي .. لم يكن للطعام قابلية لكني تناولت بضع قطع في توسل أمي وتشجيع أختي .. وسيل لعاب الصغيرة الذي إختلط مع دموعها فمثل هذه الأشياء لا تتكرر إلا في مثل هذه الحالات وقد كانت نادره جدا .. وفي الليلة التالية صحبتني أمي معها إلى بيت الوالد عمر موسى المشعري أمين حارة بيحان وعاقلها ليكتب لها رساله للوالد وقد نبهتني أن أراقبه وهو يكتب الخط لأتعلم منه كيف يحرك القلم من اليمين إلى الشمال لتتحول الكلمات إلى رسم على الورقة ويصبح في إمكان أي قارئ أن يفهمها ويفك رموزها، قالت لي أيضا: " ولد أمك شمـس .. أحمـــد تعلم منه واليوم لا يكتب لها الخطوط لا عند أخوه في الكويت" وهكذا توجهت وأمي ودخلنا من الباب المشترك بين بيت حسن العبد والوالد عمر موسى وكان الديوان مفروشا ببساط حيك من صوف الأغنام جلست سيدتي بجانب زوجة محمد عمر وقدمت لنا ربة البيت بعض الفطائر والقهوة .. وبعد أن تناول الورقة من والدتي أخرج قلمه وبدأ يكتب الديباجه وأنا أراقب حركاته وبدأ القلم يتحرك ويشكل خطوط لتصبح كلمات .. كان بين الحين والأخر يتوقف ليقرأ ما كان قد أنتهى من كتابته وأمي تلقنه رسالتها .. "إذا لكم سؤال عنا وعن أحوالنا فنحن وجميع الإهل والأولاد في خير وعافية لا يكون لكم بال .. نسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان تكونوا كذلك .. الله الله ثم الله الله في الجواب طمنونا عن أحوالكم أهم شي .. " ثم طلبت منه أن يظمن الرساله كم قدحا من الذره كان محصول ذلك العام وكم أسعار بعض الضروريات .. وكيف هي الأمطار وحال الجربه (المزرعة) من حيث العناية بها بالسماد "الدمن" وحراثتها .. إلخ ..
كان خط عمي عمر رحمه الله بدون نقاط وليس بينه وبين مايكتبه لنا سيدنا قاسم في الألواح تقارب فتهت وأصابنى النعاس فنمت في حظن أمي.


مــــن قمــــة القلعـــــة أو شــــــــا مخ القـــــــريــــــن " الإلتحام بزمن الســــحر 8


ويمضي ويمضي فيه الزمان يفتش عن أيقونة للطريق المحال .. ونوارة للسهارى .. وموقد لريح الخريف وبرد الشتاء .. ومبخرة لعبق الرياحين يعطر هذا التزاحم في مقلتيه، لئآلئ من ضوء مصباح يسري إليه ..
تدحرجت الكلمات تدق أجراس السكون وتشعل مزهرية للذين يتفيؤن من الحب نبضا ويشتعلون في لجة البحر وهجا يكسر هذا الإنحسار .. محال أن يتفيئ الليل نوارة الفجر والصبح الجميل ..
ويا سائرا في الليالي تقرع أبواب سديما جاثما فوق موات .. تمهل قليلا ، واعتل ظهر جمـلا يعربيا .. فطبع الصحارى يهوى الجمال .. تمهل قليلا وفتش عن القوم واحدا واحدا .. وارتجز نفس القصيدة لعل في هدأة الليل من يسمعك ويدرك سرك .. تمهل فديتك فلما أزل .. أهفو إلى قلب أمي الذي تتمزقة شتى الصور ..
محال أن يأسر القلب غمز الظلام وهجس الوجوم .. وبوح الغجر ..
تفتت المرآة وانطفأ الوهج الواحد الهادر وفارقه البصر .. فأين المفر .. ويافلولا من العشائر النازحة من صباحات الأندلس إلى مسائآت الصحاري .. تعالوا تعالوا إلى خافق ينتزع نبضه من حجر..

وفي بيتنا يحلوا لي في الظهيرات حينما لا أكون في المدرسة أن أجلس عند نافذة تطل على المارة أنظر في كل ما يدب في الطريق من حياة الناس القادمين من شتى الإتجاهات تتقاطع بهم الطرق عند منزلنا .. الطريق الى ضبيانية الجبوبة والوديان وهضبة رخية والجبل ورعسة وإن شئت أن تواصل المسير إلى جبال يافع والعوالق أو تتخذ مسارا يمضي بك إلى السوادية فالبيضاء فمكيرس وأبين فلا بأس عليك فهذا جميعه وطنك ولست في حاجة إلى بطاقة أو مذكرة مرور إلى وطنك فأنت والوطن مغرمان حبا حتى الثمالة .. ومن هذه الطريق يأتي كل مايحتاجه الناس من مفروشات صوفية وتلك المصنوعة من جلود الحيوانات ومن عسف النخيل .. والعســــــل الذي يتم وضعه بمقاييس مختلفة في أوعية من ثمار القرع وكذلك السمن البلدي والبيض والدجاج والغنم والمعز والأ

descriptionnewرد: مــــــــــن قمـــــــــــة القلعـــــة او شـامخ القريـن

more_horiz


من قمـَّـــة القلعـــــة أو من شـــــــامـــــخ القـــريــــــن " الألتحام بزمن السحر" 11


