حرر بتاريخ 18 -07-2007 الكنز المفقود د. علي بن عمر بادحدح كنْز غالي الثمن، بل لا يوجد ما هو أغلى منه، القلوب به متعلقة، والنفوس إليه متشوقة، والعقول فيه مفكّرة، والبشر عنه يبحثون، وإليه يلهثون وفيه يتنافسون، ولكن كثير من الناس منه محرمون، وعنه بعيدون، فما هو هذا الكنز المفقود ؟ كل إنسان يبحث عن السعادة العظمى والثروة الكبرى، ويفتش عن الطمأنينة المستقرة والراحة المستمرة؟ أليس كل أحد يرغب في أن يملأ السرور قلبه، وأن تغمر البهجة نفسه وأن تعلوا البسمة وجهه؟ إلى كل الباحثين عن السعادة أقول: إنها تنبع من الداخل، ولا تستجلب من الخارج. إن منبع السعادة في هذا الدين العظيم، يشعر بها المؤمن الصادق والمسلم المخلص صاحب الكلمة الذاكرة والدمعة الخاشعة والجبهة الساجدة... إنه المؤمن الموصول بالله. إن اللذة والسعادة تكمن في الإيمان، والسعي لنيل رضى الرحمن ، وعبادة الملك الديّان. فلننظر إلى هذه اللذة التي ذاقها المؤمنون، وعلّمها للناس الأنبياء والمرسلون، واقتطف ثمارها وتمتع بأذواقها عباد الله الصالحون. معالم على طريق السعادة: وحدة وقوة التعلّق: إن أعظم منن الله ونعمه على العبد الإيمان والتوحيد الذي يربطه بالله وحده لتكون حياته كلها لله سبحانه وتعالى {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. { لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [ الأنعام: 163 – 162 ] ، وتتضح غايته في الحياة {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [ الذاريات: 56 ] ، ما أعظم أن يكون العبد الضعيف الفقير العاجز مرتبطاً بالله القوي الغني القاهر، الله الذي لا منتهى لكماله، ولا نهاية لجلاله، إنه حينئذ يرتبط بالسماء، يرتبط بنور الوحي الذي يعطي لهذه الروح غذاءها الذي جعله الله في الإيمان الحق الذي يجد فيه المؤمن اللذة والحلاوة والمتعة والسعادة وطمأنينة القلب وسكينة النفس، كما قال رسولنا الأمين صلى الله عليه وسلم : ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربً وبالإسلام ديناً وبمحمدً صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ) (رواه مسلم/رقم34). إنها وجهة واحدة عظيمة عظمة كتناهية، لا أهواء متعددة، ومقاصد متباينة تحير العقل وتكدر الخاطر وتغم القلب والنفس. ما أعظم هذا الاستقرار والسكينة عندما يخضع المؤمن لإله واحد بينما غيره من الناس يخضعون لقوى البشر يخشون منها ضراً أو يرجون منها نفعاً، بينما المؤمن حر طليق لا تعلق له ولا تعبد إلا لله وحده، صلته بالله وحده حبّا له وخشية منه، وإنابة إليه، وتوكلاً عليه |