'نحن امام جريمة قتل من نوع خاص!
لم يعد جديدا أن نسمع عن أم قتلت ضناها.. لكن الجديد في هذه الجريمة ان الأم قتلت طفلها بكل قسوة ثم ألقت جثته في منطقة نائية كوجبة شهية للكلاب الضالة.. ثم راحت تستسلم لنوم عميق في سريرها وكأن شيئا لم يكن!
الجريمة الغريبة شهدتها احدي قري
تفاصيلها الحزينة كما سجلتها محاضر التحقيقات في الشرطة والنيابة العامة ولنبدأ من النهاية!'
انتصف الليل.. الظلام فرض سطوته علي سماء قرية
.. الهدوء يلف أرجاء القرية .. لاصوت يعلو علي صوت نباح الكلاب الضالة!
نظيرة.. ربما كانت السيدة الوحيدة التي كانت مازالت يقظة.. الغيظ يكاد يفتك بملامحها .. شيء مايشغل بالها.. يحيرها.. حول رأسها الي دوامة تتوه في زحامها الحقيقة التي تبحث عنها منذ شروق شمس هذا اليوم.. طفلها ايمن ابن السنوات الست .. ابنها الوحيد من مطلقها التاجر اختفي فجأة منذ الصباح الباكر.. بحثت عنه في كل مكان بالقرية لم تجده.. ولانها المرة الاولي التي يغيب فيها ايمن دون علمها .. فقد لعبت برأسها الظنون .. وتآمرت علي خيالها الصور المرعبة.. وكان في مقدمتها صورة اساسية اعتقدت انها الأقرب الي الحقيقة.. ظنت ان ايمن غافلها وتوجه إلي والده التاجر الذي يقيم بمدينة طلخا!
* ازاي الولد ده يتجرأ ويروح عند أبوه من ورايا؟!
هكذا ضربت هذه الكلمات رأسها ومعها زادت درجة غليان الغيظ الذي كاد ان يفتك بها!
افتح محضر!
في مساء نفس اليوم.. بعد أن أعياها البحث عن طفلها.. توجهت نظيرة الي مركز شرطة
بلاغا باختفاء طفلها أيمن.. اتهمت فيه طليقها التاجر بانه استدرجه دون علمها واصطحبه الي بلدته
بعد أن أدلت بأقوالها في المحضر.. عادت إلي منزلها اسيرة للدوامة التي استبدت بها منذ الصباح.. اولادها الخمسة الكبار من زوجها الاول المتوفي غلبهم النعاس.. اما هي فراحت تبحث عن وسيلة تقتل بها مشاعر الغيظ الي تتملكها.. تذكرت أن الدور الثاني يتم بناؤه في نفس اليوم.. اقنعت نفسها ان تصعد إليه في الواحدة صباحا لتقوم برش الحوائط حديثة البناء ولم تتوقع المفاجأة التي تنتظرها فوق السطح تحت الظلام!
ضربة الموت!
فوجئت نظيرة بطفل يفترش الرمال المتكومة فوق السطح انقبض قلبها.. اقتربت منه في حذر.. حدقت في وجهه.. تأكدت انه هو نفسه طفلها ايمن!
ايقظته من نومه.. الطفل ينهض مفزوعا.. يرتعش.. الكلمات تخرج من فمه خائفة.. بادرته بلجة عنترية:
* انت هنا بتعمل ايه؟.. انا قلبت الدنيا عليك من الصبح.. وانت داير علي كيفك يا (....)
*سامحيني ياماما حقك عليٌ مشهعملها تاني.. كان نفسي اشوف بابا لانه وحشني قوي بس ما اقدرتش اروح له.. وتعبت من المشي فرجعت علي هنا وخفت اقولك .. ونمت هنا!
** لم تحرك الكلمات الملائكية قلب الأم.. تحولت إلي دراكولا في لحظة.. وكأن أيمن لم يكن فلذة كبدها.. كأنه ألد أعدائها.. تملكتها قوة خارقة.. متسلحة بجحافل الغيظ ورغبة الانتقام..
امسكت به وهو مازال يتوسل اليها دامعا.. امسكت بحجر كبير وهوت به علي رأس الصغير عدة مرات حتي سكنت توسلاته وانفاسه إلي الأبد!
تدفقت الدماء من الرأس المهشمة بغزارة .. مازالت نظيرة تحمل قلب أسد .. مازالت بلا دموع.. أو مشاعر.. مازالت كما هي قوية بلا قلب.. حملته جثة هامدة في لحظات.. مشت به مسافة تبعد 30 مترا عن المنزل.. تأكدت ان احدا لم يرها من الأهالي او حتي اولادها الخمسة.. وسط اصوات نباح الكلاب الضالة.. قدمت لهم وجبة شهية .. هي في الحقيقة جثة ايمن.. ثم عادت الي منزلها بكل هدوء.. استلقت علي سريرها.. راحت في نوم عميق كأن شيئا لم يكن!
القاتل.. ست الحبايب!
ساعات الليل مضت علي نظيره كأنها تركب الرياح.. ومضت علي جثة ايمن كأنها دهر طويل.. حتي اشرقت شمس صباح يوم جديد.. كأن عدالة السماء ارادت أن تحمي جثة الصغير من الكلاب الضالة.. ارسلت إليه من يلتقطه ويكتشف أمره.. فبالرغم من مرور ساعات الليل وسط الظلام الدامي تحيط جثته الكلاب إلا انها كانت رحيمة به.. وربما بكت علي حاله في الوقت الذي مات فيه قلب اعز الناس إليه.
تسمرت اقدام سائق الميكروباص امام المشهد المثير.. تأكد الرجل انه يقف امام جثة لطفل لايعرفه !
امام جثة الطفل.. نجحا في تحديد شخصية صاحبها طبقا لمواصفات أحدث محضر غياب حرر بالمركز منذ ساعات .. صاحبها الطفل أيمن!
تحقيقات موسعة اجراها ضباط فريق البحث .. تم خلالها استجواب عدد كبير من اهل القرية واسرة الطفل .. والمسجلين خطر .. خلافات ام الطفل مع طليقها كانت احد الخيوط التي ركز عليها رجال المباحث .. فالأم رفعت قضية علي والد الطفل مازالت تنظرها المحكمة.. فربما يكون الطفل دفع ثمن هذه الخلافات بين احد والديه؟!
ووسط الكم الهائل للمعلومات المتوافرة امام فريق البحث.. يلتقط رجال المباحث معلومة اشبه بالحجر الذي حرك المياه الراكدة.
قالت المعلومة ان نظيرة شوهدت تسير في نفس المكان الذي عثر فيه علي جثة الطفل بعد منتصف الليل!
.. زاد من شكوك رجال المباحث فيها تماسكها وبرود أعصابها رغم أن المجني عليه لم يكن في الحقيقة سوي أعز الناس إليها!
بتضييق الخناق عليها ومواجهتها بالتحريات
اعترفت
بقتل أيمن وروت امام رجال المباحث تفاصيل جريمتها البشعة!
***
تم تحرير محضر بالجريمةإلي نيابة النيابة وأمر بحبسها علي ذمة التحقيق.. ووجه اليها تهمة القتل العمد.. وصرح بدفن جثة الطفل بعد تشريحها بمعرفة الطبيب الشرعي لبيان سبب الوفاة.
منقول من الصحف
قلوب متحجرة