ومن شاهق يتهادى ناظري .. نحو تلك الربّى، مسكن الروح .. أنشودة القلب ..، حيثما خبئتني، وسقت روحي رحيقــــا .. من زلال العيون التي يتقاطر الشّهد عذباً نظرِ .. تزهـــــرُ الأرضُ وسيدتي .. وعصافيــــرُ الحياةِ تخطرُ في ثنايا منزلي .. شــــاهقٌ .. شـــــاهقٌ هـــذا الزمانِ فمن يعتليهِ ..؟ يعتليهِ الأرشقِ .. من يفتل الشّمس خيوطاً ويُسّطِر صفحة الدنيا أثراً إثرِ أثرِ ..
من يغترف النّهــــــــر ينابيعاً لخريرِ السَّواقــــي .. يُسّطِر صفحة الخلـــــدِ وعنوان القــــــدرِ ..
آهِ .. ما أمتعْ هـــــذا المنظرِ ..
ويا سلالاتٌ تقاطرت مِن رحم الحياةِ زمراً .. زمراً .. كم خريفاً شاب أنفاس الحيــــاةِ .. وربيعــــاً وحـَّـــد السَّـــربِ جِبِّــلاً إثر جِبِّــلِ .. تبسـَّـــم الثــغـــر في مالا وتنحمْ .. والقريــنِ الأشَّـــم .. والقلعة البيضــاء تبســـط يدها، وينحني دامـــــن للعرسِ .. وينثر أشـــواقهُ حصـــنِ يهــــــر .. ويا حادي العيسِ شرِّق في الهوى مَلَــــكاً .. وأمزج الفلِ النّديِّ في تضاريسِ إختلاجِ العُمْرِيِ .. غافلتني العيونُ التي تحتضنُ الحلمَ خلجــــة .. بسمــــة الصُبحِ إذ نسنست خمائلهُ دُرراً من أنفسِ الدُررِ ..
زارني العمر ورداً يعتلي صهوة الريح وبُرداً أمهري .. طاف بي .. شرق فيني .. وسنا الصبح تبسم إذ تبسم عمري .. وياجبالا من شموخ الشمس تتسامى فوق أرضي .. أعتليها .. يعتلي روحي وجع المخاض يستولد الصبح النّدي ..
شائك هذا الطريق .. مؤلم هذا الذي يأتي كما يأتي الربيع الأول .. أقبلت روحي على روحي تعانقها سيولا من دمي .. مأرب قبل شبوة ، وبيضاءَ الربّا والطهر تحتضن من الجسد الممزق أبين .. ومن قلعـــة جبـــــن سالت سيول الخير وأزهرت سوسنات واحتضنت وادي بناء وسرت في الليل صبحا .. تطرق الأبواب تنثر الحب التليد في لحج ، وسهول وادي تبــــن ..
يخرج الليل الشنيع من فرحي ويتهادى الصغير في الجرح .. بسمة الصبح .. وميلاد إقحوان الهوى..
وشامخ الصرح يتفيأ من الزمن أعلى فنـــن ..
ويا نجوما وطيورا تعتليكم .. عرش بلقيس أهديناه إليكم .. نحن الوجع الساكن في خاصرة الصبح .. غسلناه بدموعنا من دمنا نحن البركان الهادر لعيون الصبح وبسمة الصبح .. فلا تغسلوا أوساخكم عندنا .. ولا تدعونا نتسول فتاتكم ، ومخلفات فظلاتكم .. نحن وجع الميلاد .. ومخاض الشمس .. أهديناكم العمر ومضينا نفلح الأرض ونسقي الزرع .. فانزعوا أشواككم من أقدامنا ..
واغسلوا أوساخكم من دمنا .. ولا تدعونا نتسولكم .. نحن الأِبآء ، والكبرياء .. زرعنا أجيال النًّهار في ليلكم .. وسقيناهم دمنا .. في ليلكم .. وسقيناهم حبنـــا ..
نحن الوطــــــن .. فالتقطع اليد التي تتسول من العروش وطـــــــن..

