قمة الكويت 1979
بعد انتهاء الحرب بين الشطرين عام 1979 عقدت قمة في الكويت بين الرئيس علي عبدالله صالح وعبد الفتاح إسماعيل، وتم الاتفاق علي إعداد مشروع دستور لدولة الوحدة، وقد كان لنا وجهة نظر مغايرة وحدث توتر في علاقتنا مع الرئيس وما أشبه الليلة البارحة، فقد تكرر ما حدث مع القاضي عبدالرحمن الارياني عام 1972.
لم نكن راضين علي هذا التفاهم مع النظام الشيوعي في عدن، وربما كان ذلك تكتيكًا من الرئيس علي عبدالله صالح لأنه لم يكن يمتلك الإمكانيات اللازمة للمواجهة فإمكانياتنا كانت فعلاً شحيحة والمملكة والدول التي لها علاقة بنا كان دعمها لنا ضعيفاً جداً، بينما النظام في عدن كان يتلقي دعماً كبيراً من الدول الشرقية ولا زلت أذكر أن محمد جباري ضرب لنا مثلاً بأن النظام في عدن معه مظلة يسير تحت ظلها ونحن نسير في العراء.
ورغم معارضتنا لاتفاقية الرئيس علي عبدالله صالح مع عبد الفتاح إسماعيل وتخوفنا من نتائجها إلا أنه تبين لنا بعد فترة أن الاتفاقية كانت لمصلحة الوطن، حيث لم يعد النظام في عدن هو المواجه مباشرة لنا بجيشه وقوته وأصبح المواجهون لنا هم جبهة من عصابات تخريب داخل اليمن وهم، وإن كانوا مدعومين من النظام في الجنوب مادياً وعسكرياً وسياسياً، إلا أنه ليس المطلوب منه أن يسحبهم فنحن دولة علينا أن نتخلص منهم سواء بالحرب أو بالسلم وهذا ما حصل.
وبعد اتفاقية الكويت جاءت مفاوضات الرئيس مع الجبهة الوطنية وموافقته علي أن يعطيهم بعض المناصب مقابل أنهم يوقفون أعمال التخريب العسكري ويوقفون إذاعة ما كان يسمي بصوت الجبهة الوطنية.
وهذا ما أثار تخوفنا وتحرك الناس بالمواجهة الشعبية بعد هذا الاتفاق، وبدأت المواجهة في المناطق الوسطي وأثبتت المواجهة الشعبية أن المخربين ليسوا قوة لا تقهر وأنه بالإمكان طردهم والقضاء عليهم بعد أن كان اليأس والإحباط قد أصاب الجميع، وحين واجههم المواطنون بنفس الأساليب التي جاءوا بها واستطاعوا أن يحجموهم، وحين حققوا بعض الانتصارات عليهم، تشجعت الحكومة وتشجع الجيش في مواجهة المخربين وبدأوا يحرزون انتصارات هامة ضدهم.
وعاد التعاون بيننا وبين الرئيس ليقوي من جديد، وكنا نحاول أن نشده معنا ونقوي من عزمه لمواجهة هؤلاء المخربين بالقوة ونحن بجانبه، ونجد أن بعض من هم حول الرئيس قد تصالحوا مع الجبهة الوطنية، وأوصلوهم إلي صنعاء وإلي ذمار وأدخلوهم في القوات المسلحة، كذلك عناصر التخريب في وصاب وعتمة وريمة أدخلوهم القوات المسلحة، وأدخلوا مخربين مثل محمد صالح الحدي وصالح قائد الكهالي ومن معه، وفي حين أنهم كانوا في موقف ضعيف جداً وكنا في موقف قوي نستطيع أن ننتصر عليهم وإن كانوا قد انتهوا فعلاً كقوة تخريبية في المناطق التي كانوا يقومون بأعمال التخريب فيها، إلا أنهم قد وجدوا في أجهزة الدولة وفي المؤسسة العسكرية مجالاً جديداً للعمل ضد المشائخ والتيار الإسلامي.
ولا زلت أتذكر كتيبة أو كتيبتين أخذوهم من ريمة إلي عبس وضموهم للقوة العسكرية هناك، وحصل منهم تخريب ضد المواطنين والدولة وفي صفوف القوات المسلحة وهرب بعضهم من جديد وتمردوا، ولأنه لم يعد لديهم مأوي عادوا للتخريب في المناطق ضد العناصر المتعاونة مع الدولة من المشائخ والتيار الإسلامي مثل ريمة وفي وصاب وعتمة والقفر أكثر من غيرها.
