من هم الاشاعرة
التعريف : الأشاعرة فرقة إسلامية تنتسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري -
رحمه الله - وتنتهج أسلوب أهل الكلام في تقرير العقائد والرد على المخالفين .
المؤسس : الإمام أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري ولد بالبصرة سنة 260هـ
وسكن بغداد وتوفي بها سنة 324هـ . وعاش – رحمه الله - ملازما لزوج أمه شيخ المعتزلة
في زمنه أبي علي الجبائي، فعنه أخذ الاعتزال حتى تبحر فيه وصار من أئمته ودعاته .
تحوله عن الاعتزال :
يجمع المؤرخون لحياة أبي الحسن رحمه الله على التحول الأول في حياته، وهو خروجه
من مذهب الاعتزال ونبذه له .
فيذكر ابن عساكر وغيره أن أبا الحسن الأشعري - رحمه الله - اعتزل الناس مدة
خمسة عشر يوما، وتفرغ في بيته للبحث والمطالعة، ثم خرج إلى الناس في
المسجد الجامع، وأخبرهم أنه انخلع مما كان يعتقده، كما ينخلع من ثوبه،
ثم خلع ثوبا كان عليه ورمى بكتبه الجديدة للناس.
ومع اتفاق الباحثين على رجوعه عن مذهب الاعتزال، إلا أنهم اختلفوا في تحديد
سبب ذلك الرجوع، فقيل إن سبب رجوعه ما رآه في مذهب المعتزلة من عجز ظاهر
في بعض جوانبه، فقد كان - رحمه الله - دائم السؤال لأساتذته عما أشكل عليه من
مذهبهم، ومما يروى في ذلك أن رجلا دخل على أبي علي الجبائي وفي حضرته
أبو الحسن الأشعري، فقال الرجل لأبي علي : هل يجوز أن يسمى الله عاقلا ؟
فقال : الجبائي : لا ، لأن العقل مشتق من العقال، وهو المنع، والمنع في
حق الله محال، فامتنع الإطلاق، فاعترض أبو الحسن على جواب أبي علي
قائلا : لو كان قياسك المذكور صحيحا، لامتنع إطلاق اسم الحكيم على الله،
لأنه مشتق من ح..مَةِ اللجام، وهي حديدة تمنع الدابة من الخروج، وذكر شواهد
من الشعر على ذلك، فلم يحر أبو علي الجبائي جوابا، إلا أنه قال لأبي الحسن،
فَلِمَ منعت أنت أن يسمى الله عاقلا، وأجزت أن يسمى حكيما ؟ فقال : لأن طريقي
في مأخذ أسماء الله الإذن الشرعي دون القياس اللغوي، فأطلقت حكيما لأن الشرع
أطلقه، ومنعت عاقلا لأن الشرع منعه، ولو أطلقه الشرع لأطلقته ".
ومما يذكر أيضا في سبب رجوعه عن مذهب الاعتزال مع ما سبق، رؤيا رأى فيها
النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو الحسن : " وقع في صدري في بعض الليالي شيء
مما كنت فيه من العقائد، فقمت وصليت ركعتين، وسألت الله أن يهديني الصراط المستقيم،
ونمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم، فشكوت إليه بعض ما بي من الأمر،
فقال صلى الله عليه وسلم عليك بسنتي، قال : فانتبهت وعارضت مسائل الكلام بما وجدت
من القرآن والأخبار، فأثبته ونبذت ما سواه ورائي ظهريا " ( التبيين 38-39) وهذه القصة
يقول الدكتور عبدالرحمن المحمود : " ينتهي إسنادها إلى بعض الأصحاب من غير تحديد".
ولو صحت هذه القصة لكانت نصا في بيان سبب رجوعه، إلا أنه من الملاحظ من خلال
مناظرات أبي الحسن للمعتزلة أنه بدأت تتشكل عنده رؤية خاصة به في بعض المسائل
وهو ما زال منضويا في عباءة المعتزلة، ولعل الرؤيا التي رآها هي التي وضعت حدا
لإنهاء تلك الحيرة، ورسمت له طريق التخلص كليا من مذهب الاعتزال .
واختلف الباحثون كذلك حول المذهب الذي تحول إليه أبو الحسن رحمه الله، فقيل تحول
إلى مذهب الكلابية وعنه إلى مذهب السلف وهذا قول جمع من العلماء، وقيل تحول إلى
مذهب الكلابية وبقي عليه، وكانت له آراء مستقلة توسط فيها بين المعتزلة والمثبتة
نشأ عنها المذهب الأشعري وهو قول الأشعرية .
ويعتمد أصحاب القول الأول - القائلين بتحوله إلى الكلابية ومنها إلى مذهب السلف -
على ما كتبه الأشعري في الإبانة، ويقولون إنها من آخر كتبه، وفيها نصَّ على أنه
على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله .
إلا أن مقارنة دقيقة بين ما كتبه - رحمه الله - في الإبانة ومذهب الكلابية لا تظهر كبير
فرق بين المذهبين، فما قال به الكلابية قال به الأشعري، كإثبات الصفات الخبرية كالوجه
واليدين وغيرهما، وما نفاه الكلابية نفاه الأشعري كنفيه قيام الأفعال الاختيارية بالله سبحانه،
حيث ذهب إلى أن صفة الإرادة صفة أزلية قديمة، لا تتجدد لفعل فعل ولا لإنشائه .
وكذلك قال - في غير الإبانة - إن الكلام صفة ذات، وأنكر على من قال إن الله تكلم بالقرآن.
أما انتسابه لمذهب الإمام أحمد فلا يمكن أن ينسب إليه بمجرد الانتساب، مع أن أقواله
وأراءه تخالف ما قال به أحمد، فأحمد رحمه لم يقل بنفي اتصاف الله بالأفعال الاختيارية
كالنزول والمجيء .
أما قوله بإثبات الاستواء والعلو فهو أيضا مذهب ابن كلاب، وعليه فلا ينقض هذا الاستشهاد
قول من قال بأنه تحول عن الاعتزال إلى الكلابية وبقي عليها .
فهذه نبذة عن حياة الرجل الفكرية وهي توضح أهمية البحث والمطالعة، ومناقشة المرء
لما عنده مما نشأ عليه، فإن البحث والاستقصاء لا يزيد الحق إلا جلاء وقوة، ولا يزيد
الباطل إلا اضمحلالا ونفرة .
الفرق بين متقدمي الأشاعرة ومتأخريهم :
لعل من الواضح لدى دارسي المذهب الأشعري أن ثمة تباين ظاهر بين ما كان عليه
متقدموا الأشاعرة في بعض المسائل، وبين ما استقر عليه الرأي عند المتأخرين منهم
في تلك المسائل، وهو ما يؤدي بنا إلى القول بأن الأشاعرة المتأخرين لم يكونوا متبعين
تماما لأبي الحسن الأشعري - رحمه الله - وإنما خالفوه في مسائل من الأهمية بمكان،
حتى قال بعضهم :
اتمنا ان تنال اعجابكم
السلسله الاولى من سلسله الاشاعره ومعتقداتهم
اخوكم ابو ريهام