كنت وأختي نتهادى في الطريق يدي في يدها وكأنها تخشى عليّ أن أتفلت منها في زحمة عالمها الذي تثائب من ثنايا هذا الصباح الجميل .. تحمل كيسا وحبلا وبقشتين .. واحدة لها والثانية خبأتها لي في طرف منديل رأسها البهي .. يسري بنا الطريق في الجبّانة ودروب القصّة إلى حنكة عبدالقوي .. فالمجلل .. قالت أمي محذرة سيروا في الطريق إلى الحنكة والمجلل لا ترجعوا تودّروا .. البقره بلا طعم .. جف الظرع وهزل الجسم وبهت لونها البهي وشارفت على أن تَنفِق.. سيروا حنكة الخير والمجلل عند أهل الصين "الذرة الصفراء" وقولوا لهم مكنتنا أمي نِدور طعم للبقره .. قالت أيضا مروا على الوديان واجمعوا ما حصلتوا عليه ، وقبل ما يِسرّحين المغدِّيات وجبة الغدى للشقاه إحزمي ما جمعتيه وشدِّيه على ظهرك .. والبيت .. لا يجي العصر وعادكم في الطريق .. لا تتحيروا .. وازكني على اخوش لايضيع .. ومضينا في الطريق ترافقنا عوالم لا حصر لها .. ثورين يجران عدة الشصير .. وثلاثة حمير ودابّة "أنثى الحمار" كلها تجر أحمالا من أسمدة الأرض يسير في إثرها رجل وجحش صغير وامرأة تحمل تورة "وعاء للطعام" مصنوع من خزف النخيل تحمله على رأسها ووعاء القهوة في يدها .. وتمضي به الى الشقاه عند بير الصناع .. عندما وصلنا عند مفترق الطرق المؤدية إلى بيرالصناع وبيـــر القصـــة فارقتنا السيده والرجل والأثوار والحمير والجحش الصغير الذي كان بين الحين والأخر يمرق من بيننا كالسهم ويمشي مقلدا مشية الحصان ثم يعود ويلتصق بإمه ويحاول أن يدخل رأسه تحتها ليصل إلى الظرع الثمين ليرتشف منه جرعة تروي ضمأه فتنهره أمه فحملها ثقيل وتكاد تتعثر به .. قالت إختي للمرأه الطيبة من أين الطريق ياعمتي إلى الحنكة ..؟ قالت المرأة وهي تواصل المسير: سيري يا بنيتي في هذه الطريق مشيرة إلى القصة وامضي لا تتوقفي إلى أسفل الوادي وعندما تشاهدي المنازل تكونين قد وصلتي الحنكة .. وعندما لاحضت أنا، أن الصعب "الجحش" شارف على أن يفارقنا تفلت من يد أختي وجريت في إثره .. ومسكته برقبته وكدت أناشده أن لا يفارقنا فصحبته طيبه ومنظره بهي .. لحقت بي أختي ومسكت بيدي وشدتني نحو الطريق التي أشارت عليها المرأة التي تحمل صبوح الأبتال .. وصارت تتوسلني أن لا أحيرها في الطريق وبالتالي نفجع الوالده فتخرج تبحث عنا في الوديان .. وأشارت إلى البقشتين في طرف منديل رأسها: إذا تشتي تحصّل نصيبك لا ترجع تلعب في الطريق .. المسافه بعيده والمهمة عسيره والحمل سيكون ثقيل لا تحيرني جعلني اليوم فدوك .. إقتربت منها وشددت يدها واسرعت في خطواتي في الوقت الذي كنت احتضن المشاهد التي تمر بي وأقبل الخضرة والحقول التي تلامس بصري .. وأمتع سمعي بزقزقة العصافير وتغريد البلابل .. ونحيب الحمام وأصواتا لا حصر لها من الحياة البريه التي تسكن الأشجار والحقول وتحلق في السماء الزرقاء وبين الصخور .. صوت (العيلة) "حمامة بريه" كان ينتحب من فوق شجرة وارفة الضلال .. قالت أختي: هذه العيلة جنية طيبة تبشر الناس بالخير قالت أمي إنّ العيلة تقول لأصحاب الحقول " بشرك يا بتول بالدجر والسبول " لكن " باخبل" البومة جني شرير لا يظهر إلاَّ في الليل وصوته مفجّع قال الوسواس صاحب أبو شمله عندما جاء بيتنا ذات يوم وأمطرنا أدعية وأهدى والدتي تعويذة تغسل بيتنا من السحور وأشرار الجــــنّ إن با خبل لا يقول (شيخ ثوبك حرق) وقال إذا سمعته تعوذ من الشيطان الرجيم فهو نذير شؤم .. وصرنا نتهادى في الطريق والحياة الزاخرة تحيط بنا نساء ورجال سائرين وغاديين من وإلى أودية الخير لشتى الأغراض والمقاصد .. وفي الحنكه عملت إختي بتوجيهات سيدتي .. " لكم الخير .. " كان يردد كل من مررنا عليهم .. ويغيب الواحد منهم للحظة ثم يعود بحزمة من الأعلاف وبعض السبول .. مرت أختي وأنا على مجموعه من المزارع والحقول فتجمع لنا الشيء العظيم من الطعم " ألأعلاف" وامتلأ الكيس بالسبول .. الله .. ما أكرم هؤلاء المزارعين وهم لا يرجع من بين أيديهم محتاج إلاّ وأكرموه وقدموا له الزرع والضرع يبتغون البركة من الله وقد حلت في وديانهم ومزارعهم البركة والخير الكثير، فكل المساحات السهليه فيما عدى البيوت والجبال مكسوة بالخضرة ويعمها الخير ومايكادون يحصدون ثمرا حتى يعقبونه بثمر سواه ..
ومن ثم بدأنا نجمع ما حصلنا عليه من أعلاف وثمار فكان شيئا عظيما لا تستطيع أختي أن تحمله .. وقد حان موعد مجيء المغديات وأقترب الظهر فأخذت أختي في البكاء وهي تتذكر تحذيرات أمي .. هجمي ها قد الشموس في نص السماء وعاد إحنا هانا .. من شا يحمل لي هذا كله .. وين شاجي به.. قلت لها: نروح وبعدين نرجع للباقي ..
جاء صاحب المزرعة إلينا وطلب مني وأختي أن نتناول معهم وجبة الغداء .. إرتفع صوت بكاء إختي فسرت فيني عدوى البكاء فشاركتها .. واستغرب الرجل هذا الحال .. تعالوا ياعيال أنتو بين أهلكم من أيش خايفين .. أنا عمكم ناجي .. تعال ياوليد .. تعالي يابنيه .. تعالوا كلوا لكم لقمة وبعدين تروحوا .. قالت إختي وهي تشهج : إحنا من المدينة .. بلادنا بعيدة وقد تحيّرنا والحمل ثقيل ماقدر له وحدي .. وأخوي صغير وامي شا تفتجع علينا وشا تخرج تدورنا في الوديان ..
جعلني حذاء لكم .. تعالوا تغدوا وانا وصلكم أنا لاعند أمكم .. لا تخافي يا بتي إحنا كلنا من بلاد واحده .. هييه خطوتين وانكم في البيت
قالت إختي وهي لا زالت تبكي : أيوه يابوي .. عن معي إخوي مجنون .. ما غير ماسكه بايداته والاّ شا يضلي يلاحق الطيور والسِّحل ولا شي لقي له حفرة ماء طمر فيها .. جلّي من أمي ..
دعى الرجل زوجته وطلب منها أن تلاطفنا وتؤنسنا وكانت إمرأة طيبة مضيافة .. حاولت مع أختي بشتى الوسائل لكي تشاركهم الطعام وهي ترفض حتى لاتغضب عليها الوالده ثم ذهبت وعادت وفي يدها قرص من الذرة الرفيعة ووعاء مملوء بالقهوة وقسمت القرص نصفين وناولت كل منّا نصفة وجلست تمازحنا وتشير إلى الأولاد الذين كانوا في مثل أعمارنا وهي تقول لتبعث فينا الطمـأنينة لا تشوفوا الجهال أي واحد منهم يقدر يسير للمدينة يشتري بن وتتن ونبات وقاز وقلص للنوارة ويرجع في ساعة .. يبصق أبوهم قـليل من لعابه على هذه الحجرة ويقول لهم يرجعوا قبل ما ينشف الّلعاب .. ويش جزمهم يتأخروا .. يا بتي لاتفجعي إخوش بالبكاء كلوا لكم لقمة وبعدين تحملي جهدش وتروحوا وعمكم ناجي وأحمد " مشيرة إلى الولد الذي يرافقها وقد كان اكبر الجميع ويبدو عليه النشاط والذكاء، شايدوا الباقي غدوه لا بيتكم ذي في جمعة رجب .. عمش ناجي يعرفه من يوم عادهم كانوا يبنوه .. إرتاحت إختي وأكلنا وشربنا ومن ثم تحملت ماقدرت عليه وسارت معنا السيدة قليلا وهي تشير إلى إقصر الطرق إلى المدينة وودعتنا وعادت .. ومضينا في طريق العودة وأنا أحمل في يدي بعض أكواز السبول في كيس قطني وأمسك بيد أختي وبين الحين والآخر اتفلت منها وأمضي في الطريق متقدما عليها وهي تنادي علي وتحاول اللحاق بي فيمنعها الحمل الثقيل فوق ظهرها ..
وعند شجرة ضليلة أخذ من أختي التعب كل مأخذ .. فوضعت حملها الثقيل وجلست، وجلست أنا إلى جانبها .. وضعت كيس أكواز الذرة الصفراء تحت رأسي .. ورأيتني وصاحب عمري .. نعتلي المهرة الحمراء والتي لبست ثوبها من وجع الجراح التي كانت لما تزل تتحشرج في وجه سيدتي البهي .. توقفت مهرتي .. عند هذه الشجرة وفي ضلها كان يأخذ قسطا من الراحة رجلا خرج من حصار السبعين بشعر كثيف يغطي رأسه ووجهه ويحمل كيسا على ظهره ويتأبط عصاً للترحال .. وقلما ينزف دمه رسما على كراريس تملأ الكيس الذي يتوسده ويلتحف نصفه .. ويسترسل في الكتابة وكأنه يسطر ملاحم أوجاع تسمرت في ذاكرته فأبت عليه مغادرتها .. ترجلت عن مهرتي وترجل صاحب عمري معي .. وجلسنا بين يديه، ياعم صالح .. ياصمعار ما هذا الذي تدونه ؟ وكم من الوقت سيمضي قبل أن يجف الحبر عن صفحات عمرك المديد .. لنكتشف سرك الدفين والمفاجئات التي خاضت غمارك ..؟
إبتسم صاحبي وهو يختلس نظرة إلى ما يدونه العم صالح .. إذ أن ما يكتبه لا يوجد على ظهر البسيطه من يستطيع قرائته ســــواه ..

