ابتداءً لا بدّ من التنويه بأن السطور التالية ليست وصفة طبية، إنما هي اجتهادات شخصية من زوج عتيق نسبياً، يحسب أنها يمكن أن تفيد في هذا المجال.
وأعتذر من أخينا الرجل الذي يشعر أنه معنيّ بالكلام.أما لماذا كان الحديث عن سمنة الرجل وليس المرأة، فربما بسبب انتشار هذه الظاهرة بشكل أوسع بين الرجال خاصة في بعض المجتمعات العربية، وربما يكون السبب تواضع خبرتي الذي لا يتيح لي التطرق إلى سمنة المرأة ووسائل علاجها، فالأمر لديها أكثر تعقيداً، ولذلك فلقد اخترت طريق السلامة.
بروباجندا
معروف أن نظرة الرجل للمرأة تختلف عن نظرتها للرجل، حيث يهتمّ الرجل - بالعموم - بشكل المرأة، بينما هي تركّز أكثر على الشخصية، دون الالتفات كثيراً إلى مظهره. ولو أني أرى أن هذه النظرية قد تغيرت، أو أنها بالأصل من "البروباجندا" التي قبلها الرجال عن حسن نيّة دون النظر فيها.
ومع احترامي لأخينا الشاعر الذي قال:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة لكن عين السخط تبدي المساوئا
لكن، لا أظنّ أن زوجة ما، لا تحبّ أن يكون زوجها رشيق الجسم سليماً من داء السمنة أو "الكرش"، حتى لو كانت العشرة التي تجمعهما تمتدّ لعشرات السنين. ولا يستخفنّ أحد بهذه المسألة. يكفي أن الفقهاء جعلوا السمنة من أبواب عيوب النكاح.
مبادئ أساسية
لنتفق علي مبدأين أساسين:الأول أن لا تكرّسي الواقع "غير الطبيعي" أصلاً طبيعياً، وإذا كان زوجك قد تعايش مع واقعه وتصالح معه فلا يجب أن تفعلي أنت. وإذا كنت تريدين فعلاً نتيجة مرضية فيقع عليك دور تقومين به، ولعله في بعض أوجهه قد تترتب عليه ردّات فعل من زوجك.. ولذلك، عليك أن تتسلحي بالهدوء والصبر والحكمة.
أما المبدأ الثاني، فهو أن الحركة أهمّ عنصر في سبيل التخفف من الزوائد. وعليك أن تجتهدي في ابتكار أفكار تجعل زوجك الحبيب يكثر من الحركة. ولا تستخفّي أبداً بحجم أو مدة الحركة، فكل حركة يقوم بها تصبّ في الهدف المنشود (حرق السعرات الحرارية)، وكما قال الحكماء: السيل ليس سوى اجتماع النقط.
وما سأعرضه في السطور الآتية هو أفكار واقتراحات لدفع الرجل نحو الحركة.. ولو أني على قناعة تامّة أن مثلي ليس سوى تلميذ صغير في مدرسة الكيد النسوي.. ألم يقل جلّ شأنه (إن كيدكنّ عظيم)؟
وإن تفتّق ذهني بعشر أفكار، فلن يعجز "كيد" الزوجات عن أن يلد أضعاف هذا الرقم.. لكن لا ضرر من ذكر بعض المقترحات، استكمالاً لعناصر المقالة ليس أكثر.
ادفعيه للحركة
1. كم من الرجال يقوم من مجلسه ويكلّف نفسه مشقّة الانتقال إلى المطبخ ليشرب كوب ماء، أو يتكبّد عناء القيام من مكانه والتوجه إلى الغرفة الأخرى ليحضر شيئًا ما يحتاجه؟ لا شكّ أنه سيطلب من زوجته أن تفعل، بينما هو جالس يقرأ أو يتابع برنامجًا أو حتى لا يفعل شيئا.. أليس كذلك؟
اسمحي لي يا سيدتي.. إن هذا "الدلع" يجب أن يتوقف، ولكن ليس بشكل فجائي قاطع، فكما قلنا، الحكمة. لا نريد أن نكون في مشكلة ونقع في مشكلة أكبر.
عوّدي زوجك على خدمة نفسه، إن أراد ملعقة فليقم هو إلى المطبخ، وإن أراد محرمة فليأت هو بها. أما وسيلة الوصول إلى هذه النتيجة، فأتركها لك.
2. إن طريق الخطأ الغذائي يبدأ حين يتعاطى الإنسان -نتحدث هنا عن الرجل- مع الطعام على أنه وسيلة استمتاع للنفس أكثر منه حاجة ضرورية لحفظ النفس واستمرارها، فإذا كنت ممن يتقن فنّ صناعة الحلوى وأطايب الطعام، فأنت مضطرة لابتكار هواية أخرى ووسيلة ثانية تظهرين من خلالها مواهبك وإبداعاتك التي تسعد زوجك.. أحسب أن الخيارات كثيرة.
