إن تاريخنا الإسلامي هو أفضل تاريخ عرفته الأرض·· عبر مساحة التاريخ المدوَّن !! وهذه الحقيقة تتجلى عندما ننظر إليها في سياق بشريته، (فهو تاريخ بشر)··· وعندما ننظر إليه بالجملة، لا بالوقوف المتربص الحاقد عند نقطة معينة ، ففي حياة كل إنسان ـ عظيماً أو عادياً ـ هفوات·
والتاريخ هو حياة مجموع البشر أو الناس الأحياء، وليس رصداً لتاريخ أوهام أسطورية··· بل هو تاريخ ناس واقعيين ··· عاشوا على الأرض، وكانت لهم أشواق روحية، وغرائز بشرية!!·
وعندما ننظر بهذا التقويم الموضوعي، فسنجد أن عصر الرسالة والراشدين (1 ـ 14هـ)، هو أفضل عصور التاريخ البشري على الإطلاق، ولا يساويه إلا حياة الأنبياء عليهم السلام، وقد تقترب منهم حياة حواريي الأنبياء من الدرجة الأولى·
ولم يحظ أي نبي بهذا الجمع العظيم الذي صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على عينيه··· وكان القمة المثلى للحضارة الإسلامية!·
فلما جاء الأمويون (14 ـ 231هـ)، لم ينقطع هذا التاريخ لأن عام (14هـ) لا يعني موت كل الصحابة، فبقى عصر الأمويين يرشح بهؤلاء العظماء، وانحصر الخلل في بعض النواحي القومية والسياسية، وكانت الحياة الدينية والاجتماعية في القمة··· بل في هذا العصر تمت أعظم الفتوحات التي قام بها الشعب المسلم تحت قيادة بني أمية عن رضا وطواعية·
فلما جاء العباسيون (231هـ ـ 656هـ)، مضت الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والتشريعية، بقيادة الشعب المسلم في مجراها الطبيعي ، فنهرُ الحضارة الدافق لا يخضع للتحولات السياسية بقيام دولة أو سقوط أخرى·
وقد وقع العباسيون في خطأين:
أولهما: حركة الترجمة إلى العربية من دون ضوابط كافية، ومن دون حركة ترجمة مضادة تنشر العقيدة الإسلامية في العالم···
وثانيهما: إشغال الأمة بفتنة خلق القرآن، واستعمال العنف والقسوة، وترك الحبل على الغارب للمعتزلة المنهزمين أمام المقولات الفلسفية!!·
لكن العباسيين نشروا الحضارة الإسلامية، وامتدت في عهدهم حركة سلمية دعوية لنشر الإسلام! إذ إن فتوحات بني أمية العسكرية والسياسية لم تعنِ دخول الناس في الإسلام فوراً، فالإسلام لا يؤمن بالإكراه، فكان العصر العباسي هو الذي نشر الإسلام بواسطة الأمة الداعية، لا الدولة الراعية·
ثم إن الحكومة العباسية وقفت ـ بصرامة ـ ضد الحركات الباطنية كالبرامكة، والخرَّمية، وحسبها أنها صمدت في وجه المد الفاطمي الذي نجح في الاستيلاء على المغرب ومصر·· كما أنها استوعبت السيطرة الشيعية البويهية على الحكم، بحيث بقيت السيطرة البويهية سيطرة سياسية، لا باطنية!!·
وجاء الزنكيون، والأيوبيون، والمماليك·· ثم جاء العثمانيون، الذين عاشوا خمسة قرون حتى سقطوا سنة 1924م، فكان للجميع بعض السلبيات، لكنهم قدموا للإسلام أعظم الخدمات، وصدوا عنه أشنع الغارات!!·
ومازال الإسلام ـ بفضل هؤلاء الأسلاف ـ موجوداً إلى الآن، يصارع المحن، ويمتص المؤامرات الخبيثة، ويفلت بالمسلمين ـ تحت رايته الخفاقةـ من مرحلة الاستعمار العسكري والسياسي الأوروبي إلى مواجهة الغزو الفكري الصليبي والصهيوني، ثم إلى مرحلة الصحوة الإسلامية، وما تواجهه، الآن من صعوبات ومؤامرات عالمية·
لكن الإسلام يمتد إلى كل قارات الأرض بفضل الأمة الداعية، وينتصر حتى مع الهزائم السياسية والعسكرية، كما انتصر أيام التتار··· وسيشق المسلمون طريقهم بإذن الله، وستخفق راية الإسلام ـ مهما كانت السحب داكنة ـ فالإسلام هو الحل الوحيد للبشرية·· وليس للمسلمين وحدهم، وهو قدر الله الغالب، والأمل الوحيد الذي لا أمل في إنقاذ البشرية من دونه!·
هذا التاريخ الصامد··· وهذ الإسلام الفاتح·· وهذه الحضارة المثلى التي صهرت الجوانب الوجدانية، والعقلية، والروحية، والفردية، والاجتماعية، في بوتقة واحدة، وحققت للإنسان إنسانيته، فكانت مشرق النور، روحاً وعقلاً لكل الدنيا لأكثر من عشرة قرون·