- هيا يا عم صالح معنا نوصلك ..

- أنا عجل يا عيالي، سيروا الله معكم ..

ذهبنا وقضينا بعض حوائجنا عند أخونا ناجي أحمد في دهوة معثة .. وعدنا .. وتوقفت بنا المهرة في نفس المكان .. عند الشجرة الضليلة حيث لمّا يزل الرجل يأخذ قسطا من الراحة ويدون عمره في صفحات إستنزفت بحرا من الحبر .. مدّ له صاحبي يدا خضراء .. وأهداه وقوداً إضافياّ مكوماّ في قلب حزمة من قضب الحقول ..
تقدمت نحوي المهرة الحمراء .. دنت برأسها تهدهد ني لتوقظني .. وظربت بحوافرها الأرض .. لامست وجهي .. وشبت في إذني نفيرها .. ونهضت لأرى أمي فوق رأسي تمسح العرق المتصبب من وجهي .. وأختي بجانبي تتثائب من غفوتها تحت الشجرة في نفس المكان


مــن قمـــة القلعــــة أو شــامخ القريــــن " الإلتحام بزمن السحر"
12


يغرق في أزمنة الورد .. يغترف زلال الحلم وندى الصباحات ، وطلَّ الأماني البكر .. من عبق الرياحين ينبجس كما سوسنة حالمة تفرح للشمس إذ تحتضن المروج وتدنو من الحب رويدا رويدا .. توزع الدفء على خلايا الجسد الممشوق فوق البسيطة سهولا وأودية تنضح بالحياة تدب كما الصبح يتنفس ميلاد يوم جديد .. رقص الطير الطروب بين غيم وسماء والحمام سجع .. ينثر البوح للربى وأيكة الرّوح سائلتني: أيها القادم من شفق الوجع ينتفض على الأحزان .. فرحاً، يراقصه الوطن .. ويا سائرا في ضلال الشمس تتقي اللظى ببردة الجبل الأشم .. تنفض عنك غبار السنين العجاف .. وتستعجل الزمن الجميل ميقاته .. أبطأ الفجر ميعاده .. ومضى يلاعب الصغير في حديقة الدار ويبسم في الفضاء المسافر .. نسي فرحة اللقاء أو تناسى إذ تلاقحت المسارات فطاب المسير وطاب المسافر .. تعانق والهوى وهوى في لجة الموج زورقا يتهادى في شعاب الحياة عند البدايات ينبوع حياة عينٌ من المزن تغترف الشروق وتسكبه في صحاري الحياة الرتيبة حدَّ الملل .. قم قبل الأرض فلاحها يسري كما الشمس تسري ويغفو كما الليل يلبس بساطا من الغسق حيك .. ومن حكايات المساءات تنثر الحب في أسماع عصافير الحياة .. غفى العش الجميل ومضت أيكتة تحلم بقمرٍ يسامرها ويحرس أحلام الصغار من أفاعي الحفر وحيات قشور الجبال وسِحَّلِيَّات حيطان الخرابات وبوم وغربان الغفر .. تعدد الخطر وصبغ وجهه بشتى الألوان .. بقع من القبح يسترها بأصباغ من دور الزينة في ملهى الحياة السافرة .. فيا أملا يتلألأ في بستان الحياة الزاهر .. قمرا من الشمس صيغ ومن عبق التاريخ يَقْدُمُ تناثرت الحياة فصارت إلى الذُّل أقرب منها إلى مجد تسامق وأوغل في التاريخ والجغرافيا .. أوقض غَفوتك وتدارك حُلمك أمسك بخيوط الشمس وأمض بها إلى الغدِ .. لا تدع الليل يراوح مكانه أو يأخذ منك اللحظة التي حَضِيْتَ بها في غفلةٍ مِنهُ ويسري بِك في أَمْسِ الوجع والجراح وقد أشرق لك صباح تتنفس فيه وطنك فلا تزفرهُ وتَتَنَفَّس بعده حرقة الوجد وتهيم في البراري كمجنونِ ليلى .. قبيح هذا الوجه الذي يُبَشِّر به الليل .. زيفه .. فدعــــه واتركه لوحش البرِّيَةِ جيفة في جوف جيفة ..
تأخذنى أمي في حُضنها وتضع أكواز الذرة فوق رأسها تنهض وينهض معها الأفق يفتحُ للشمس قلبه كي تستَحِّمُ .. وتمضي الطريق وسيدتي والعصافير كل يسير إلى بيته .. وأشرق وجه الحبيبة .. شامخا ينثر الظل فى ما تحته .. ويسري من الضفة الأخرى دبيب الحياة عند المواجل وفي ساحات المنازل .. تتجمع النسوة زرافات يَحْلُبْنَ أبقارهن ويغازلن أفواه البقيرات بعلف وقضب شهي .. والصغيرات يجلبن أوعيةً من زادِ فضل الطّعام المشبع بالماء ويُقدِّمْنَهُ للحيوانات الأليفة كي يَدْرُرُنَ الحليب من الضُّرَةِ المباركة .. ويمضين يلعبن الغمَّايات و " كبّ .. كبّ النّمر .. مرحبا يا نمر " والقفز على الحبل والبعض منهن يصنعن عرائس من قلب أحلاس الذرة وما أكل المشط من خصلات أشعارهن وبعض القماش الملون يجلبنه، أو أخوتهن، من بيت الحقبي محمد أو دكاكين الخياطين في سوق المدينة .. وأطفال صغار كبراعم الورد يتجمعون في الساحات المفتوحة ويمضون إثنين إثنين يهمسان في إذني بعضهما شيئا ثم يعودان وهما يصدحان: "يابين يابين .." فيرد عليهما آخران: " يا بالرُّحْبَيْن " فيقولا : يا القلعة يا القرين" فيرد عليهما أحد المستقبلين : "يا لي بالقرين" فيسير إلى صَفِّهِ أحدهما .. وتتكرر العملية مع اثنين آخرين .. يا صنعاء يا عدن .. أو يا نعوة يا الربيعتين ..