بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أحبتي في الله اقتربت نفحات رمضان من جديد ...
بإذن الله سوف يحل بعد أيام شهر رمضان الكريم
فيا لها من بشرى؛ بشرى حلول شهر الصيام ,
فيا لها من بشرى؛ بشرى حلول شهر القرآن ,
فيا لها من بشرى , بشرى حلول شهر الغفران ,
فهل من مشمر لتلاوة القرآن ؟
وهل من مشمر لتدبر القرآن ؟
وهل من مشمر للسهر مع القرآن ؟
وهل من مشمر لتدبر كلام الرحمن ؟
أحبتي في الله , ها قد أنعم الله علي وعليكم بقرب رمضان من جديد ...(اللهم بلغنا رمضان)
فهل من مستغفر وهل من تائب وهل من طارق لباب الرحمن ؟
إنها فرصة قد لا تعوض - إذا قدر الله ذلك - من منا يضمن أنه سيعيش لرمضان المقبل ؟ بل من منا يضمن أنه سيعيش هذه الأيام التي تفصلنا عن رمضان حتى يبلغه .
والله إن الساعة علمها عند الله سبحانه جل في علاه .
فالله , الله في رمضان ثلاثون يوما (تقريباً),أربعة أسابيع , ثلاثون ليلة ,
24 ×30=720 ساعة تقريباً ماذا تشكل أمام ساعات السنة ؟ .
365 يوم في السنة , 365 ليلة أي 365×24=8760ساعة
تلاحظون بأن 720 ساعة لو طرحنا منها ساعات النوم والأكل والشرب وساعات العمل و باقي الضروريات لبقيت ساعات قليلة .
أوصي نفسي وإياكم بالإستفادة منها في هذا الشهر المبارك وجَعـْلِها زاد للسنة المقبلة - إذا أمد الله في عمري وأعماركم - وقد تجاهلتُ كما تلاحظون الأوقات الضائعة أمام الفضائيات, وبين صفحات المجلات الهابطات , وأوقات التسكع في الشوارع و بين الأزقة وبين المحلات في الأسواق الراقيات !!!!! وبين محلات التخفيضات....وناهيك عن ليالي الإستراحات !!! وعن دقائق المعاكسات...وعن الساعات التي تموت مع الرفقات اللاهيات....
أحبتي في الله أوصي نفسي المقصرة وإياكم بالإستفادة من هذه الساعات القليلة , بالإستفادة من هذه الليالي العظيمة ؛ لعلنا نصادف تلك الليلة التي هي خير من ألف شهر حيث قال جل في علاه :
بسم الله الرحمن الرحيم
" إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4)سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ(4). سورة القدر.
فقد تكون آخر ليلة قدر نشهدها – إذا قدر ربي جل في علاه ذلك – من منا يضمن أنه سوف يحضرها هذه السنة حتى يُسوف بأنه يحضرها السنة المقبلة . هيا أحبتي فلنـُلـَمْلـِمْ نفوسنا الضعيفة , ولنرَوِّدْ نفوسـَنا المقصرة , فلنشمر على الساعدين كما نشمر في أمور طموحاتنا الدنيوية بجد ونسعى فيها بشغف, وعلي وعليكم بحمد الله حمداً كثيراً طيباً ومباركاً كما يحب ربي أن يحمد ويشكر على رحمته بنا رغم تقصيرنا فالحمد لله الذي وهبني وإياكم أحبتي في الله مواسيم طيبة ,مواسيم لغسل ذنوبنا , مواسيم لتجديد توبتنا , مواسيم للعودة إلى شريعتنا , مواسيم لحصد الحسنات لتثقل موازيننا , مواسيم لتحيي قلوبنا , مواسيم لتوقظنا من غفلتنا , مواسيم تقربنا من ربنا وخالقنا سبحانه وتعالى , مواسيم تدعونا للإقبال على الله جل في علاه وهو غني عنا ونحن الفقراء إليه ,مواسيم للتكفير عن سيئاتنا , مواسيم للكف عن تهاوننا , مواسيم تذكرنا بإخواننا , مواسيم توحد بيننا وبين إخوتنا , مواسيم للذ ِّكر, مواسيم للصوم , مواسيم للتهجد , مواسيم تـجلبُ رضا الرحمن جل في علاه , مواسيم تـُخنـِّسُ الشيطان, مواسيم تطمئن القلب , مواسيم الإستمتاع بلذة العبادة , مواسيم تـُمَتعنا بلذة الطاعة , مواسيم تبعدنا عن لذة المعصية ؛ اللذة الآنية , اللذة الفانية , اللذة الحيوانية , مواسيم تبيح لنا ما يجلب السعادة الأبدية , مواسيم ليس لها نظير في الأمم إنها مواسيم من أجل الأمة المحمدية . إنها مواسيم منظمة تفتح باب الغفران وتقفل باب الطغيان ,إنها مواسيم سنوية وشهرية وأسبوعية ويومية . فأما السنوية فهي كعشر ذي الحجة وشهر رمضان وليلة القدر...., وأما الشهرية فهي الثلاث أيام من كل شهر التي سن لنا الحبيب صيامه وأما الأسبوعية فهي يوم الجمعة ,فأما اليومية فهي الثلث الأخير من الليل حيث ينزل جل في علاه للسماء الدنيا ويقضي حوائج السَّامِرين مع ذكره وتلاوة كتابه والسائلين له الراجين لما عنده من خيرات وتفريج الكربات , إنها مواسيم متعة , إنها مواسيم غبطة , إنها مواسيم تجلب السعادة الأبدية , إنها مواسيم النعمة ,إنها مواسيم تقضي على النقمة , إنها مواسيم الهمَّة , مواسيم تجلب الخيرات وتنفر من المنكرات ......
هيا , ولنبدأ في الجد بإعطاء كتاب الله حقه , من الآن نتشجع ونبدأ قبل دخول رمضان . كم من واحد منا يداوم على التدارب الرياضية : كثير منا يفعل ؟ بماذا يبدأ ؟ بإعداد الجسم للإستفادة من التدريبات , وهكذا حتى نستفيد من رمضان فلنبدأ بتهييئ النفس .
أحبتي في الله إنه شهر القرآن , فلنعطيه حقه , ففي عطلة آخر الأسبوع نروح عن أنفسنا بحجة أننا نعطيها حقها... فلنقل لأنفسنا أحبتي في الله :
" إن الحياة أخذ وعطاء , تعالي للعطاء في هذه الشهر المبارك, تعالي للسهر فيما يفيد , تعالي لتسهري مع من يحبك ويرحمك ويحلم عليك , تعالي لتلبي دعوة الغني الحميد , إنه غني عنكِ يا نفسُ و لكنه يدعوكِ رحمة ً بكِ , ولهذا قولي يا نفسُ : " لبيك " وأجيبي الدعوة واستجيبي للطاعة يا نفس يا مقصرة , يا نفس يا ضعيفة , أنتِ الفقيرة إلى الله عز وجل .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" مَنْ قــَامَ رمضَانَ إيمَاناً واحْتِسَاباً غـُفِرَ له ما تقدَّمَ مِنْ ذ نـْبـِهِ " متفق عليه .
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على الرحمة المهداة رأفة للعالمين .