فكرة الميثاق والمؤتمر الشعبي
بعد انتهاء التخريب في عام 1982 أصبح الموقف سياسياً والمواجهة سياسية وجاءت فكرة الميثاق الوطني وتشكلت لجنة الحوار الوطني سنة 1980 برئاسة حسين المقدمي وشارك فيها عضوان من الجبهة الوطنية محمد الشيباني ويحيي الشامي، وقد أسهمنا فيها إسهاماً قوياً وفاعلاً أنا والعلماء والشباب والدكتور أحمد الاصبحي والقاضي عبد الكريم العرشي الذي تحمل العبء الكبير.
وكان الرئيس متحمساً لهذه الفكرة وموقفه جيد وواضح، وكنا جميعاَ متعاونين علي إخراج هذا الميثاق إخراجاً إسلامياً وطنياً تتحدد فيه هوية الشعب اليمني المسلم، والذي يصبح كفكر يواجه الفكر الإلحادي والشيوعي الانتهازي الفوضوي، فوجود فكر إلحادي واضح وصريح تدعمه وتتبناه دولة في جنوب اليمن وتسعي لتصديره إلي اليمن بأكمله بل إلي خارج اليمن لا يمكن مواجهته إلا بفكر. وبقاؤنا في الشمال كدولة كبيرة ـ الدولة الأم ـ بأرضها الواســـعة وشعبها الكبير بدون أن يكون لنا فكر يواجه الفكر الشـــــيوعي هو الذي أتعبنا وأضعفنا ومكن أعداءنا من اختراقنا وخلخلة صفوفنا، وكان اتفاقنا جميعاً ـ رئيس ومرؤوس ـ علي أن الغرض من الميثاق هو هذا، ولأن قوي متعددة ومختلفة قد شاركت في الإعداد لهذا الميثاق وصيغته فقد دخلنا في حوار وجدل مع من يريد أن يضعف هذه الوثيقة.
وفعلاً تضافرت الجهود ونجحنا وخرج الميثاق بتلك الصيغة العظيمة، وبعد إخراج الميثاق كان لا بد من أن يكون له تنظيم يرعاه ويسير علي نهجه وأسسه، فاشتركنا بجد في قيام المؤتمر الشعبي العام، وبما أن الفكرة سواءً في الميثاق الوطني أو في وجود تنظيم واحد في اليمن هو أن يضم كل التناقضات، فقد دخلنا في حوار وجدل وصراع أيضاً من أجل تكوين قيادات هذا التنظيم (المؤتمر)، وحصل فعلاً خلاف حتي بيننا وبين الرئيس لأننا نريد أن تكون قيادات هذا التنظيم منسجمة مع الفكرة من أساسها مع الميثاق الوطني والغرض الذي أنشئ من أجله. كنا نريد أن تكون قياداته من العناصر المقتنعة به والتي سوف تحميه وتتبناه، والرئيس لم يكن معنا في هذا لأن القوي العلمانية المتوغلة في أجهزة الدولة أربكته، حتي أنه أصبح يريد أن يكونوا هم الأغلبية والماسكين بزمام الأمور في هذا التنظيم، وحصل الخلاف بيننا بينه وعارضنا بقوة، وكنا نستطيع أن نرفع أصواتنا وننجح لأننا نعارض من داخل الصف ومن داخل هذا النظام ولم يكن التنافس بين أحزاب وتنظيمات علنية ـ إذ كلنا في حزب واحد ـ إنما كان التنافس بين اتجاهات وتيارات معروفه وأحزاب غير رسمية، وكان ما يهم كل تيار من هو الذي سيمسك بالرئيس ويكسبه إلي جانبه ؟ وكان التيار الإسلامي والوطني هو الأكثر والأقوي، وما كان يضعفنا إلا الرئيس رغم أن قاعدته هم التيار الإسلامي.
فترة الثمانينات
اكتفيت في الثمانينات بعضوية المجلس الاستشاري ولم أتولٌ أي منصب أكبر، لم يكن ذلك مقصوداً مني أبداً و إنما كان يطلب مني ذلك ـ بالمفتوح ـ حتي في انتخابات مجلس الشوري عام 1988 طرحت الموضوع علي الرئيس علي عبدالله صالح إنني أريد أن أرشح نفسي لعضوية المجلس لكن علي أساس أن أكون رئيساً للمجلس فرفض الرئيس ذلك.
ولكن ذلك لم يؤثر علي دوري السياسي في المجتمع والدولة وتعاوني مع الرئيس فقد حملت علي عاتقي دعم النظام، والدفاع عن الجمهورية والثورة التي أسسناها وأسهمنا في وجودها، وهذا الشعور لدي كان منذ الأيام الأولي للثورة. ولم أتقاعس في يوم من الأيام عن أداء الدور الذي يجب علي سواء من داخل السلطة أو خارجها، فقد مضيت في أداء واجبي من خارج السلطة، و أما الدور الرسمي فلا يقوم به إلا الذي له منصب رسمي.
