ألغاز 10



وقال غيره من النحويين بل هما ممنوعان إلا مسموعين واعتمد سيبويه في الفرق على كثرة ما جاء في الثلاثي وقلة ما جاء في الرباعي
أو لعله أصغى إلى قول الراجز ( الرجز )
إن يكشف الله قناع الشك بظفر إذا بحاجتي ودرك
فذهب إلى أن دروكا مصدر ولم يعتمد أنه قد قرئ في الدرك الأسفل من النار أو لعله علق بسمعه قول العتبي ( الطويل )

إذا قلت أوفي أدركته دروكة فيا موزع الخيرات بالعذر أدرك
وما أعرف له أقوى حجة منه أو لعله أراد بقوله دروك فعولا من الدرك وهي لغية لبعض الأمم تكلمت بها العرب .

بدأ السائل فسأل عن الحي والحيوت ولم أقف على صحة سؤاله لأني وجدت الأبيات مكتوبة بخط يئن سقماويتخيل بأبي براقش تصحيفا وتغيرا فإن كان سأل عن الحي بكسر الحاء فقد أنشد أهل العلم قول العجاج ( الرجز )
وقد نرى إذا الحياة حي وإذ زمان الناس دغفلي
فقالوا الحي الحياة وأو جمع الحياةفأما كونه بمعنى الحياة فوزنه على فعل فيجوز على مذهب سيبويه أن يكون وزنه فعل وهكذا مذهبه في قيل وديل وعلى مذهب الأخفش لا يكون وزنه إلا فعل لأنه لو كان وزنه على فعل لجاء به على حي
قال الأخفش وإنما أجزت ذلك في الجمع لثقل الجمع وخفة الواحد وسيبويه يرى كسر أوله لأجل الياء وثقلها على كل حال فأما إذا كان جمعا فهو شاذ إن حملناه على فعل وأشذ شذوذا إن جعلناه فعل لأنه قد جاء في الجموع فعل مثل عوط وإن كان جمع عائط فإن الفاعل والفعل يتجاوران ويتقاربان لأنهما مصدر واسم فاعل لفعل واحد ولأن فعلا قد يقع موقع فاعل فيقال للعادل عدل وللزائر زورفهذا من شذوذ الجمع على أي وجهيه كان ومعنى الشعر يتوجه على أن يكون الحي بمعنى الحياة أكثر وأقوى كما تقول إذ الزمان زمان وإذ الناس ناس فإذا جعلناه في موضع الأحياء كان كأنا قلنا إذ الإنسانية ناس وإذ الفتوة فتيان وهو بعيد .
وسأل عن الحيوت وهي الحية وزنه فعلوت والتاء فيه زائدة وكثيرا ما تزاد خامسة مثل عفريت وهو عفري
وسأل عن الجلبح وهي العجوز الكبيرة وأنشد ( الرجز )
إني لأقلي الجلبح العجوزا وأمق الفتية العكموزا
وسأل عن برقع وهي السماء الدنيا وأنشدوا لأمية بن أبي الصلت ( الكامل )
وكان برقع والملائك حولها سدر تواكله قوائم أربع
وسأل عن الصرنقح وهو الشديد الخالص ولا يكون فعنلل إلا وصفا لا يجيء اسماكذا قال سيبويه ومن بعده من أهل العلم قال جران العود ( الطويل )
وليسوا بأسواء فمنهن روضة تهيج الرياح غيرها لا يصوح
ومنهن غل مقفل لا يفكه من القوم إلا الشحشحان الصرنقح
وسأل عن الرزيز وهو الذكي المتحرك وكان شيخنا أبو أسامة يخالف جميع اللغويين فيه فيقول هو الزرير
قال ومنه اشتق اسم زرارة وقول أبي أسامة أصح على مذهب سيبويه لأن سيبويه يحتج على ما فاؤه ولامه معتلتان بعلة ما فاؤه ولامه مثلان من الحروف الصحاح نحو قلق ونحوه فزرير على هذا يكون فاؤه ليست مثل لامه ويدخل في باب رد وكروهو أكثر عند سيبويه وأوسع أيضا
وأما الملمعة فهي الفلاة التي يلمع فيها السراب ومثل من أمثالهم ( أكذب من يلمع ) وهو السراب ومنه الألمعي وكأنه تلمع له العواقب لدقة فظنته فأما اللوذعي فالذي كأنه يتلذع من شدة ذكائه وكل مفعلة من اللمع ملمعة ويقال ألمعت الوحشية وغيرها إذا بان لضرعها صقال وبريق باللبن فيه قال الأعشى ( الخفيف )
ملمع لاعة الفؤاد إلى جحش فلاه عنها فبئس الفالي
ويقال لاعة فعلةومذكرها لاع
وفي الحديث ( هاع لاع ) مبنية من شدة تأثير الحزن في القلب فكأنه مأخوذ من اللوعة وقيل بل لاعة بوزن فاعلةكأن الأصل لاعية من اللعو وهو أشد الحرص وبين الخليل وجماعة من النحويين في هذا خلف لا نحب الإطالة بذكره
واما قوله النهوك فليس يحتاج النهوك ولا النهيك والنهاكة إلى تفسير لظهور أمره




منقول