السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحيه للاخوة والاخوات
إنَّ المسلم في زمنه ما هو إلا حلقةٌ من حلقات سلسلة النصر، فهو يتسلَّم الراية من الجيل الذي قبله، ويبني على الدرجة التي وصلوا إليها من درجات النصر، ثمَّ يسلِّمها مرفوعةً ما استطاع للجيل الذي بعده، والذي بدوره يسلِّمها مرفوعةً للذي بعد، وهكذا.. خطواتٌ ودرجاتٌ في هذا الطريق الطويل حتى يتحقَّق النصر الكامل، وهذا هو ما فعله الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا إذ تسلموا الراية من الرسول صلى الله عليه وسلم ورفعوها وسلَّموها للتابعين بعدهم فزادوها رفعًا حتى عمَّت رحمة الإسلام في عصرهم معظم الأرض.
إنَّ الله تعالى يقول: (وما النصر إلا من عند الله)، وعلى المسلم أن يوقن بذلك، لأنَّه لا يعلم متى يكون نصره سبحانه وكيف يكون، ولكنَّه يتَّخذ الأسباب فقط ويؤدِّي ما عليه من فروض، وهو بتقديره عزَّ وجلَّ يحقِّق النتائج في الموعد الذي يراه مناسبًا لتحقيق مصلحة البشر، إذ لو تحقَّقت مبكِّرًا قبل نضجها فقد يكون فيها بعض الضرر (وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبُّوا شيئًا وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، فقد يفتن المسلمون بالنصر إذا جاءهم وهم ليسوا أهلاً له فلا يعدلون مثلا أو يختلفون ويقتتلون على الدنيا وفتنتها لأنَّهم لم يبلغوا بعد الدرجات المطلوبة في التربية والتمسك بإسلامهم.. ونحو ذلك من الأضرار التي تجعل المسلم يترك توقيت وكيفيَّة التمكين للإسلام لخالقه عالم الغيب.. وليتأكَّد أنَّ الله لن يترك دينه (ألا إنَّ نصر الله قريب) !!
ولعلَّ في قصَّة غزوة الأحزاب ما يؤيِّد ذلك حيث اتخذ المسلمون ما أمكنهم فيها من أسباب أهمها - بعد الاستعانة بالله - حفر الخندق، فجاء النصر في وقتٍ وبسببين لم يكونا في حسبان الجميع، أحدهما ريحٌ أطاحت بالظالمين ومكَّنت للمسلمين، والآخر صحابيٌّ جليلٌ يسمَّي نعيم أسلم حديثًا في فترة الغزوة، وقام بمفرده بالوقيعة بين صفوف الأعداء فتفرَّقوا وغادروا خاسرين.
إنَّ هذه المعاني التي سبق ذكرها هي التي تمنع إحباط المسلم وتدفعه إلى الأمل ومزيدٍ من العمل، وتحمُّل الصعاب واقتحامها من أجل أداء الأمانة التي كلِّف بها من ربِّه ورسوله، أمانة الدعوة والتمكين لأن تكون كلمة الله هي العليا، أي نظام إسلامه هو السائد.. وله ثوابٌ عظيم.