بعد انتهاء الحرب بين الشطرين عام 1979 عقدت قمة في الكويت بين الرئيس علي عبدالله صالح وعبد الفتاح إسماعيل، وتم الاتفاق علي إعداد مشروع دستور لدولة الوحدة، وقد كان لنا وجهة نظر مغايرة وحدث توتر في علاقتنا مع الرئيس وما أشبه الليلة البارحة، فقد تكرر ما حدث مع القاضي عبدالرحمن الارياني عام 1972.
لم نكن راضين علي هذا التفاهم مع النظام الشيوعي في عدن، وربما كان ذلك تكتيكًا من الرئيس علي عبدالله صالح لأنه لم يكن يمتلك الإمكانيات اللازمة للمواجهة فإمكانياتنا كانت فعلاً شحيحة والمملكة والدول التي لها علاقة بنا كان دعمها لنا ضعيفاً جداً، بينما النظام في عدن كان يتلقي دعماً كبيراً من الدول الشرقية ولا زلت أذكر أن محمد جباري ضرب لنا مثلاً بأن النظام في عدن معه مظلة يسير تحت ظلها ونحن نسير في العراء.
ورغم معارضتنا لاتفاقية الرئيس علي عبدالله صالح مع عبد الفتاح إسماعيل وتخوفنا من نتائجها إلا أنه تبين لنا بعد فترة أن الاتفاقية كانت لمصلحة الوطن، حيث لم يعد النظام في عدن هو المواجه مباشرة لنا بجيشه وقوته وأصبح المواجهون لنا هم جبهة من عصابات تخريب داخل اليمن وهم، وإن كانوا مدعومين من النظام في الجنوب مادياً وعسكرياً وسياسياً، إلا أنه ليس المطلوب منه أن يسحبهم فنحن دولة علينا أن نتخلص منهم سواء بالحرب أو بالسلم وهذا ما حصل.
وبعد اتفاقية الكويت جاءت مفاوضات الرئيس مع الجبهة الوطنية وموافقته علي أن يعطيهم بعض المناصب مقابل أنهم يوقفون أعمال التخريب العسكري ويوقفون إذاعة ما كان يسمي بصوت الجبهة الوطنية.
وهذا ما أثار تخوفنا وتحرك الناس بالمواجهة الشعبية بعد هذا الاتفاق، وبدأت المواجهة في المناطق الوسطي وأثبتت المواجهة الشعبية أن المخربين ليسوا قوة لا تقهر وأنه بالإمكان طردهم والقضاء عليهم بعد أن كان اليأس والإحباط قد أصاب الجميع، وحين واجههم المواطنون بنفس الأساليب التي جاءوا بها واستطاعوا أن يحجموهم، وحين حققوا بعض الانتصارات عليهم، تشجعت الحكومة وتشجع الجيش في مواجهة المخربين وبدأوا يحرزون انتصارات هامة ضدهم.
وعاد التعاون بيننا وبين الرئيس ليقوي من جديد، وكنا نحاول أن نشده معنا ونقوي من عزمه لمواجهة هؤلاء المخربين بالقوة ونحن بجانبه، ونجد أن بعض من هم حول الرئيس قد تصالحوا مع الجبهة الوطنية، وأوصلوهم إلي صنعاء وإلي ذمار وأدخلوهم في القوات المسلحة، كذلك عناصر التخريب في وصاب وعتمة وريمة أدخلوهم القوات المسلحة، وأدخلوا مخربين مثل محمد صالح الحدي وصالح قائد الكهالي ومن معه، وفي حين أنهم كانوا في موقف ضعيف جداً وكنا في موقف قوي نستطيع أن ننتصر عليهم وإن كانوا قد انتهوا فعلاً كقوة تخريبية في المناطق التي كانوا يقومون بأعمال التخريب فيها، إلا أنهم قد وجدوا في أجهزة الدولة وفي المؤسسة العسكرية مجالاً جديداً للعمل ضد المشائخ والتيار الإسلامي.
ولا زلت أتذكر كتيبة أو كتيبتين أخذوهم من ريمة إلي عبس وضموهم للقوة العسكرية هناك، وحصل منهم تخريب ضد المواطنين والدولة وفي صفوف القوات المسلحة وهرب بعضهم من جديد وتمردوا، ولأنه لم يعد لديهم مأوي عادوا للتخريب في المناطق ضد العناصر المتعاونة مع الدولة من المشائخ والتيار الإسلامي مثل ريمة وفي وصاب وعتمة والقفر أكثر من غيرها.
