اليمن: معدلات العنف الأسري ترتفع في فصل الصيف بصورة واضحة
استعدوا
كشفت دراسة علمية حديثة اعدتها الجمعية اليمنية للصحة النفسية عن تزايد معدلات العنف الاسري بصورة لافتة خلال السنوات الماضية، وذلك لجملة اسباب يقترن فيها ما هو اجتماعي بما هو اقتصادي وتربوي ونفسي، كما تبين ان هذه المعدلات تزيد بصورة واضحة خلال فصل الصيف وتنخفض في الشتاء خاصة في المدن الساحلية.
وعزت الدراسة التنامي المطرد في ظاهرة العنف الاسري الى عدد من العوامل والاسباب ابرزها التطورات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة خلال العقد الماضي وما ترتب على ذلك من انفتاح وتغييرات جذرية في الحياة، خاصة في المحافظات الجنوبية والشرقية، حيث الظاهرة اكثر تجليا، ونتج عن هذه التغيرات الكثير من التعقيدات الاقتصادية والاجتماعية في ظل النمو المطرد في عدد السكان وزيادة معدلات البطالة والفقر وضعف الروابط الاسرية كنتيجة للاوضاع المعيشية والاقتصادية المعقدة خاصة بعد تحرير الاقتصاد.
وتشير الدراسة التي شارك في اعدادها عدد من الباحثين والاختصاصيين النفسيين، الى ان العوامل المشار اليها لم تؤد الى رفع معدلات العنف الاسري فحسب، لكنها ساهمت ايضا في رفع معدلات الجريمة وزيادة نسبة الامراض النفسية والعقلية.
واعتمد معدو الدراسة على مصادر متنوعة ومختلفة للاحاطة بحجم الظاهرة وتداعياتها المختلفة شملت ما هو مدون في سجلات الشرطة وما ترصده مراكز الابحاث الاجتماعية والعيادات النفسية والعصبية الى جانب لقاءات ميدانية مع عدد من ضحايا العنف الاسري، والحرص على تنويع المصادر راجع الى ان الكثير من حالات العنف الاسري لا تصل الى الجهات الامنية وغالبا ما تعالج في اطار الاعراف الاجتماعية بسبب طبيعة المجتمع اليمني المحافظة، خاصة اذا علمنا ان المرأة والطفل هما من ضحايا ظاهرة العنف الاسري بدرجة اساسية.
وأرجعت الدراسة ممارسة العنف الاسري الى عدد من الاسباب اهمها ادمان الكحول والمهدئات والافراط في تعاطي القات وايضا بسبب الاضطرابات النفسية والعصبية التي تزايدت معدلاتها في ظل الإهمال الاسري او الاحباط نتيجة البطالة وغير ذلك من العوامل الاجتماعية.
وتكشف الدراسة ايضا عن ان الذكور هم الاكثر ممارسة للعنف الاسري، حيث ان نحو 97 في المائة من الحالات قام بها ذكور، وتمثل الاناث 57 في المائة من ضحايا العنف مع ملاحظة ان المعتدين في الغالب هم من فئة الشباب (21 ـ 31 عاما)، وبنسبة 59 في المائة من اجمالي عدد الحالات، كما يعد الكهول عموما وكبار السن من ضحايا العنف الاسري بعد الاناث مباشرة، وهو ما يشير الى الخلل الذي اعترى القيم التربوية الاخلاقية وتفشي قيم العقوق والتمرد على اولياء الامور كانعكاس طبيعي لضعف الروابط الاسرية والاجتماعية التقليدية.
ولاحظت الدراسة الارتباط الوثيق بين تدني المستوى التعليمي وممارسة العنف او الوقوع ضحية له، فأكثر من 64 في المائة من ممارسي العنف لا يتعدى مستواهم التعليمي المرحلة الابتدائية وهم عاطلون عن العمل في الغالب، كما ان 48 في المائة من الضحايا هم من نفس المستوى التعليمي، ولعل ذلك ما يفسر ارتفاع نسبة الضحايا من الاناث بسبب ارتفاع نسبة الامية في اوساطهن والتي تصل الى 80 في المائة، واعتمادهن على الذكور في الإعالة.
لكن الطريف ان الدراسة بينت ان نسبة العنف الاسري ترتفع في فصل الصيف وتبلغ ذروتها في شهر مايو (ايار) خاصة في المدن الساحلية، وتأخذ في الانخفاض تدريجيا وتكاد تختفي في شهر ديسمبر (كانون الاول)، وهذا ما اكدته دراسة علمية سابقة حول الاستجابات البيولوجية للسلوك العدواني.
ويمثل الضرب بالأيدي اكثر انواع العنف الاسري شيوعا وبنسبة 67 في المائة، يليه استخدام الادوات المنزلية بنسبة 21 في المائة، ثم استخدام الحريق واطلاق النار بنسبة 8 في المائة، في حين لا تزيد نسبة استخدام الادوات الحادة على ثلاثة في المائة، وتمثل الخلافات الاسرية لأسباب اجتماعية 32 في المائة من حالات العنف الاسري، و24 في المائة بسبب خلافات حول الانفاق، و16 في المائة نتيجة ادمان الكحول والمهدئات، و13 في المائة لأسباب تتعلق بشيوع الاضطرابات النفسية والعقلية.