3. بين فترة وأخرى، اخفي جهاز الريموت كونترول الخاص بالتلفاز، وكثيرا ما يضيّعه الأولاد -سلّمهم الله-، تخيّلي كم من المرات سيقوم إلى الجهاز لتغيير القناة، ولاسيما أن الرجل معروف بحبّه "للتغيير" -أقصد قناة التلفاز- وبطبيعة الحال يجب ألا تكوني معه في الغرفة، وإلا فالتخفيف سيكون من نصيبك أنت.
4. الهاتف النقال، واستكمالاً لعرض مضارّه، فإن من "حسناته" الظاهرة أنه يوفر على حامله التنقل ويريح من الحركة، لكنه في المقابل وسيلة من وسائل التعوّد على القعود والخمول.
مطلوب منك قرار جريء، وحينها سيكون على زوجك إذا جاءه اتصال هاتفي، أن ينتقل إلى مكان الجهاز الثابت الذي يفضّل أن يكون في غرفة أخرى غير غرفة الجلوس. وكما أسلفت، لا تستخفّي بأي حركة، فهي تعني حرق سعرات حرارية.
5. ما رأيك بترتيب موعد أسبوعي للقيام ببعض الرياضات المنزلية، ولا سيما مع توفّر التجهيزات اللازمة، ولتشاركيه أنت البرنامج الرياضي، فذلك خير من أن يستأنس بمثل بعض البرامج الرياضية التلفزيونية، كاللبنانية مثلاً، التي لا يرضى الله مشاهدتها، ولا يرضيك أنت أيضا.
6. إذا غلبتك نفسك وجادت قريحتك تغزّلا بزوجك، كمثل تلك التي قالت:
إن كان يوسف بالجَمال مقطّع الأيدي.. فأنت مفتّت الأكباد
إذا فعلت -والأرجح أنك عروس جديدة- فلا تدَعي الموقف يمرّ دون الغمز من قناة "كرشه". كقول: "بس لولا كرشك".
7. هل أجمل من أن تتمشيا سويًا في الصباح الباكر مرة كل أسبوع على الكورنيش مثلا.. أنتما بهذا العمل تحققان أكثر من فائدة صحّية ومعنوية، ويمكن أن تقترحي على زوجك زيارة بعض الأصدقاء أو الجيران في الشارع أو المبنى القريب، بين الفترة والأخرى، وطبعًا ستذهبان سيرًا على الأقدام.
ولكن، دون أن يكون الهدف المعلن من طرح الفكرة هو الرياضة، بل التنزّه والعلاقات الاجتماعية.
تحذير..
1- استباقا لفكرة قد تطرأ على ذهنك، أقول: إذا كان زوجك ممن لا يحبّ العمل في البيت، فلا أنصحك بالمغامرة من خلال الإصرار عليه أن يساعدك في تنظيف السجاد أو مسح الأرض أو غسل الصحون وغيرها من أعمال المنزل، ظنا منك أنه يفيده.. عليك بأفكار أخرى.. حرصا على سلامتك.
2- أيضًا، تجنّبي الاستهزاء بـ"كرشه"، وأنت تحسبين أن هذا قد يدفعه للتخفيف والتخلص منه. قد يرتدّ الأثر سلبيًّا.. عليه أو عليك.
3- إن التوجيه المباشر بضرورة التخفيف لا يجدي، فهو أعلم الناس بهذا. كما لا يفوتك أن هذا النوع من التوجيه من امرأة تجاه الرجل غير متقبّل كثيرا. إنها عقد المجتمع الشرقي.
4- ومن اللطيف في هذا السياق ذكر ما أورده أحد الإعلاميين السعوديين البارزين، الذي كان يعاني سمنة مفرطة أوصلت وزنه إلى الـ 185 كيلوجراما وأوقعته في مشاكل وإحراجات كثيرة، حيث سأله ابنه ذو الخمس سنوات: "متى أكبر يا بابا كي أكون دبًّا مثلك؟". وكانت هذه القنبلة التي ألقاها الصغير -كما يذكر الرجل- الشرارة ليتخذ قرارا حاسمًا، حوّلت سمنته أشلاء خلال عامين، ونجح في التخلص من أكثر من نصف وزنه، وأحسب أن مثل هذه القنبلة لو ألقتها زوجة أخينا وليس ابنه، لتطايرت أشلاء المنزل والزوجة معا.
ولذلك، فكياسة الزوجة في توصيل الفكرة، وحكمتها في توجيه زوجها، أمر ضروري جدًّا في مجتمع ذكوريّ يرى الرجل فيه أنه أكبر وأكرم من أن ترشده امرأة.