فكرة الميثاق والمؤتمر الشعبي
بعد انتهاء التخريب في عام 1982 أصبح الموقف سياسياً والمواجهة سياسية وجاءت فكرة الميثاق الوطني وتشكلت لجنة الحوار الوطني سنة 1980 برئاسة حسين المقدمي وشارك فيها عضوان من الجبهة الوطنية محمد الشيباني ويحيي الشامي، وقد أسهمنا فيها إسهاماً قوياً وفاعلاً أنا والعلماء والشباب والدكتور أحمد الاصبحي والقاضي عبد الكريم العرشي الذي تحمل العبء الكبير.
وكان الرئيس متحمساً لهذه الفكرة وموقفه جيد وواضح، وكنا جميعاَ متعاونين علي إخراج هذا الميثاق إخراجاً إسلامياً وطنياً تتحدد فيه هوية الشعب اليمني المسلم، والذي يصبح كفكر يواجه الفكر الإلحادي والشيوعي الانتهازي الفوضوي، فوجود فكر إلحادي واضح وصريح تدعمه وتتبناه دولة في جنوب اليمن وتسعي لتصديره إلي اليمن بأكمله بل إلي خارج اليمن لا يمكن مواجهته إلا بفكر. وبقاؤنا في الشمال كدولة كبيرة ـ الدولة الأم ـ بأرضها الواســـعة وشعبها الكبير بدون أن يكون لنا فكر يواجه الفكر الشـــــيوعي هو الذي أتعبنا وأضعفنا ومكن أعداءنا من اختراقنا وخلخلة صفوفنا، وكان اتفاقنا جميعاً ـ رئيس ومرؤوس ـ علي أن الغرض من الميثاق هو هذا، ولأن قوي متعددة ومختلفة قد شاركت في الإعداد لهذا الميثاق وصيغته فقد دخلنا في حوار وجدل مع من يريد أن يضعف هذه الوثيقة.
وفعلاً تضافرت الجهود ونجحنا وخرج الميثاق بتلك الصيغة العظيمة، وبعد إخراج الميثاق كان لا بد من أن يكون له تنظيم يرعاه ويسير علي نهجه وأسسه، فاشتركنا بجد في قيام المؤتمر الشعبي العام، وبما أن الفكرة سواءً في الميثاق الوطني أو في وجود تنظيم واحد في اليمن هو أن يضم كل التناقضات، فقد دخلنا في حوار وجدل وصراع أيضاً من أجل تكوين قيادات هذا التنظيم (المؤتمر)، وحصل فعلاً خلاف حتي بيننا وبين الرئيس لأننا نريد أن تكون قيادات هذا التنظيم منسجمة مع الفكرة من أساسها مع الميثاق الوطني والغرض الذي أنشئ من أجله. كنا نريد أن تكون قياداته من العناصر المقتنعة به والتي سوف تحميه وتتبناه، والرئيس لم يكن معنا في هذا لأن القوي العلمانية المتوغلة في أجهزة الدولة أربكته، حتي أنه أصبح يريد أن يكونوا هم الأغلبية والماسكين بزمام الأمور في هذا التنظيم، وحصل الخلاف بيننا بينه وعارضنا بقوة، وكنا نستطيع أن نرفع أصواتنا وننجح لأننا نعارض من داخل الصف ومن داخل هذا النظام ولم يكن التنافس بين أحزاب وتنظيمات علنية ـ إذ كلنا في حزب واحد ـ إنما كان التنافس بين اتجاهات وتيارات معروفه وأحزاب غير رسمية، وكان ما يهم كل تيار من هو الذي سيمسك بالرئيس ويكسبه إلي جانبه ؟ وكان التيار الإسلامي والوطني هو الأكثر والأقوي، وما كان يضعفنا إلا الرئيس رغم أن قاعدته هم التيار الإسلامي.
فترة الثمانينات
اكتفيت في الثمانينات بعضوية المجلس الاستشاري ولم أتولٌ أي منصب أكبر، لم يكن ذلك مقصوداً مني أبداً و إنما كان يطلب مني ذلك ـ بالمفتوح ـ حتي في انتخابات مجلس الشوري عام 1988 طرحت الموضوع علي الرئيس علي عبدالله صالح إنني أريد أن أرشح نفسي لعضوية المجلس لكن علي أساس أن أكون رئيساً للمجلس فرفض الرئيس ذلك.
ولكن ذلك لم يؤثر علي دوري السياسي في المجتمع والدولة وتعاوني مع الرئيس فقد حملت علي عاتقي دعم النظام، والدفاع عن الجمهورية والثورة التي أسسناها وأسهمنا في وجودها، وهذا الشعور لدي كان منذ الأيام الأولي للثورة. ولم أتقاعس في يوم من الأيام عن أداء الدور الذي يجب علي سواء من داخل السلطة أو خارجها، فقد مضيت في أداء واجبي من خارج السلطة، و أما الدور الرسمي فلا يقوم به إلا الذي له منصب رسمي.