- بسم الله الرحمن الرحيم
- غريبة هي الدنيا ...
- سميت دنيا لتدني منزلتها عند الله وحقارتها ... أوضاعها غريبة ...
- ليل يتبعه نهار ... حياة وموت ... لقاء وفراق ... ضيق وفرح ...
- آمال و آلام ... بزوغ وأفول ...
- ومعادلة بسيطة ومتساوية الأطراف :
- ( طفل الأمس هو شاب اليوم - هو شيخ الغد )
- قال الله تعالى :
- " و اضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض
- فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا "
- نعم هذا مثل هذه الحياة الدنيا في سرعة ذهابها واضمحلالها وقرب فنائها وزوالها ...
- هذه الحياة الدنيا لا راحة فيها ولا اطمئنان ...
- ولا ثبات فيها ولا استقرار حوادثها كثيرة وعبرها غفيرة ...
- دول تبنى و أخرى تزول ... مدن تعمر وأخرى تدمر ...
- وممالك تشاد و أخرى تباد ...
- فرح يقتله ترح ... وضحكة تخرسها دمعة ...
- صحيح يسقم ومريض يعافى ...
- وهكذا تسير عجلتها لا تقف لميلاد ولا لغياب ولا لفرح ولا لحزن ...
- تسير حتى يأذن الله لها بالفناء ...
- ولا يملك الناس من هذه الدنيا شيئا إلا بمقدار ...
- نزول المطر ونبات الزرع وصورته هشيما ...
- بذلك ينتهي شريط الحياة ...
- ما بين ولادة وطفولة وشباب وشيخوخة ثم موت وقبر ...
- يطوى سجل الإنسان بعجالة وكأنها غمضة عين أو لمحة بصر أو ومضة برق ...
- " اعلموا إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد "
- سراب خادع ... وبريق لامع ... ولكنها سيف قاطع ... وصارم ساطع ...
- كم أذاقته أسى ... وكم جرعت غصصا ... و أذاقت مرضا ...
- كم أحزنت من فرح ... وأبكت من مرح ...
- وكبرت من صبو ... وشابت من صغير ؟!
- سرورها مشوب بالحزن ... وصفوها مشوب بالكدر ...
- خداعة مكارة ... ساحرة غرارة ...
- كم هم فيها من صغير ... وذل فيها من عزيز ...
- وترف فيها من وثير ... وفقير فيها من غني ؟!
- أحوالها متبدلة وشمولها متغيرة ...
- يقول عليه الصلاة والسلام
- " مالي وللدنيا , ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها "
- ومن وصايا عيسى على نبينا وعليه السلام لأصحابه قال :
- ( الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها )
- وقوله أيضا :
- " من ذا الذي يبني فوق موج البحر دارا ؟! تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا "
- وقيل لنوح عليه السلام:
- ( يا أطول الأنبياء عمرا كيف رأيت الدنيا ؟ قال :
- " كدار لها بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر "
- إنا لنفرح بالأيام نقطعها ... وكل يوم مضى يدني من الأجل !!
- فإن الموت الذي تخطانا الى غيرنا ... سيتخطى غيرنا إلينا فلنأخذ حذرنا ...
- هو الموت ما منه ملاذ ومهرب ... متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب !!
- دعونا نحاسب أنفسنا ونستلهم الدروس والعبر مما فات ...
- دعونا نتساءل عن يومنا كيف أمضيناه ؟!
- وعن وقتنا كيف قضيناه ؟!
- فإن كان مافية خيرا حمدناه وشكرنا ...
- وإن كان ما فيه شرا تبنا إليه واستغفرناه ...
- ليسأل كل واحد منا نفسه ...
- كم صلاة فجر ضيعتها أو أخرتها ولم أصليها إلا عند الذهاب
- إلى المدرسة أو العمل ؟
- كم حفظت من كتاب الله وعملت به ؟
- كم يوم صمته في سبيل الله ؟
- كم صلة رحم قمت بزيارتها ؟
- كم من غيبة كتبت علي ؟
- وكم نظرة حرام سجلت علي ؟
- وكم فرصة سنحت لي لأتوب ولكني لم أتب حتى هذه اللحظة ؟
- كم مرة عققت والدي ونهرتهما ؟
- وكم ... وكم ...
- فهلا حاسبنا أنفسنا الآن مادامت الفرصة سانحة ...
- والسوق مفتوحة والبضاعة قائمة ؟!!
- وقفة مع حياة الإنسان
- لو ألقينا نظرة خاطفة على حياة الإنسان في الدنيا لرأينا العجب العجاب ...
- والله إني لأعجب كثيرا ممن وهب نفسه للدنيا ونسي الآخرة وكأنه لا يؤمن بها ...
- مع علمه بأن المرء ليس له إلا عمر واحد ... و أجل محدود ...
- ولن يعطى فوق أجله دقيقة واحدة ليعيشها ...
- ومع هذا يكابر ويتكبر ويسوف التوبة و يلهو بالمعصية
- ويعيش حياة من لا يموت أبدا !!
- أخي / أختي في الله
- ألست توقن بالموت ؟!
- ألست تقرأ ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) ؟!
- أما تساءلت أين سيد الخلق الذي لو ترك الموت أحدا لتركه ؟!
- ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون )
- أين آباءك و أجدادك !! أين الملوك والأبطال ؟
- أو ليس غيبهم الثرى وتساوى الملوك والصعاليك في أطباق التراب ؟!
- أما لك فيهم عبرة ؟! أما لك فيهم موعظة ؟! وكفى بالموت واعظا ...
- ألم تشاهد منظرا للواعظ الصامت ( القبر ) ؟!
- ألم تشاهد منظرا للموطن الساكن ( القبر ) ؟
- الإنسان مثله كمثل الشجرة تحمل عددا من الأوراق التي هي عمره
- فكلما سقطت ورقة من هذه الشجرة انقضت سنة من حياة ذلك الإنسان
- وفي الختــــام ...
- لقد كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يحب الفأل ...
- فاقتداء به لنختم يومنا هذا بالتفاؤل ...
- وبأن المستقبل لصالح المسلمين ونصرهم على عدوهم وتمكينهم في الأرض ...
- و أن النصر سيكون للإسلام وأهله طال الزمان أو قصر ...
- فينبغي ألا يزيدنا مرور الأيام إلا صلاحا و إقبالا ...
- وتمسكا بعقيدتنا الصحيحة وثوابتنا ومبادئنا السليمة ...
- فهل نعتبر ونجعل أيامنا القادمة صحائف خير ...
- جدير بنا أن نملأها بالحسنات تلو الحسنات ؟؟!!
- ولو قدر الله أن تقترف أيدينا وجوارحنا السيئات فعلينا أن نتذكر قوله تعالى :
- " إن الحسنات يذهبن السيئات "
- وقوله عليه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لمعاذ :
- " يا معاذ : اتق الله حيثما كنت و أتبع السيئة الحسنة تمحها
- "وخالق الناس بخلق حسن
- أقبل على صلواتك الخمس ... كم مصبح وعساه لا يمسي ..
- واستقبل يومك الجديد بتوبة ... تمحو ذنوب صحيفة الأمس [size=29][/size]..