هذا التاريخ، وهذه الحضارة، هل يجوز أن نبيعهما رخيصين في عصور تصطنع الأمم فيها لنفسها تاريخاً، وتتوهم لنفسها حضارة!!·
وهل يجوز أن يبقيا مطعناً لسهام أصحاب النحل الباطلة والنزعات الشاذة، والمحنَّطين في كهوف أحداث معينة، لا يريدون أن يتحولوا عنها ليمدوا الطرف، ويوسعوا الصدر، ويتعاملوا مع البشرية بالمقياس الملائم للطاقة البشرية·
بم سنمضي في مجالات صراع الأمم، وحوار الحضارات؟
إن أسلافنا هم أجدادنا، ولا نستطيع أن ننسلخ عنهم إلا إذا كنا قد قررنا أن نفقد هويتنا··· فالاسم وحده لا يدل على صاحبه، ولا يعتمد في سجلات التاريخ!!·
وإن حضارتنا هي قسماتنا الحضارية التي نتميز بها ونحن نصنع حضارتنا المعاصرة التكنولوجية والإنسانية··· فهي التي تدل علينا، وتؤكد أننا شريحة خاصة من البشر، ولسنا عبيداً تابعين، قد ضاعت ملامحهم .. ·
وكما أن أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلياً هم ـ بعد إمام الدعوة، ورسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم، قدوتنا وعظماؤنا، فكذلك ننظر إلى من جاء بعدهم·· فهم دونهم، لكنهم أزكى منا، وقدوتنا··· فهم من خير القرون، ومن الصحابة والتابعين، ومن الأسلاف المجتهدين، مصيبين كانوا أو مخطئين·· وكذلك نربي الأمة على الانتماء لحضارتها وصُنَّاعها والاعتزاز بهم، دون أن نقدسهم أو نرتفع بهم إلى درجة العصمة··· فلا عصمة لأحد بعد رسول الله، خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام·
والويل لأمة تتربص بتاريخها أو تشوهه أو تكبِّر لحظات الضعف فيه، أو تمضي في طريقها من دون معالم تستلهمها من حضارتها·
إنها ـ عندئذ ـ أمة ضائعة، تائهة، قد ضلت الطريق!!
إن تاريخنا، وحضارتنا، ليسا للبيع، وإن مؤرخينا ومفكرينا المنتمين الواعين بسنن الله في التقدم، يجب أن يجندوا أنفسهم للذود عن هذا التاريخ، وهذه الحضارة، وأن يحسنوا ـ كذلك ـ توظيفهما للانبعاث
والتاريخ هو حياة مجموع البشر أو الناس الأحياء، وليس رصداً لتاريخ أوهام أسطورية··· بل هو تاريخ ناس واقعيين ··· عاشوا على الأرض، وكانت لهم أشواق روحية، وغرائز بشرية!!·
وعندما ننظر بهذا التقويم الموضوعي، فسنجد أن عصر الرسالة والراشدين (1 ـ 14هـ)، هو أفضل عصور التاريخ البشري على الإطلاق، ولا يساويه إلا حياة الأنبياء عليهم السلام، وقد تقترب منهم حياة حواريي الأنبياء من الدرجة الأولى·
ولم يحظ أي نبي بهذا الجمع العظيم الذي صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على عينيه··· وكان القمة المثلى للحضارة الإسلامية!·
فلما جاء الأمويون (14 ـ 231هـ)، لم ينقطع هذا التاريخ لأن عام (14هـ) لا يعني موت كل الصحابة، فبقى عصر الأمويين يرشح بهؤلاء العظماء، وانحصر الخلل في بعض النواحي القومية والسياسية، وكانت الحياة الدينية والاجتماعية في القمة··· بل في هذا العصر تمت أعظم الفتوحات التي قام بها الشعب المسلم تحت قيادة بني أمية عن رضا وطواعية·
فلما جاء العباسيون (231هـ ـ 656هـ)، مضت الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والتشريعية، بقيادة الشعب المسلم في مجراها الطبيعي ، فنهرُ الحضارة الدافق لا يخضع للتحولات السياسية بقيام دولة أو سقوط أخرى·
وقد وقع العباسيون في خطأين:
أولهما: حركة الترجمة إلى العربية من دون ضوابط كافية، ومن دون حركة ترجمة مضادة تنشر العقيدة الإسلامية في العالم···
وثانيهما: إشغال الأمة بفتنة خلق القرآن، واستعمال العنف والقسوة، وترك الحبل على الغارب للمعتزلة المنهزمين أمام المقولات الفلسفية!!·
