(سالي) شهيدة الماء في تعز.. دمها برقبة من؟ قضية للرأي العام |
السبت, 18-أكتوبر-2008 |
نبأ نيوز- خاص/ تعز : عبد القوي شعلان - هزت مدينة تعز وضواحيها حادثة دهس مؤلمة راح ضحيتها طفلة بريئة في التاسعة من عمرها عندما كانت تصارع مع أطفال آخرين في حي الروضة بمديرية صالة بحثا عن شربة ماء- في حادثة دهس هي الثالثة من نوعها في المدينة التي يقدم فيها أطفال الحالمة أرواحهم بحثا عن شربة ماء. على صوت محرك (وايت الماء) في عتمة الليل، نهظت (سالي عبد الواحد) من تحت بطانيتها وسط لحيف البرد القارص لتتجه مسرعة (بدبتها البلاستكية الفارغة) صوب (وايت الماء)، لعلها تظفر ببضعة لترات تطفي بها ظمأ الأسرة وتعود لامها الواقفة بانتظارها عند عتبة الباب.. سالي إبنة مطيعة لأبيها وأمها, لا يغمض لها جفن حتى تطبع على جبين والديها قبلة (حب). كل يوم تهرع سالي إلى ذات المكان برفقة أطفال الحارة, فماء الحكومة يحل ضيفا ثقيلا على منازلهم كل شهرين. خلف (الوايت) مباشرة وفي ساعة متأخرة من ليال الشهر الكريم المنصرم، وقفت سالي بحجابها الأبيض تنتظر دورها بين طابور طويل من الأطفال فيما صاحب (الوايت ) يوزع صدقته عليهم واحد تلو الآخر. أم سالي التي ترتعد فرائصها هي الأخرى من شدة البرد القارص يساورها القلق من خروج ابنتها وسط جموع غفيرة من السكان صغارا وكبارا يتشاجرون أحيانا وربما تراق دماء في أحايين كثيرة من اجل شربة ماء. سألت نفسها: يا الله وفق سالي.. وارق قلب صاحب (الوايت) تجاه ابنتي، فليس لدينا في المنزل قطرة ماء واحدة.. الله يعلم إلى متى سنظل على هذا الحال.. لو كان معانا ثمن (الوايت) لكنا أعفينا ابنتنا من هذه المهة الشاقة.. لكن ما باليد حيلة!! وما بين زفرة نفس عميقة، وأخرى يسحبها قلب الأم الفزع.. وقعت الصاعقة مدوية.. أصوات تتعالى في أرجاء المكان.. صراخ أطفال يملأ الحارة.. لم يدر في خلد الأم إن الأصوات المنبعثة من المكان هي بسبب سالي التي سقطت تحت أقدام ( الوايت) الذي تراجع إلى الخلف ليدهس جسدها الطري ويخلطه بدبتها البلاستكية..!! أم سالي التي تطل من شرفتها هذه المرة ما يزال يحمل قلبها بقايا أمل.. تمني نفسها أن تكون تلك الأصوات وذاك العويل والبكاء لسبب آخر... طفلا واحدا اسمعها الحقيقة المؤلمة... سالي (يا عمة) دهسها الوايت حق الماء...!!!! هم الآن يحاولوا إخراجها من تحت الوايت... سقط قلب الأم مغشيا عليه.. تتمرغ في التراب.. فلذة كبدها ماتت من اجل شربة ماء.. دماء سالي انسكبت مخلوطة بنصف لتر من الماء في الدبة الفارغة.. الأهالي يحاولون أن ينتزعوا جسدها وحجابها الأبيض من تحت إطارات سيارة الماء.. الأم تحضن جسد ابنتها تارة وتارة أخرى تمرغ جسدها في التراب.. سالي ذهبت ضحية.. ضحية شربة ماء عجزت حكومات متعاقبة، سلطات محلية، ومدراء عموم لمؤسسات المياه المحلية عن توفيره..! سالي التي سقطت شهيدة كما أخريات كثيرات يسقطن يوميا في العتمة دون محاسبة.. دم سالي يراق من أجل من؟ ولماذا..؟ من اجل دبة ماء بعد 45 عاما من قيام الثورة ؟ أين ذهبت توصيات مئات الندوات؟ أين ذهبت المليارات المرصودة لحل مشكلة مياه تعز؟ أين هي وعود الحكومة بحصاد المياه.. بتحلية المياه؟ دم سالي في رقبة من؟ في رقبة الحجري, في رقبة أبو راس؟ في رقبة الصوفي؟ أم في رقبة باجمال، ومجور، والارياني، وعبد الغني؟ أم في رقبة اللقاء المشترك نفسه؟ أم في رقبة منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان؟ |
عدل سابقا من قبل صالح الحنيني في الإثنين 20 أكتوبر 2008, 11:54 pm عدل 2 مرات