وهكذا حتى يكتمل اقتسام الفريقين ثم تبدأ اللعبة قد تكون كرة قدم أو " عوس جلّد عوس " أو نصاعة .. أو حتى مصارعه (زُنَيْط) أو أي لعبة أخرى .. لم يكن لدي وقت للعودةِ لِلَّعبِ مع أي جماعة منهم فقد كنت في غاية الإعياء وفي حاجة ماسة إلى ساعات من الرَّاحة وعلى مقربة من بيتنا كان حسين الدغبسي وشيزيه ومحسن الدوشان ثلاثتهم كانوا يفتلون حبلا متينا من الجلود المدبوغة بمهارة .. أحدهم مع طرف الحبل عند بيت محمد علوي وثلاثة آخرون مع ثلاثة أطراف أمام بيت أحمد صالح الصريمي .. أيادي ماهرة وحبل متين يستطيع أن يتحمل الاحتكاك على الصخر ويحفر فيه بالتكرار ليرفع الماء بجهد الثور وبكرة خشبية مرتكزة على عمودين من الأحجار تطل على أبار غسانية وحميرية منثورة عند كل وادي من أودية الحبيبة .. وعلى مقربة من المنزل كانت نسوة يتدفقن على منزل قيد التشييد بصفائح الماء من صعبة، وعشرات من الناس الطيبين يناول واحدهم الآخر حجرا أو صفيحة ماء أو طينا مبلولا مخلوطا بروث البهائم واحلاس الشعير الدقيقة لمزيد من التماسك والقوة ويتعاون الكل ذكورا وإناثا كلا بما يقدر ليرتفع مبنى متواضع للحجة شمس وأبنائها .. هكذا كان الناس يتعاونون فيشيدون البيوت ويبنون السدود ويحصدون الزرع وينصرون المظلوم ويتعاونون على البر والتقوى .. وقبل أن أدخل البيت لمحت بالقرب من بيت الوالد عبدالله محمد جوبع رحمة الله تغشاه بعض الناس منهم الوالد صالح النجار يقومون بحياكة بساط من صوف الأغنام " فردة " غاية في الجمال مطرزة بالعنابي والأخضر والأسود والأبيض .. وكانت امرأة عجوز جالسة تغزل الصوف في بكرة تلفها بخفة ويلتف معها الخيط مشكلا رزمة مكومة كالكرة وعلى مقربة منها بعض النسوة اللاتي يقمن بتقديم الأطعمة الخاصة لبعض الحيوانات القادمة للتو من المزارع بعد يوم عمل مضنٍ .. بعض القمح " حسيك " للحمار المسرج وعلف (مُخَّنَّنْ) في بير بيحان لثوري الشَّــصير ويتبادلن حديث آخر اليوم .. وعبد أحمد يمر وغنيماته تمر أمامه باتجاه بيت العوبلي أحمد ولمحت القيســـــــي يمر وعلى ظهره صبرة حديد متر ونصف وزبرة تزن عشرة كيلو ويمشي في الطريق في خفة ورشاقة قادما من "مضراب" أحجار في (داحنه) .. قضى يومه كاملا يقطع الحجر ويكومة لقاء أجر زهيد .. عادت أمي بعد أن ألقت حملها ومعها بعض القمح وصارت تنثره للدجاج الذي أقبل مسرعا يسبق الكل ديكٌ بإلوان بهية وصوت شجي ينقر الحب وينادي الدجاجات لتلقمه وأمي تنادي عليهنَّ بلغة يفهمها الدجاج الأليف فيأتين وصغارهن يتقافزن على يدها الطاهرة يلقمن منها القمح قبل ملامسته تراب الأرض .. ديكان يتباهى كلٌّ منهما أمام الدجاجات وينثر ريشه ويبرز عضلاته ويبدأ صراعا مريرا حول السيادة على العرش .. قالت أمي هذه الديكه تقضي معظم يومها في القتال مع بعضها ومع ديكة الجيران .. قم يا وليد وانتي يا بنيه أمسكوا أحدهما ، وأشارت إلى الأكثر عدوانيه .. هذا .. عشى الليـــــلة ..
يتحلق الأطفال في الساحات بعيد صلاة الفجر .. وقبل أوان الدرس يحملون الألواح واليراع ومصاحف تتدلى من خواصرهم في أكياس مزركشة بأبهى حلل خاطتها أمهات يحذقن فن الحياكة بالأبرة وخيوط الحرير الملون .. يقفون في مواجهة الشمس التي اختلست النظر إليهم من السهل مابين الحمَّة ودامن وتسربت عبر المنازل المحيطة .. كان البعض منهم يردد وهو يكوم جسمه في قميص وصديرية وكوفية تغطي نصف رأسه: " فذِّي فذِي شميسه .. ذبحت لش عريسه .. خفى خفى على علي وعيشه " وآخر يحاول أن يمنع الأطفال من الوقوف ما بينه وبين أشعة الشمس الدَّافئـــة ويردد: " من غوَّم بي غاموا به، شعر الجنِّي طاروا به، لا ورى الحمَّة وُرَدَّوا بِه .." طفل آخر يُسَمِّعُ درس اليوم لزميل له قبل أن يقرأه في حضرة سيدنا قاسم .. محاولا أن يمنع عن يديه حرقة ألم عصى الرمان الدقيقة التي جلبها حسين البيحاني من رمانة معمرة في سيلة (وادي لبه) المشرف على الوادي الذي يعانق الرحب الرَّحيب .. ثلاثة أولاد يلعبون في زاوية من الحميري خلف بيوت بني القشاي بقشر الرصاص الشيكي الذي انتشر بكثرة وطغى على قشر رصاص بنادق الكنده والزَّاكي كرام والجرمن بعد أن عانقت سيول النيل الخالد سهول اليمن وجبالها ومضت لا تتوقف لتدك السور وتردم الجرح الذي غرسته أمواج البحر عميقا في خاصرة الوطن شمال ملكي وجنـــــوب يحتــــــله الأجنبي ..
آخر يستعرض مهارته في كتابة بعض الكلمات بعصى صغيرة على تراب السَّاحة فيخط : عاش عبدالناصر والسلال .. ينقلها حرفيا من غلاف دفتر المكتب أو الكراس المدرسي الذي تبدو عليه صور كل من عبدالله السلال وعامر وعبدالناصر .. وآخر يمسح ماخطه زميله ويرسم علم الجمهورية ويعجز عن رسم النجمة فيشير زميله إلى زهرة نبتت في جسارة فوق صخرة .. فيرسم دائرة ثم يرسم بعض الزوايا حولها فتبدو كزهرة تفتحت على زهور تتفتح في صباح من طل وندى .


