الصمود

الشاعر محمود درويش



لو يذكر الزيتون غارسه

لصار الزيت دمعا !

يا حكمة الأجداد

لو من لحمنا نعطيك درعا !

لكنّ سهل الريح ،

لا يعطي عبيد الريح زرعا !

إنّا سنقلع بالرموش

الشوك و الأحزان ... قلعا !

و إلام نحمل عارنا و صليبنا !

و الكون يسعى ...

سنظل في الزيتون خضرته ،

و حول الأرض درعا !!


إنّا نحبّ الورد ،

لكنّا نحبّ القمح أكثر

و نحبّ عطر الورد ،

لكن السنابل منه أطهر

فاحموا سنابلكم من الأعصار

بالصدر المسمّر

هاتوا السياج من الصدور ...

من الصدور ؛ فكيف يكسر ؟؟

إقبض على عنق السنابل

مثلما عانقت خنجر!

الأرض ، و الفلاح ، و الإصرار ،

قل لي : كيف تقهر...

هذي الأقانيم الثلاثة ،

كيف تقهر ؟




عيناك يا صديقتي العجوز، يا صديقتي المراهقة

عيناك شحّاذان في ليل الزوايا الخانقة

لا يضحك الرجاء فيهما ، و لا تنام الصاعقة

لم يبق شيء عندنا ... إلّا الدموع الغارقة

قولي : متى ستضحكين مرة ، و إن تكن منافقة ؟ !



كفاك يا صديقتي ذئبان جائعان

مصّي بقايا دمنا ، و بعدنا الطوفان

و إن سغبت مرة ، لا تتركي الجثمان

و إن سئمت بعدها ، فعندك الديدان

إنّا خلقنا غلطة ... في غفلة من الزمان

و أنت يا صديقي العجوز... يا صديقتي المراهقة

كوني على أشلائنا ، كالزنبقات العابقة !



الغاب يا صديقتي يكفّن الأسرار

و حولنا الأشجار لا تهرّب الأخبار

و الشمس عند بابنا معمية الأنوار

واشية ، لكنها لا تعبر الأسوار

إن الحياة خلفنا غريبة منافقة

فابني على عظامنا دار علاك الشاهقة




أسمع يا صديقتي ما يهتف الأعداء

أسمعهم من فجوة في خيمة السماء :

" يا ويل من تنفست رئاته الهواء

من رئة مسروقة !...

ياويل من شرابه دماء !

و من بنى حديقة ... ترابها أشلاء

يا ويله من وردها المسموم " !!




اتمنا ان قد نالت اعجابكم


اخوكم ابو ريهام