لكن العباسيين نشروا الحضارة الإسلامية، وامتدت في عهدهم حركة سلمية دعوية لنشر الإسلام! إذ إن فتوحات بني أمية العسكرية والسياسية لم تعنِ دخول الناس في الإسلام فوراً، فالإسلام لا يؤمن بالإكراه، فكان العصر العباسي هو الذي نشر الإسلام بواسطة الأمة الداعية، لا الدولة الراعية·
ثم إن الحكومة العباسية وقفت ـ بصرامة ـ ضد الحركات الباطنية كالبرامكة، والخرَّمية، وحسبها أنها صمدت في وجه المد الفاطمي الذي نجح في الاستيلاء على المغرب ومصر·· كما أنها استوعبت السيطرة الشيعية البويهية على الحكم، بحيث بقيت السيطرة البويهية سيطرة سياسية، لا باطنية!!·
وجاء الزنكيون، والأيوبيون، والمماليك·· ثم جاء العثمانيون، الذين عاشوا خمسة قرون حتى سقطوا سنة 1924م، فكان للجميع بعض السلبيات، لكنهم قدموا للإسلام أعظم الخدمات، وصدوا عنه أشنع الغارات!!·
ومازال الإسلام ـ بفضل هؤلاء الأسلاف ـ موجوداً إلى الآن، يصارع المحن، ويمتص المؤامرات الخبيثة، ويفلت بالمسلمين ـ تحت رايته الخفاقةـ من مرحلة الاستعمار العسكري والسياسي الأوروبي إلى مواجهة الغزو الفكري الصليبي والصهيوني، ثم إلى مرحلة الصحوة الإسلامية، وما تواجهه، الآن من صعوبات ومؤامرات عالمية·
لكن الإسلام يمتد إلى كل قارات الأرض بفضل الأمة الداعية، وينتصر حتى مع الهزائم السياسية والعسكرية، كما انتصر أيام التتار··· وسيشق المسلمون طريقهم بإذن الله، وستخفق راية الإسلام ـ مهما كانت السحب داكنة ـ فالإسلام هو الحل الوحيد للبشرية·· وليس للمسلمين وحدهم، وهو قدر الله الغالب، والأمل الوحيد الذي لا أمل في إنقاذ البشرية من دونه!·
هذا التاريخ الصامد··· وهذ الإسلام الفاتح·· وهذه الحضارة المثلى التي صهرت الجوانب الوجدانية، والعقلية، والروحية، والفردية، والاجتماعية، في بوتقة واحدة، وحققت للإنسان إنسانيته، فكانت مشرق النور، روحاً وعقلاً لكل الدنيا لأكثر من عشرة قرون·
هذا التاريخ، وهذه الحضارة، هل يجوز أن نبيعهما رخيصين في عصور تصطنع الأمم فيها لنفسها تاريخاً، وتتوهم لنفسها حضارة!!·
وهل يجوز أن يبقيا مطعناً لسهام أصحاب النحل الباطلة والنزعات الشاذة، والمحنَّطين في كهوف أحداث معينة، لا يريدون أن يتحولوا عنها ليمدوا الطرف، ويوسعوا الصدر، ويتعاملوا مع البشرية بالمقياس الملائم للطاقة البشرية·
بم سنمضي في مجالات صراع الأمم، وحوار الحضارات؟
إن أسلافنا هم أجدادنا، ولا نستطيع أن ننسلخ عنهم إلا إذا كنا قد قررنا أن نفقد هويتنا··· فالاسم وحده لا يدل على صاحبه، ولا يعتمد في سجلات التاريخ!!·
وإن حضارتنا هي قسماتنا الحضارية التي نتميز بها ونحن نصنع حضارتنا المعاصرة التكنولوجية والإنسانية··· فهي التي تدل علينا، وتؤكد أننا شريحة خاصة من البشر، ولسنا عبيداً تابعين، قد ضاعت ملامحهم .. ·
وكما أن أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلياً هم ـ بعد إمام الدعوة، ورسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم، قدوتنا وعظماؤنا، فكذلك ننظر إلى من جاء بعدهم·· فهم دونهم، لكنهم أزكى منا، وقدوتنا··· فهم من خير القرون، ومن الصحابة والتابعين، ومن الأسلاف المجتهدين، مصيبين كانوا أو مخطئين·· وكذلك نربي الأمة على الانتماء لحضارتها وصُنَّاعها والاعتزاز بهم، دون أن نقدسهم أو نرتفع بهم إلى درجة العصمة··· فلا عصمة لأحد بعد رسول الله، خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام·
والويل لأمة تتربص بتاريخها أو تشوهه أو تكبِّر لحظات الضعف فيه، أو تمضي في طريقها من دون معالم تستلهمها من حضارتها·
إنها ـ عندئذ ـ أمة ضائعة، تائهة، قد ضلت الطريق!!
إن تاريخنا، وحضارتنا، ليسا للبيع، وإن مؤرخينا ومفكرينا المنتمين الواعين بسنن الله في التقدم، يجب أن يجندوا أنفسهم للذود عن هذا التاريخ، وهذه الحضارة، وأن يحسنوا ـ كذلك ـ توظيفهما للانبعاث