من قمة القلعة أو شامخ القرين "الإلتحام بزمن السحر" 13

ومن قلعة الأرض يزهر السَّهل حولي وتثورُ الرُّبى على وجع الزمان .. ويتقدم الصبح أشواقه .. مشرقي يلتحف مِئزرهُ .. جبليٌ يغرقُ الأرض أهوال القيامة .. وشمال القرح يفتح للسواقي بابه .. تسري السيول من وديانهُ .. ويغترف العشق حضناً يقبلهُ قبلتين .. ينتشي الوطن في الوطن الكبير ويلتحف الشمس والحيود العوالي حصناً تسور الهوى هول الليالي القادمات من غرب البحار إلى الصَّحاري .. وتنتفض النخلة والتين والرُمان والزيتون .. ويزهر الريحان والصبَّار وتختمر البراري ..
رأيته .. يافعٌ في عمر الربيع .. يحمل بندقيةً أطولُ منهُ بِسكينةٍ برزت من فوهةِ البارودةِ تلمعُ في شمسِ النهارِ كبركانٍ ينفثُ الدَّمُ في الأرضِ قبلَ أن يخمدُ أنفاسَ الطغاةِ .. وخلفه رأيتُ فتية كُلهمُ يسيرونَ في الصُبحِ يعتلونَ القدمَ الحافي والمِئْزرَ ويتسلقونَ الجبلَ العالي نحو الشمالِ .. هذا جنوبُ الجرحِ .. تمنطقَ الوطنَ وهبَّ من ردفانهِ، والخُلاقيُ .. سَرَى وقاسمٌ .. وسفيانٌ .. وأحمـــدُ ..
سرى ليلك والهوى يلفح بُرْدُكَ من دفء المائقي .. هَزِئَتْ بِسنُونِكَ الطّارقاتُ .. وأتعبتك متون الهزائم وأنت تروم العُلى .. ترتحل من شاطئٍ إلى شاطئٍ وتتوسدُ أوجاعُك وتهوي في بحور الهوى تبحث عن مأذنةٍ تصدح فيها " اللهُ أكبرُ" فوق كُلِّ الطغاةِ وكل سماسرة الوطن .. كل الذين يتوسدون الأرض سجونا يمنع الحبُ من الأنسياب .. ومن التلاقح .. كل الذين تيبس الحس العروبي وجف نبع الدَّم ولا يحتملون سماع النحيب المُدَوِّيْ .. سرى ليلك فلا تتعجل شطئانك .. والبحرُ أعاصيراً تعتليهُ أشرعةً ممزقةً .. وفلولاً من الحب مبعثرٌ في الورى .. بين الهوى والهوى .. وتمضي الحبيبةُ تخيطَ شراعِ السفينةِ وتلحمَ الحبِّ .. وأنت تراوح مكانك .. يتمدَّد فيك بقعة ضوءٍ في بؤبؤ العين المبصرةِ لأوحالِ الغروبِ .. يلفظها الدَّمُ الطاهرُ .. دمُكَ إذا ما رُمتَ تطبيبَ أوجاعَ الزَّمانِ وسكبتَ رذاذَ الودقِ لإخمادِ نار الأرضِ .. وإذا ما عوى في سقفِ قصيدتكَ شيطانٌ وأتبعهُ شهابٌ من الجبارِ .. نيزكاً يحرقُ الورم اللعين ..
سرى الليل والفقر الكافر يصرخ في الأرض والكرش تهدل وتمدد وقارون تسيد يلتحف التلال والوديان ويرتاح إذ صار الوطن إلى الأفاق يبحث عن ما يسد به رمق العويلة ..
ويا كل نجوم الأرض .. يا كل الطيور .. نحن الضوء المبصر للنجمة ونحن الحَبُّ للطير والماء .. لا سيد سوى الوطن .. لا سيد سوى الله .. ونحن الفضاء الذي تُحَلِقُونَ فيه نحن أنتم .. نحن وطن العصافير إن شئتم ..
ووطن الليث والصقر والنسر والجبل الأشم .. إن رمتم سوانا .. سوى الجسد العاري والجرح العاري والزمن العاري والوطن العاري .. وكل المرضى والجوعى والفقراء .. بلغ السيل الزبى .. فاختاروا بين سيدكم وسيدنا!
يمر صباحنا ليلتقي مع تباشير الظهيرة .. ويتراجع في قدوم المساء ليفسح المجال لليلة أخرى نتحلق فيها عند الموقد الذي يتصاعد منه نفح طيب يعطر مسائنا ويضفي عليه القاً وحياة والحبيبة تتوسطنا نستمع إلى حكاياتها طيبة المذاق .. قطفت لنا بعض ياسمين من حديقة عمرها الصبي كانت تعيش من المدينة في الشرى غير بعيد عن حارة اليهود .. وكانت وبعض صديقاتها يحلو لهنَّ أن يذهبن إرضاءً لبعض فضولهن ليرين كيف هي حياة اليهود في حافة المدينة .. ويجلسن إلى بعض النسوة منهن .. قالت: نفس الحياة .. إلاّ انهم كانو يمارسون كل الأعمال .. كل مهنة وكل حرفه .. كان لديهم مشاغل للمدر يصنعون الجرار والأواني ويقومون بحياكة الثياب وتطريزها ولديهم معامل لصياغة الحلي من الذهب والفضة والأحجار الكريمة ولديهم مدابغ للجلود يصنعون منها الأثاث المنزلي والملبوسات والأحذيه ويربون الدواجن ويبيعونها وبيضها في سوق المدينة وكانوا يتصنعون المذلة والمسكنة لبلوغ مراميهم ولم يكونوا يخجلوا من أي عمل حرفي يقومون به ويمارسونه .. وكانوا يحقدون على من ينافسهم في هذه الأعمال التي تمدهم بالاموال الطائلة التي بها يزاولون أعمالهم الربوية فيحصدون الزروع والثمار.. كانت النسوة وهن يجلسن إليهن يحدثنهن أن العربي لا يجوز له أن يكون من الصناع .. فهو سيد وقبيلي يحسن الحرب والخطابة والغزو والزراعة ورعي الأغنام أما
أما الإعمال الحرفية الأخرى فهي للذميين ويستحق من يمارسها من العرب ان لا يكون من السادة ورجال القبائل وأرباب الحرب .. وفي هذه الأثناء جاء رجل وحماره وابتاع موقد وجاء آخر ابتاع بعض البيض ودجاجة .. وامرأة حملت معها كيس من القمح شرت به مخبزة ودبَّاةٌ لِحَلِبِ البقرة ومكنسة ..
ورجل آخر جاء من قرية بعيدة ليشتري (فضة للحريوه) .. واسترسلت المرأة في حديثها .. قالت وهي تشير إلى بعض البيوت في نواحي مختلفة من المدينة هذه البيوت لبعض العرب الذين يمارسون أعمالنا وينافسونا صنعتنا .. هؤلاء هبطوا بمستواهم في العرب ولا بد لهم أن يتوقفوا ليكونوا ساده في القوم .. (يحريمهم)! يا سواد ليلهم .. يريدوا يكونوا صناعاً وساده .. محال .. السيد سيد والصانع صانع .. وصبية كانت تجلس معهن وشوشت إليهن .. " إحنا مالنا دخل .. (قد شا نسير القدس نكل قرص)! ..
سألتها بت عباد قالت: بس ويش الفرق بينهم يا عمتي؟ ردت عليها: يا بت سيدي .. الفرق بينهم كالفرق بين الأرض والسماء .. هؤلاء وسخوا ايداتهم في المدر والحجر وهؤلاء حماة القبيلة والعشيرة وسيفها ضد القبايل الأخرى .. وسألتها أمي .. يا عمتي هل إذا ما كبرت وكان لي بيت وربيت دجاج مثل دجاجكم وجمعت البيض وبعت البيض والدجاج لمن يدفع الثمن وهل إذا كان لدي مدر وعملت منه موقد للديمة وكوز للماء وجبنات للقهوة هل يا عمتي في هذا ما يعيب ؟ ردت عليها في سرعة وشدة: حذار ..! حذار يا بنت العرب فلن يتزوج منك أحد .. قالت بت سعيد: ليش أما انتوا يا عمة لا تشتغلوا في هذه الحرف والناس يجوا لا عندكم من كل مكان يشتروا بالزلط ومحصول الوادي .. ويش الفرق ..؟ قالت الفرق كبير .. إحنا يهود وانتو عرب!

سرت وسعيد نحو المنزل والخيلة تعتليه وتحيطه البيوت العالية من جميع نواحية فالحارة مشغل لشتى الأعمال الحرفية والناس هناك صناع وزراع لا يعرفون الكسل ولا يعرفهم .. كان الزمن أول عهد بالكهرباء تجاورت والرباط وبيوت القضاة وبيوت بني النجار وبني جيلان والوادعي وبني حميدي والهراشين وشبكة الكهرباء تخيط البيوت وتربطها ببعضها منذ فترة لا تزيد على السنة عندما جاء بها وموتور بقوة ألف خيل! الوالد المغفور له الحاج غالب محمد واصل .. ودخلت معه البيت هذا السعيد كان صديقي وأخي في ساحة الشرف ومواجهة الأرهاب والطغاة وسوءة التشطير وقضايا كبيرة في حجم خارطة الضاد .. في البيت عطل كهربي ولي خبرة في هذا المجال وله حاجة في المجيء بي في هذا الوقت من منتصف النهار ليس لأن الموتور لا يعمل في هذا الوقت وحسب ولكنه أرادني ضيفا على طعام الغدى دونما سابق إشعار .. لم يستغرق العطل من الوقت الأ دقائق قليلة سرت معه بعده إلى الديوان، فرش لي بساط وطلب مني أن أرتاح لبعض الوقت حتى يعود .. ونقلت بصري في محتويات الديوان .. الكثير من المخابز وسرائر الأطفال حديثي الولاده صناعة محلية كلها من الجلد والصَّدف خاطتها أيادي ماهرة بخيوط جميلة ومتينة من الجلد الخالص .. أواني من القرع تستخدم لحفظ ولِخَظّ الحليب لاستخراج الزبدة وتحويل الحليب إلى لبن .. تُوارٌ عدة بإلوان زاهية في غاية الروعة والجمال وبمقاسات مختلفة تستخدم في الغالب لحفظ الطعام .. هذا الديوان يجلس فيه سيدي "قاسم جيلان" للقيلولة وراحة بعد الظهيرة .. يطل به على الجزء الغربي من المدينة يقضي المقيل فيه وينجز الكثير من الطلبات التي إحتشد بها بيانه .. المكان مريح والهواء فيه نسيم معطر وبرود .. والسعيد جاء وصينية المرق بيمينة ويحلف علي أن لا بد لي من تناول وجبة الغدى معه .. وجاء "الرباط" وصبية الدَّار جائوا وجيء بالطعام .. وتوالت الأطباق الهريشة والمقبلات من بقل وصلطة وكراث والرز واللحم والمعكرونة والسلته وبت الصحن .. والشاي الأحمر المعطر .. وكنا عادة نتناوله بعد الغدى عند باجش أو أحمد عميان .. كريم هذا السعيد من بيت كريم .. بيت حافل بالعمل .. مصنع لشتى الأشغال اليدوية .. وبيت للتطبيب وللعلم .. مملوءُ بالخيرات .. عرب من خيرة العرب .. أي وربي .. وسادة من خيرة الأسياد .. وكذب اليهود ورب محمد .. فقد أرادونا عاطلين لا نحسن إلا سفك دمنا والتعصب لجاهليات سوس ينخر نسيجنا الأجتماعي الخلاق ..



وعندما خرجت من معمل تحميض الصور في مكتبي على مقربه من البيت رأيت سيدتي وهي تدوس المدر بكلتا قدميها بعد أن صبت عليه الماء وبدأت تعمل بمهارة وتضع الأساس لتنور متوسط الحجم مقبوض الثمن من إحدى صديقاتها .. قبلت يديها وبدأت أُكَوم حفن المدر وأناولها وهي تضع لمسات جمالية على التنور وتسطره ملحمة البنائين الصناع .. صناع الحيــــــاة



إمتد البرد في غرب الأرض هنا عند المداخن العملاقة وعلى ضفاف النهر وعند البحيرات العظمى .. يتقلب الجو بين مشمس وممطر .. وغيم وريح والناس يصيخون السمع لتداعيات حمَّى جديده تلوح في الأفق وتهدد بكارثة عالمية (حمَّى الخنازير) .. وتجري الأحتياطات .. وتوزع الأرشادات الصحية ويلقي المحاضرون ندوات ومؤتمرات في هذا الموضوع الشائك وتوزع المواقع الأكترونية الحكومية للناس ليتابعوا آخر اخبار هذا الوباء الذي أضيف إلى الكارثة الأقتصادية التي تدك قلاع وحصون مالية وشركات تأمين عملاقة .. تتساقط الواحدة تلو الأخرى وكأنها قارونات معاصرة خسفت بها وبأحمالها الأرض .. وفي هذه الأجواء امتلئت قاعة الأحتفالات الكبرى بمئات من العائلات والأفراد ومشائخ الدين والمعلمين وحفظت كتاب الله والشخصيات الأجتماعية والسياسية العربية والأمريكية البارزة وشخصيات حكومية .. وتوالت الخطابات فالمناسبة هامة والحدث كبير .. إنه الذكرى السبعين لتأسيس مسجد جنوب ديربورن .. المسجد الذي صلى فيه أبي .. وصلى فيه حسين الحنيني ومحمد وحسين جيلان ومحمد صالح عبد وصالح الحاج منصر والإستاذ أحمد سعيد حبيش .. وكثير من أبناء العروبة من اليمن ومصر وسوريا ولبنان والعراق والأردن والسودان وفلسطين وكل بقاع الأسلام على إتساعها وضخامة همومها .. المسجد الذي تخرج منه رجال سروا في أصقاع الدنيا دعاة إلى دين الله وفاتحين .. إنها مفارقة مدهشة وأية عظيمة .. هذا المسجد الذي كان صغيراً فتضاعف عدة مرات خلال سني عمره المديد والذي يقوم على نفقة رواده الكرماء والذي إزدهر وبرز دوره في الأونة الأخيرة وأصبح يظم المئات من الطلاب والطالبات الذين يتلقون فيه دروس العربية وحفظ كتاب الله.. ويحفل بأنشطة دينية واجتماعية وثقافية لا حصر لها .. يكبر هذا المسجد ويعلو ويزدهر في هذا الوقت الذي تتهاوى فيه تلك القلاع العظيمة والبنايات الشاهقة .. وتتزلزل الأرض من تحتها .. فتهوي إلى سحيق .. مفارقة عجيبة وحكمة إلهية أعجب..
وفي يوم الجمعة في نفس المكان ترى الناس ألوفا يتقاطرون من مناطق شتى ومن مختلف المصانع وأرباب العمل مصانع السيارات والمطاعم والفنادق والمخازن والمخابز وعمال الطرق ومنظفي السجاد ورافعي القمامات عرب وعجم سود وبيض وملونين قدموا ليؤدوا صلاة الجمعة وبعيد الصلاة تراهم يتحلقون جماعات جماعات يتناقشون في كل شيء الأزمة الأقتصادية وسوق العمالة والبطالة والتأمين الأجتماعي .. وشؤون الساعة والوحدة اليمنية والأخطار التي تتهددها والشخوص الذين برزوا من هاوية التاريخ ليخاطبوا الناس بلغة لم يعد الناس يفهمها .. لغة التشطير والعودة إلى نقطة الصفر بعد جيلين من الرجال شبوا ونموا وترعرعوا في كنف الوحدة المباركة .. ومن ناحية أخرى يتعالى صوت آخر ينصر الوحدة ولكنه يسعى إلى نصرة وطن الوحدة وإنسانها الذي بطش به الفساد حدا لم يعاد يطاق .. قال لي أحدهم نحن في حاجة إلى إبراهيم أخر يسأل ارباب الفساد " من أين لك هذا؟؟" قلت نعم نحن في حاجة إلى من يحاسب الذين سطوا على ممتلكات الشعب المتظور جوعا وسرقوا بسمته وفرحته بالوحدة التي كانت ولا زالت تسري في دماء الشعب الذي حرم منها زمنا طويلا بفعل أعداء الوحدة وعشاق الكراسي .. واليوم يكاد المفسدون في الأرض والمتباكين على الماضي الأسود أن يهووا بالوطن والأنسان إلى هاوية سحيقة ولا يهمهم أمر الناس الذين يبكون سلطة المتنفذين الذين يتعاملون مع الوطن كأنه مكسب ومغنم يحق لهم أن يتقاسموه بينهم وليذهب الناس إلى الجحيم .. كفى يا هؤلاء .. كفى

جِـــــنَّ الشـــــــرى
كانوا من الشرى وكان الزمن قحطا وشدة وبلاء .. فطاب لهم أن يسطوا على جرف جيده مخزن الحبوب المحصل من زكوات المحاصيل الزراعية ومن حظهم العاثر أن قُبظ عليهم وهم متلبسين بفعلتهم .. وزج بهم الحبس ولأن أمرهم كان مشهور في الوسط الحكومي فقد أحب الحاكم أن يختبرهم .. فجيئ بهم إليه وبعد أن إنفرد بهم قال لهم: سأطلق سراحكم على شرط ، اليوم مع الجنود ذبيحة وطعام كثير .. أريدكم أن تأتوني بطعامهم وبنادقهم شرط أن لا يعرفوا من انتم وان لا يتمكنوا من الأمساك بكـــــــم وعلي إطلاقكم .. هل تقبلوا الرهان؟ أجاب الجميع بنعم .. وانطلقوا .. أحدهم أمسك حجرا بيده وهوى بها على الجند وهم مشغولون بأمر الطعام فجاء الحجر كالصاعقة على ركن الحكومة وهيبتها ووقف ووجهه الذي يستره ببعض لحافه يتحداهم .. فانطلق جميع الجند في أثره يطاردون جني من شراء المدينة .. ومال رفاقه على الطعام والسلاح وحملوه هدية للحاكم الذي أستغرب السرعة في التنفيذ ومال وإياهم على الطعام وأطلق سراحهم ..
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد