مديرية جبن هي إحدى مديريات محافظة الضالع- تبلغ مساحتها 1250 كم2- وعدد سكانها يزيد عن ستون ألف نسمة - ومن حيث مساحتها الجغرافية فهي تشكل ثلث محافظة الضالع ..
تتوزع على ست عزل رئيسية ، وعدد اثنين وستون قرية - يحدها من الشمال رداع ، ومن الجنوب الشعيب ويافع ، ومن الشرق البيضاء ، ومن الغرب دمت .
تتميز مديرية جبن بمناخها الطبيعي المعتدل ، وهطول الأمطار عليها في مواسم متعددة- وتختزن مديرية جبن كثيراً من المواقع والمناطق السياحية والأثرية، وحمامات المياه الطبيعية الحارة التي يؤمها السواح من كل حدب ، بالإضافة إلى وديانها الزراعية ذات المناظر الطبيعية الخلابة ، وصفاء ونقاء أجوائها.
* المواقع الحضارية والآثار التاريخية لجبن
عدة أسماء تاريخية منها ما كان يطلق عليها (مدينة الملوك) نسبة إلى كثرة الملوك الذين سكنوا وعاشوا فيها وحكموا منها، وكان آخر ملوك هذه الدول (ملوك الدولة الطاهرية) التي حكمت اليمن للفترة (758-923هـ/ 1454-1517م)، وكانت مدينة جبن مسقط رؤوسهم ، وعاصمة لهم ، ومقراً لدولتهم.
المعالم الأثرية الموجودة حالياً في مدينة جبن، وبعض القرى التابعة لها كالمقرانة (مركز القيادة العسكرية للدولة الطاهرية) لا تزال شاهداً ودليلاً على أن جبن قديما كانت تمثل مركزاً هاماً ، وموقعاً جغرافياً استراتيجيا ، وممرا يربط بين الشمال والجنوب في عهود الدول اليمنية القديمة (الحميرية والسبئية) ، ويتبين ذلك من خلال ماهو موجود من نقوش وآثار حميرية ، ومرابط الخيل في "المصنعة" - التي لا تزال تسمى "المصنعة الحميرية" - وما كان موجود لقصر على سطح جبل "هران" نسبة إلى اسم أحد ملوك دولة حِمْيَر ، والمعروف أنه كان يوجد ممر على شكل نفق من وسط القصر القابع فوق الجبل يوصله بالبئر الموجودة في الوادي الذي يقع أسفل الجبل ، ومياه هذه البئر كانت مخصصة لشرب الملك هران وحاشيته..حتى بات الرعاة ينشدون في مغانيهم قولهم:
يادار هران .. ياتحيف الأركان
ركنين فضة .. وركن مرجان
وركن من عهد.. النبي سُليمان
بالإضافة إلى وجود نقوش وكتابة بحروف المسند في القيد الجاهلي -غرب مدينة جبن- بل أن الأهم من ذلك ماهو قبل هذه الدول ويعود إلى بدء نشأة الحياة ،يتضح من خلال وجود قبر سيدنا (شيث بن نوح) عليهما السلام - الموجود في قرية "موث" إحدى قرى عزلة "حجاج" التابعة لمديرية جبن.
أما المعالم الحضارية والتاريخية التي تعود إلى عهد الدولة الطاهرية وحقبة حكم آل طاهر ، فإن أضرحة ملوك وأمراء الطاهريين باقية في وسط مدينة جبن ، بالإضافة إلى المدرسة المنصورية (عامرية جبن) التي يعود بناءها إلى عهد السلطان عامر بن عبدالوهاب- آخر ملوك الدولة الطاهرية.
وهناك أعداد كثيرة لخزانات المياه (المواجل) التاريخية التي يعود تاريخ حفرها إلى عهود قديمة ، منها ما هو في عهد الدولة الحميرية والسبئية ، ومنها ماهو في عهد الدولة الطاهرية، وتوجد هذه الآثار في مناطق ومواقع مختلفة على سفوح ووسط الجبال ، وفي التلال القريبة من الوديان الزراعية.
كذلك فإن العيون المائية التي تشكل غيول جارية ، موجودة في أماكن عدة بمديرية جبن ولها دلالات واضحة على اهتمام القدماء بأهمية مشاريع المياه في قيام حضارتهم ، وتأسيس دولهم.. على سبيل المثال الغيل الذي لا زالت المياه تتدفق منه الموجود في "وادي يَهَر" شمال مدينة جبن والذي يسمى (شِعب الغيل) ونسبة المياه الكثيرة التي يتم استخدامها للشرب وزراعة الوادي المحيط بهذا الغيل.
ومن الملفت للانتباه أن مدينة جبن يحيط بها أربعة حصون -من الجهات الأربع- كانت تلك الحصون مناطق بدء إنشاء هذه المدينة التاريخية ، جميعها يبدأ اسمها بحرف (القاف) فمن الجهة الشرقية حصن او منطقة (قرعد)، ومن الجهة الغربية حصن (القحللة)، ومن الجنوب حصن (القرين) ، ومن الشمال حصن (القلعة) المتصلة بسور على المدينة لا تزال آثاره موجودة ، بالإضافة إلى وجود بقايا لآثار قصور وسدود تهدمت بفعل أيادي عابثة ونتيجة لعدم الاهتمام بها وصيانتها.
* التوزيع السكاني وطبيعة أعمالهم
يعمل سكان مديرية جبن في الزراعة والتجارة الداخلية البسيطة ، والبعض منهم يشغل مناصب حكومية ووظائف رسمية في القطاعات المختلفة، ويشكل نسبة الاغتراب والهجرة الخارجية في أوساط السكان أكثر من 45% من مجموع السكان الأصليين- يتوزعون في بلدان عربية وأجنبية- منهم حوالي 70% تقريبا مغتربون في الولايات المتحدة الأمريكية، وحوالي 20% تقريبا في دول الخليج العربي، و 6% في دول أوروبا (فرسنا وبريطانيا)، و 4% في ماليزيا واندونيسيا- هجرتهم إلى بعض هذه الدول قديمة حتى أن أغلبهم يتمتعون بجنسيات دول الاغتراب وأهمها الجنسية الأمريكية والبريطانية.
أما بالنسبة إلى عملية الهجرة الداخلية لسكان المديرية فالنسبة قليلة - وإذا كانت فإلى العاصمة صنعاء، أو عواصم بعض المحافظات. وهناك نسبة عالية من الهجرة الداخلية تتوجه إلى مديرية جبن، ويتبين ذلك من خلال وجود أعداد كبيرة من العاملين فيها يأتون إليها من محافظات الجمهورية الأخرى ، بل أن البعض من هؤلاء المهاجرين داخلياً إلى جبن قد استوطنوا فيها، وكونوا لهم عائلات بها ، وأصبحوا جزءاً من نسيجها الإجتماعي- وهذا نتيجة لطيب المواطنين في هذه المديرية الطيبة ، وسلاسة تعاملهم وصدقهم مع الآخرين، ودماثة أخلاقهم ، وكرم ضيافتهم، وحبهم للتعاون وتقديم المساعدة للمحتاجين، بالإضافة إلى نبذهم لمسألة التعصب القبلي أو الحزبي أو المناطقي ، وتمسكهم بالعادات والتقاليد الإسلامية السمحاء- فهم مجتمعون بكل شرائحهم السياسية والاجتماعية على فعل الخير ومحاربة الشر- وهذا انعكاس لما يتمتع به أبناء المديرية من ثقافة عالية وإدراك مسؤول بأهمية وضرورة التكافل الاجتماعي بين أبناء اليمن الواحد.
أما بالنسبة للمغترب أو المهاجر من أبناء جبن في خارج الوطن حتى أولئك الذين يحملون جنسيات دول الاغتراب فإن عائلاتهم تظل في شوق ولهفة مستمرة إلى العودة إلى أرض الوطن- فترى أنه ما أن تنفك وتنتهي الدراسة لأولادهم وتبدأ العطلة الصيفية حتى يتوافقدون إلى موطنهم الأصلي بمديرية جبن، لعيشوا أيام إجازتهم بين أحضان وطنهم ، ووسط عائلاتهم وأقاربهم وأصدقائهم. وعند الحديث معهم فإنك تحس بشكل آخر وجمال رائع للوطن ويكون الكلام المتبادل معهم ذا شجون ليس له آخر..
يتفاعلون جدا مع قضايا واحتياجات مجتمعهم ووطنهم ، ويقدمون كل أشكال التعاون والمساعدة في حل كثير من القضايا الاجتماعية وتوفير بعض احتياجات المديرية- ويتملكهم الإعجاب الشديد والانبهار مما وصلت إليه مديريتهم في التطور والازدهار ، الأمر الذي يجعل المديرية مستمرة ومرتبطة بتاريخها وحضارة أبنائها ومواكبة عصر النهضة الحديث.
* التراث الشعبي وتنوعاته في مديرية جبن:
مديرية جُبَن لها موروث شعبي واسع ومتعدد ، تولد منه تراث تاريخي وحضاري وفلكور شعبي متميز ، له خاصيته الممتزجة بعادات وتقاليد ذات طابع ونكهة فريدة تحمل في طياتها ثقافة عالية.
ولعل الارتباط الوثيق والمتأصل بين جميع أبناء المديرية مع تلك العادات والتقاليد التراثية المنبثقة من عراقة وأصالة التاريخ الحضاري ولتراث الشعبي لأبناء المديرية يتجلى من خلال استمراريتهم في معايشة هذا التراث في شتى مناحي الحياة العامة. فتجد هناك ماهو متعلق بالمواسم الزراعية وعملية التعاون بينهم في زراعة الأراضي وحصاد المزروعات بتلك الأهازيج والأشعار التي يرددونها بأصواتهم العذبة وألحانهم الشجية وعباراتهم الشعرية ذات المعاني الصادقة ، كقولهم :
<< قلعة جُبن ياعالية بدورش ... أرقبي ساعة لاما الحبيب يزورش >>
أما التراث الشعبي المتمثل في الفلكور المتميز المتبع في مديرية جبن خلال المناسبات والأعياد الدينية والوطنية ، والأفراح ومراسيم الزواج المختلفة ، التي تتألق روعة وجمال فالممارسة لها من خلال الأهازيج والزوامل الشعرية الشعبية والرقص على إيقاع الطبول، وإحياء الليالي والأمسيات السعيدة التي يتنافس فيها أصحاب الشعر والدان من خلال ليالي البال والسمر.
وكذلك هناك الشكل الآخر من التراث الجميل والتقاليد الدينية في إقامة وإحياء ليالي شهر رمضان المبارك بشاعرية دينية ، وأحاسيس روحانية ، وموشحات فنية رائعة تختلف بشكل كلي عن بقية أيام وليالي السنة. أما الجانب الآخر الذي يتمتع به أبناء مديرية جبن من عادات وتقاليد فاضلة موروثة هي تلك الروح السمحة والمتعاونة في حل القضايا والمشاكل ، كقضايا القتل الخطأ والنزاعات المختلفة- حتى أن مديرية جبن تكاد تكون من المديريات النادرة والفريدة في هذا الجانب لعدم وجود أي ثأرات قبلية إطلاقا- وهذا دليل على مدى الوعي الثقافي الذي يتحلى به مجتمع مديرية جبن.
ويبقى الجزء المهم من المورث الشعبي لمديرية جبن يتمثل في جانب الشعر والأدب التي تزخر به جبن لكثرة قصائدها الشعرية وواقعيتها وحقيقة شعراءها الذين يتمتعون بمواهب إبداعية في إنشاء القصائد المختلفة ، لأنهم -في حقيقة الأمر- لم يكونوا خياليين في كتابة أشعارهم او متصورين لمواقف ليس لها وجود في نظمها ، وإنما كان الواقع والأحداث والظروف والمواقف التي عاشوها في تلك الفترة من حياتهم هي مصدر الإلهام والتعبير عمّا يجيش في نفوسهم وعقولهم من أفكار ورؤى وطموحات ليخرجونها على شكل أبيات شعرية وقصائد شعبية لمعالجة مشكلة اجتماعية موجودة، أو إيجاد حلول لقضايا محددة، أو مواجهة مواقف معينة.
والملاحظ أن هؤلاء الشعراء والأدباء هم قادة المجتمع ، ومشائخ البلاد في تلك الفترة من الحقبة التاريخية الهامة والذين كانوا متحملين المسؤولية في تسيير شئون البلاد وتنظيم علاقاتها مع المناطق الأخرى وخصوصا ما قبل الثورة اليمنية المجيدة ، وإنهاء معاناة الشعب من التسلط الأمامي بالإضافة إلى ما ظهر من مواقف وطنية عبر عنها هؤلاء الشعراء بوقوفهم لمساندة الثورة اليمنية ودعواتهم الشعرية لقبائل المناطق الأخرى المجاورة وضرورة وقوفهم ودعمهم حركة التحرر ونصرة الثورة.
وما يثير الإعجاب لدى الفرد عند قراءته أو مطالعته تلك القصائد الشعرية ، ومن خلال أبياتها يتبين له التالي:
* أولا: أن القصيدة كانت نتيجه حدث أو موقف أو مشكلة ظاهرة وموجودة في الواقع الاجتماعي على مستوى المنطقة أو الوطن اليمني أو العالم العربي والإسلامي.
* ثانيا: أن القصيدة لها قصة وحكاية صحيحة وواقعية حدثت في الفترة نفسها التي وجدت فيها القصيدة الكل يعلم القصة وقبل أن تسال عن القصيدة يسردون قصتها وبسبب إنشاءها. وجميعها موجهة لغايات هادفة.
* ثالثا: احتواء تلك القصائد الشعرية والأمثال الشعبية على جملة من الصور الجمالية والتشبيهات البلاغية والألحان والمعاني الجميلة النابعة من صميم اللغة العربية الفصحى.
* رابعا: تجد أن جميع القصائد للموروث الشعبي الشعري لمديرية جبن تشمل كل الشروط اللازمة لتكون قصيدة أو اعتبارها شعرا له نكهته الشاعرية وإحساسه المرهف وهاجسه الملحوظ واستنباطاته الواقعية، وذلك من حيث أنه يتكون من مقدمة وتعريف وشرح مفصل لموضوع أو قضية وخاتمة بالصلاة والسلام على النبي (ص).
* خامسا: أن القارئ مهما كانت لهجته فإن عند قراءة أي قصيدة أو شعر لا حد شعراء مديرية جبن يجد نفسه فاهما لها ومدركا لمعانيها وعدم غموضها- وهذا نتيجة لفصاحتها وارتباط كلماتها وابياتها ببعضها البعض- وبسبب ذلك تجد هذه القصائد انتشارا واسعا في مناطق أخرى في الوطن اليمني ووصل البعض منها إلى دول الخليج العربي.
* سادسا: أن الشعر الشعبي الخاص بمديرية جبن لم ينحصر أو يتقوقع حول موضوع معين أو نوع محدد وإنما كانت له أنواعه المختلفة والمتنوعة منها ما هو متعلق بقضايا وطنية وحالات اجتماعية وقبلية وأخر يتغنى بحلاوة الدين وسماحته في معالجة كثير من القضايا الهامة بالاضافه إلى ذلك النوع الذي يعبر عنه المغتربون في أشعارهم عن مدى حبهم.
وتعلقهم بوطنهم وتعطشهم للعودة إليه- أيضا يأتي النوع الجميل من الشعر الغزلي الفني والذي يتغزل فيه الحبيب بحبيبته ويتمعن في انتقاء أعذب الكلمات واجمل الأوصاف والتشبيهات البلاغية التي توحي بمدى حنينه إليها وتمنى سرعة لقاءه بها: خاضعة تلك الأوصاف والكلمات لمبادئ الأدب والفصاحة الأدبية العربية.
* التطور الذي تشهده مديرية جبن
أصبحت اليوم مديرية جبن تتمتع بمزايا المدنية المتطورة من حيث الموافق والخدمات الحكومية العامة والتجارية ووجود المكاتب التنفيذية المجتمعة في مبنى المجمع الحكومي ، التي تقدم كافة الخدمات للمواطنين، وتسهيل إنجاز معاملاتهم وتبني قضاياهم الشرعية والجنائية ، وإصدار الأحكام القضائية من خلال محكمة ونيابة جبن ، ومتابعة المجرمين ، والمخالفين للقانون ، والفارين من وجه العدالة من خلال أمن المديرية- ويجري الآن تنفيذ عدد من المشاريع الخدمية الهامة بمركز المدينة ، كمشرع المجاري والصرف الصحي ، الذي تبلغ تكلفته أكثر من 600 مليون ريال، أيضا مشروع مياه مركز المديرية وعده آخر من المشاريع التربوية والتعليمية والصحية والزراعية والرعاية الاجتماعية، وإنشاء السدود والحواجز المائية في مناطق كثيرة من المديرية..
أما الجانب التعليمي والتربوي ، فإن جميع شرائح المجتمع بالمديرية يولون عملية التعليم اهتماما كبيرا ، حيث أصبحت مشكلة الأمية في هذه المديرية لا تزيد عن 10% من مجموع السكان ، بفضل الاهتمام بضرورة التعليم وتوفير الاحتياجات اللازمة لتلقي العلم من قبل الدولة وتعاون المواطنين في هذا الجانب الهام من مسيرة البناء والتطور- حيث اصبح اليوم عدد المدارس بمديرية جبن يزيد عن 50 خمسون مدرسة أساسية وثانوية ، تحتوى على أكثر من ثلاثة عشر ألف طالب وطالبة- مع الأخذ بتزايد كثافة الطلاب سنويا- غير أن المديرية تفتقر إلى المخرجات التعليمية المتخصصة في الدراسات العالية ، باعتبار أن أعلى مستوى تعليمي يتخرج منه الطلاب بالمديرية هو الثانوية العامة.. لعدم وجود أي كليات أو معاهد عليا في المنطقة.
أما الجانب الأخر من مرحلة التطور الذي تشهده المديرية فهو في الجانب الهام لشريان الحياة ( الطرق). فإن مديرية جبن قد حضت باهتمام القيادة السياسية ومتابعة بعض مواطنيها ذوي القيم الوطنية ، والمبادرات التعاونية الملموسة، حيث أصبحت مديرية جبن تمتلك شبكة طرق رئيسية تربطها بعدة محافظات ، بعضها تم إنجازه ، فيما البعض الآخر مازال قيد التنفيذ والعمل جار فيه ، منها: طريق رداع – جبن ، وطريق جبن- دمت ، وطريق جبن- الشعيب ، وطريق جبن- الحميراء مريس، وهناك طرق أخرى لازالت قيد الدراسة منها طريق : جبن- البيضاء ، وطريق جبن- يافع.
بالإضافة إلى أن جبن وموقعها الجغرافي ستشكل مستقبلا مرحلة من التنافس التجاري والاستثماري لشركات اقتصادية في مجالات عديدة منها ما هو موجود حاليا من تنافس بين شركات الاتصالات ( سبأ فون وسبيستل) ، المتخصصة في مجال الاتصالات الهاتفيةGSM، أما خدمة الاتصالات الهاتفية الرسمية فهي متواجدة في المديرية منذ العام 1986م ، وتم تطويرها حتى اصبح اليوم عدد الخطوط الهاتفية بمديرية جبن يزيد عن 2500 خط بالإضافة إلى خدمة الاتصالات والمراسلات البريدية.
* وقفة تأمّــل
تلك هي نبذة قصيرة ومختصرة عن مديرية جبن وما تحتويه من تراث شعبي وآثار تاريخية، ومعالم حضارية- ننقلها للقارئ الكريم بكل تجرد وموضوعية من خلال الشواهد التاريخية القائمة، ومراجع الكتّاب والمؤرخين الذين تناولوا مديرية جبن في كثير من مؤلفاتهم- وأيضا لإظهار الصورة الحقيقة لواقع وتاريخ هذه المديرية العريقة.
لم نتطرق بشكل أوسع وطرق تفصيلية مستفيضة لجوانب عديدة من الموروثات الشعبية ، والفلكلور الفني الخاص بمدرية جبن، وخصوصا ما يتعلق بالشعر والأدب القديم المميز بمعانيه الجميلة ، ونُظم قوافيه البديعة ، وارتباطه بأحداث تاريخية حقيقية وواقعية. ذلك لأننا بصدد العمل على جمع تلك الموروثات الشعبية في الشعر ، والأدب ، والعادات ، والتقاليد العريقة ، والمواقع والمناطق التاريخية ، والمعالم والآثار التاريخية من خلال الاستطلاع المصور واللقاءات المستمرة مع بعض الشخصيات الهامة والمطلعة والمهتمة بتاريخ المديرية، وكذا الرجوع إلى مؤلفات تاريخية لكتاب ومؤرخين لهم شهرتهم في التجرد والحيادية وتناولوا تاريخ المديرية بكل صدق وأنصاف وموضوعية.
نقوم بذلك لتوثيقه ، وحفظة ، ومن ثم إخراجه إلى المجتمع والقارئ والباحث والمؤرخ على شكل مؤلفات لها خصوصياتها التاريخية، نتناول فيها جوانب متعددة ومتنوعة لتاريخ وتراث هذه المديرية.
ويبقى السؤال...؟؟؟ يا ترى هل سنجد الاهتمام الملموس ، والنظرة الثاقبة لما تمثله هذه المديرية من أهمية تاريخية ! والرعاية الضرورية للحفاظ وصيانة ما تبقي من تلك المعالم التاريخية والآثار الحضارية الموجودة في مديرية جبن ؟ وهل سنلقى التعاون المثمر في توثيق وحفظ الموروث الشعبي والفلكلور الفني الخاص بها من قبل الجهات المسؤولة- سواءً على المستوى الرسمي أو المنظمات والمؤسسات الشعبية التي علاقة بهذا الجانب ؟ وهل ستلقى مديرية جبن اللفتة الواعية والمنصفة لإدراجها ضمن المدن اليمنية التاريخية والسياحية.. !؟
أملنا كبير وثقتنا عظيمة في كثير من أصحاب الوطنية النزيهة- خصوصا وان مدينة الملوك "جبن" كانت في حقبة تاريخية قديمة عاصمة لدولة شهدت اليمن في ظلها تطورا كبيراً في مجالات عديدة- وبعدالة حكمها توحدت اليمن- أنها الدولة الطاهرية.. هذه الدولة التي ظلت ظمأى في عالم التجاهل والنسيان حتى جاءت زيارة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح نهاية العام 2005م ليبعث الأمل في نفوس أهالي جبن بأن هناك من يتفقدهم، ويهتم لشأنهم ، وبكل تأكيد سيبعث الحياة الى آثارهم!
منقول
تتوزع على ست عزل رئيسية ، وعدد اثنين وستون قرية - يحدها من الشمال رداع ، ومن الجنوب الشعيب ويافع ، ومن الشرق البيضاء ، ومن الغرب دمت .
تتميز مديرية جبن بمناخها الطبيعي المعتدل ، وهطول الأمطار عليها في مواسم متعددة- وتختزن مديرية جبن كثيراً من المواقع والمناطق السياحية والأثرية، وحمامات المياه الطبيعية الحارة التي يؤمها السواح من كل حدب ، بالإضافة إلى وديانها الزراعية ذات المناظر الطبيعية الخلابة ، وصفاء ونقاء أجوائها.
* المواقع الحضارية والآثار التاريخية لجبن
عدة أسماء تاريخية منها ما كان يطلق عليها (مدينة الملوك) نسبة إلى كثرة الملوك الذين سكنوا وعاشوا فيها وحكموا منها، وكان آخر ملوك هذه الدول (ملوك الدولة الطاهرية) التي حكمت اليمن للفترة (758-923هـ/ 1454-1517م)، وكانت مدينة جبن مسقط رؤوسهم ، وعاصمة لهم ، ومقراً لدولتهم.
المعالم الأثرية الموجودة حالياً في مدينة جبن، وبعض القرى التابعة لها كالمقرانة (مركز القيادة العسكرية للدولة الطاهرية) لا تزال شاهداً ودليلاً على أن جبن قديما كانت تمثل مركزاً هاماً ، وموقعاً جغرافياً استراتيجيا ، وممرا يربط بين الشمال والجنوب في عهود الدول اليمنية القديمة (الحميرية والسبئية) ، ويتبين ذلك من خلال ماهو موجود من نقوش وآثار حميرية ، ومرابط الخيل في "المصنعة" - التي لا تزال تسمى "المصنعة الحميرية" - وما كان موجود لقصر على سطح جبل "هران" نسبة إلى اسم أحد ملوك دولة حِمْيَر ، والمعروف أنه كان يوجد ممر على شكل نفق من وسط القصر القابع فوق الجبل يوصله بالبئر الموجودة في الوادي الذي يقع أسفل الجبل ، ومياه هذه البئر كانت مخصصة لشرب الملك هران وحاشيته..حتى بات الرعاة ينشدون في مغانيهم قولهم:
يادار هران .. ياتحيف الأركان
ركنين فضة .. وركن مرجان
وركن من عهد.. النبي سُليمان
بالإضافة إلى وجود نقوش وكتابة بحروف المسند في القيد الجاهلي -غرب مدينة جبن- بل أن الأهم من ذلك ماهو قبل هذه الدول ويعود إلى بدء نشأة الحياة ،يتضح من خلال وجود قبر سيدنا (شيث بن نوح) عليهما السلام - الموجود في قرية "موث" إحدى قرى عزلة "حجاج" التابعة لمديرية جبن.
أما المعالم الحضارية والتاريخية التي تعود إلى عهد الدولة الطاهرية وحقبة حكم آل طاهر ، فإن أضرحة ملوك وأمراء الطاهريين باقية في وسط مدينة جبن ، بالإضافة إلى المدرسة المنصورية (عامرية جبن) التي يعود بناءها إلى عهد السلطان عامر بن عبدالوهاب- آخر ملوك الدولة الطاهرية.
وهناك أعداد كثيرة لخزانات المياه (المواجل) التاريخية التي يعود تاريخ حفرها إلى عهود قديمة ، منها ما هو في عهد الدولة الحميرية والسبئية ، ومنها ماهو في عهد الدولة الطاهرية، وتوجد هذه الآثار في مناطق ومواقع مختلفة على سفوح ووسط الجبال ، وفي التلال القريبة من الوديان الزراعية.
كذلك فإن العيون المائية التي تشكل غيول جارية ، موجودة في أماكن عدة بمديرية جبن ولها دلالات واضحة على اهتمام القدماء بأهمية مشاريع المياه في قيام حضارتهم ، وتأسيس دولهم.. على سبيل المثال الغيل الذي لا زالت المياه تتدفق منه الموجود في "وادي يَهَر" شمال مدينة جبن والذي يسمى (شِعب الغيل) ونسبة المياه الكثيرة التي يتم استخدامها للشرب وزراعة الوادي المحيط بهذا الغيل.
ومن الملفت للانتباه أن مدينة جبن يحيط بها أربعة حصون -من الجهات الأربع- كانت تلك الحصون مناطق بدء إنشاء هذه المدينة التاريخية ، جميعها يبدأ اسمها بحرف (القاف) فمن الجهة الشرقية حصن او منطقة (قرعد)، ومن الجهة الغربية حصن (القحللة)، ومن الجنوب حصن (القرين) ، ومن الشمال حصن (القلعة) المتصلة بسور على المدينة لا تزال آثاره موجودة ، بالإضافة إلى وجود بقايا لآثار قصور وسدود تهدمت بفعل أيادي عابثة ونتيجة لعدم الاهتمام بها وصيانتها.
* التوزيع السكاني وطبيعة أعمالهم
يعمل سكان مديرية جبن في الزراعة والتجارة الداخلية البسيطة ، والبعض منهم يشغل مناصب حكومية ووظائف رسمية في القطاعات المختلفة، ويشكل نسبة الاغتراب والهجرة الخارجية في أوساط السكان أكثر من 45% من مجموع السكان الأصليين- يتوزعون في بلدان عربية وأجنبية- منهم حوالي 70% تقريبا مغتربون في الولايات المتحدة الأمريكية، وحوالي 20% تقريبا في دول الخليج العربي، و 6% في دول أوروبا (فرسنا وبريطانيا)، و 4% في ماليزيا واندونيسيا- هجرتهم إلى بعض هذه الدول قديمة حتى أن أغلبهم يتمتعون بجنسيات دول الاغتراب وأهمها الجنسية الأمريكية والبريطانية.
أما بالنسبة إلى عملية الهجرة الداخلية لسكان المديرية فالنسبة قليلة - وإذا كانت فإلى العاصمة صنعاء، أو عواصم بعض المحافظات. وهناك نسبة عالية من الهجرة الداخلية تتوجه إلى مديرية جبن، ويتبين ذلك من خلال وجود أعداد كبيرة من العاملين فيها يأتون إليها من محافظات الجمهورية الأخرى ، بل أن البعض من هؤلاء المهاجرين داخلياً إلى جبن قد استوطنوا فيها، وكونوا لهم عائلات بها ، وأصبحوا جزءاً من نسيجها الإجتماعي- وهذا نتيجة لطيب المواطنين في هذه المديرية الطيبة ، وسلاسة تعاملهم وصدقهم مع الآخرين، ودماثة أخلاقهم ، وكرم ضيافتهم، وحبهم للتعاون وتقديم المساعدة للمحتاجين، بالإضافة إلى نبذهم لمسألة التعصب القبلي أو الحزبي أو المناطقي ، وتمسكهم بالعادات والتقاليد الإسلامية السمحاء- فهم مجتمعون بكل شرائحهم السياسية والاجتماعية على فعل الخير ومحاربة الشر- وهذا انعكاس لما يتمتع به أبناء المديرية من ثقافة عالية وإدراك مسؤول بأهمية وضرورة التكافل الاجتماعي بين أبناء اليمن الواحد.
أما بالنسبة للمغترب أو المهاجر من أبناء جبن في خارج الوطن حتى أولئك الذين يحملون جنسيات دول الاغتراب فإن عائلاتهم تظل في شوق ولهفة مستمرة إلى العودة إلى أرض الوطن- فترى أنه ما أن تنفك وتنتهي الدراسة لأولادهم وتبدأ العطلة الصيفية حتى يتوافقدون إلى موطنهم الأصلي بمديرية جبن، لعيشوا أيام إجازتهم بين أحضان وطنهم ، ووسط عائلاتهم وأقاربهم وأصدقائهم. وعند الحديث معهم فإنك تحس بشكل آخر وجمال رائع للوطن ويكون الكلام المتبادل معهم ذا شجون ليس له آخر..
يتفاعلون جدا مع قضايا واحتياجات مجتمعهم ووطنهم ، ويقدمون كل أشكال التعاون والمساعدة في حل كثير من القضايا الاجتماعية وتوفير بعض احتياجات المديرية- ويتملكهم الإعجاب الشديد والانبهار مما وصلت إليه مديريتهم في التطور والازدهار ، الأمر الذي يجعل المديرية مستمرة ومرتبطة بتاريخها وحضارة أبنائها ومواكبة عصر النهضة الحديث.
* التراث الشعبي وتنوعاته في مديرية جبن:
مديرية جُبَن لها موروث شعبي واسع ومتعدد ، تولد منه تراث تاريخي وحضاري وفلكور شعبي متميز ، له خاصيته الممتزجة بعادات وتقاليد ذات طابع ونكهة فريدة تحمل في طياتها ثقافة عالية.
ولعل الارتباط الوثيق والمتأصل بين جميع أبناء المديرية مع تلك العادات والتقاليد التراثية المنبثقة من عراقة وأصالة التاريخ الحضاري ولتراث الشعبي لأبناء المديرية يتجلى من خلال استمراريتهم في معايشة هذا التراث في شتى مناحي الحياة العامة. فتجد هناك ماهو متعلق بالمواسم الزراعية وعملية التعاون بينهم في زراعة الأراضي وحصاد المزروعات بتلك الأهازيج والأشعار التي يرددونها بأصواتهم العذبة وألحانهم الشجية وعباراتهم الشعرية ذات المعاني الصادقة ، كقولهم :
<< قلعة جُبن ياعالية بدورش ... أرقبي ساعة لاما الحبيب يزورش >>
أما التراث الشعبي المتمثل في الفلكور المتميز المتبع في مديرية جبن خلال المناسبات والأعياد الدينية والوطنية ، والأفراح ومراسيم الزواج المختلفة ، التي تتألق روعة وجمال فالممارسة لها من خلال الأهازيج والزوامل الشعرية الشعبية والرقص على إيقاع الطبول، وإحياء الليالي والأمسيات السعيدة التي يتنافس فيها أصحاب الشعر والدان من خلال ليالي البال والسمر.
وكذلك هناك الشكل الآخر من التراث الجميل والتقاليد الدينية في إقامة وإحياء ليالي شهر رمضان المبارك بشاعرية دينية ، وأحاسيس روحانية ، وموشحات فنية رائعة تختلف بشكل كلي عن بقية أيام وليالي السنة. أما الجانب الآخر الذي يتمتع به أبناء مديرية جبن من عادات وتقاليد فاضلة موروثة هي تلك الروح السمحة والمتعاونة في حل القضايا والمشاكل ، كقضايا القتل الخطأ والنزاعات المختلفة- حتى أن مديرية جبن تكاد تكون من المديريات النادرة والفريدة في هذا الجانب لعدم وجود أي ثأرات قبلية إطلاقا- وهذا دليل على مدى الوعي الثقافي الذي يتحلى به مجتمع مديرية جبن.
ويبقى الجزء المهم من المورث الشعبي لمديرية جبن يتمثل في جانب الشعر والأدب التي تزخر به جبن لكثرة قصائدها الشعرية وواقعيتها وحقيقة شعراءها الذين يتمتعون بمواهب إبداعية في إنشاء القصائد المختلفة ، لأنهم -في حقيقة الأمر- لم يكونوا خياليين في كتابة أشعارهم او متصورين لمواقف ليس لها وجود في نظمها ، وإنما كان الواقع والأحداث والظروف والمواقف التي عاشوها في تلك الفترة من حياتهم هي مصدر الإلهام والتعبير عمّا يجيش في نفوسهم وعقولهم من أفكار ورؤى وطموحات ليخرجونها على شكل أبيات شعرية وقصائد شعبية لمعالجة مشكلة اجتماعية موجودة، أو إيجاد حلول لقضايا محددة، أو مواجهة مواقف معينة.
والملاحظ أن هؤلاء الشعراء والأدباء هم قادة المجتمع ، ومشائخ البلاد في تلك الفترة من الحقبة التاريخية الهامة والذين كانوا متحملين المسؤولية في تسيير شئون البلاد وتنظيم علاقاتها مع المناطق الأخرى وخصوصا ما قبل الثورة اليمنية المجيدة ، وإنهاء معاناة الشعب من التسلط الأمامي بالإضافة إلى ما ظهر من مواقف وطنية عبر عنها هؤلاء الشعراء بوقوفهم لمساندة الثورة اليمنية ودعواتهم الشعرية لقبائل المناطق الأخرى المجاورة وضرورة وقوفهم ودعمهم حركة التحرر ونصرة الثورة.
وما يثير الإعجاب لدى الفرد عند قراءته أو مطالعته تلك القصائد الشعرية ، ومن خلال أبياتها يتبين له التالي:
* أولا: أن القصيدة كانت نتيجه حدث أو موقف أو مشكلة ظاهرة وموجودة في الواقع الاجتماعي على مستوى المنطقة أو الوطن اليمني أو العالم العربي والإسلامي.
* ثانيا: أن القصيدة لها قصة وحكاية صحيحة وواقعية حدثت في الفترة نفسها التي وجدت فيها القصيدة الكل يعلم القصة وقبل أن تسال عن القصيدة يسردون قصتها وبسبب إنشاءها. وجميعها موجهة لغايات هادفة.
* ثالثا: احتواء تلك القصائد الشعرية والأمثال الشعبية على جملة من الصور الجمالية والتشبيهات البلاغية والألحان والمعاني الجميلة النابعة من صميم اللغة العربية الفصحى.
* رابعا: تجد أن جميع القصائد للموروث الشعبي الشعري لمديرية جبن تشمل كل الشروط اللازمة لتكون قصيدة أو اعتبارها شعرا له نكهته الشاعرية وإحساسه المرهف وهاجسه الملحوظ واستنباطاته الواقعية، وذلك من حيث أنه يتكون من مقدمة وتعريف وشرح مفصل لموضوع أو قضية وخاتمة بالصلاة والسلام على النبي (ص).
* خامسا: أن القارئ مهما كانت لهجته فإن عند قراءة أي قصيدة أو شعر لا حد شعراء مديرية جبن يجد نفسه فاهما لها ومدركا لمعانيها وعدم غموضها- وهذا نتيجة لفصاحتها وارتباط كلماتها وابياتها ببعضها البعض- وبسبب ذلك تجد هذه القصائد انتشارا واسعا في مناطق أخرى في الوطن اليمني ووصل البعض منها إلى دول الخليج العربي.
* سادسا: أن الشعر الشعبي الخاص بمديرية جبن لم ينحصر أو يتقوقع حول موضوع معين أو نوع محدد وإنما كانت له أنواعه المختلفة والمتنوعة منها ما هو متعلق بقضايا وطنية وحالات اجتماعية وقبلية وأخر يتغنى بحلاوة الدين وسماحته في معالجة كثير من القضايا الهامة بالاضافه إلى ذلك النوع الذي يعبر عنه المغتربون في أشعارهم عن مدى حبهم.
وتعلقهم بوطنهم وتعطشهم للعودة إليه- أيضا يأتي النوع الجميل من الشعر الغزلي الفني والذي يتغزل فيه الحبيب بحبيبته ويتمعن في انتقاء أعذب الكلمات واجمل الأوصاف والتشبيهات البلاغية التي توحي بمدى حنينه إليها وتمنى سرعة لقاءه بها: خاضعة تلك الأوصاف والكلمات لمبادئ الأدب والفصاحة الأدبية العربية.
* التطور الذي تشهده مديرية جبن
أصبحت اليوم مديرية جبن تتمتع بمزايا المدنية المتطورة من حيث الموافق والخدمات الحكومية العامة والتجارية ووجود المكاتب التنفيذية المجتمعة في مبنى المجمع الحكومي ، التي تقدم كافة الخدمات للمواطنين، وتسهيل إنجاز معاملاتهم وتبني قضاياهم الشرعية والجنائية ، وإصدار الأحكام القضائية من خلال محكمة ونيابة جبن ، ومتابعة المجرمين ، والمخالفين للقانون ، والفارين من وجه العدالة من خلال أمن المديرية- ويجري الآن تنفيذ عدد من المشاريع الخدمية الهامة بمركز المدينة ، كمشرع المجاري والصرف الصحي ، الذي تبلغ تكلفته أكثر من 600 مليون ريال، أيضا مشروع مياه مركز المديرية وعده آخر من المشاريع التربوية والتعليمية والصحية والزراعية والرعاية الاجتماعية، وإنشاء السدود والحواجز المائية في مناطق كثيرة من المديرية..
أما الجانب التعليمي والتربوي ، فإن جميع شرائح المجتمع بالمديرية يولون عملية التعليم اهتماما كبيرا ، حيث أصبحت مشكلة الأمية في هذه المديرية لا تزيد عن 10% من مجموع السكان ، بفضل الاهتمام بضرورة التعليم وتوفير الاحتياجات اللازمة لتلقي العلم من قبل الدولة وتعاون المواطنين في هذا الجانب الهام من مسيرة البناء والتطور- حيث اصبح اليوم عدد المدارس بمديرية جبن يزيد عن 50 خمسون مدرسة أساسية وثانوية ، تحتوى على أكثر من ثلاثة عشر ألف طالب وطالبة- مع الأخذ بتزايد كثافة الطلاب سنويا- غير أن المديرية تفتقر إلى المخرجات التعليمية المتخصصة في الدراسات العالية ، باعتبار أن أعلى مستوى تعليمي يتخرج منه الطلاب بالمديرية هو الثانوية العامة.. لعدم وجود أي كليات أو معاهد عليا في المنطقة.
أما الجانب الأخر من مرحلة التطور الذي تشهده المديرية فهو في الجانب الهام لشريان الحياة ( الطرق). فإن مديرية جبن قد حضت باهتمام القيادة السياسية ومتابعة بعض مواطنيها ذوي القيم الوطنية ، والمبادرات التعاونية الملموسة، حيث أصبحت مديرية جبن تمتلك شبكة طرق رئيسية تربطها بعدة محافظات ، بعضها تم إنجازه ، فيما البعض الآخر مازال قيد التنفيذ والعمل جار فيه ، منها: طريق رداع – جبن ، وطريق جبن- دمت ، وطريق جبن- الشعيب ، وطريق جبن- الحميراء مريس، وهناك طرق أخرى لازالت قيد الدراسة منها طريق : جبن- البيضاء ، وطريق جبن- يافع.
بالإضافة إلى أن جبن وموقعها الجغرافي ستشكل مستقبلا مرحلة من التنافس التجاري والاستثماري لشركات اقتصادية في مجالات عديدة منها ما هو موجود حاليا من تنافس بين شركات الاتصالات ( سبأ فون وسبيستل) ، المتخصصة في مجال الاتصالات الهاتفيةGSM، أما خدمة الاتصالات الهاتفية الرسمية فهي متواجدة في المديرية منذ العام 1986م ، وتم تطويرها حتى اصبح اليوم عدد الخطوط الهاتفية بمديرية جبن يزيد عن 2500 خط بالإضافة إلى خدمة الاتصالات والمراسلات البريدية.
* وقفة تأمّــل
تلك هي نبذة قصيرة ومختصرة عن مديرية جبن وما تحتويه من تراث شعبي وآثار تاريخية، ومعالم حضارية- ننقلها للقارئ الكريم بكل تجرد وموضوعية من خلال الشواهد التاريخية القائمة، ومراجع الكتّاب والمؤرخين الذين تناولوا مديرية جبن في كثير من مؤلفاتهم- وأيضا لإظهار الصورة الحقيقة لواقع وتاريخ هذه المديرية العريقة.
لم نتطرق بشكل أوسع وطرق تفصيلية مستفيضة لجوانب عديدة من الموروثات الشعبية ، والفلكلور الفني الخاص بمدرية جبن، وخصوصا ما يتعلق بالشعر والأدب القديم المميز بمعانيه الجميلة ، ونُظم قوافيه البديعة ، وارتباطه بأحداث تاريخية حقيقية وواقعية. ذلك لأننا بصدد العمل على جمع تلك الموروثات الشعبية في الشعر ، والأدب ، والعادات ، والتقاليد العريقة ، والمواقع والمناطق التاريخية ، والمعالم والآثار التاريخية من خلال الاستطلاع المصور واللقاءات المستمرة مع بعض الشخصيات الهامة والمطلعة والمهتمة بتاريخ المديرية، وكذا الرجوع إلى مؤلفات تاريخية لكتاب ومؤرخين لهم شهرتهم في التجرد والحيادية وتناولوا تاريخ المديرية بكل صدق وأنصاف وموضوعية.
نقوم بذلك لتوثيقه ، وحفظة ، ومن ثم إخراجه إلى المجتمع والقارئ والباحث والمؤرخ على شكل مؤلفات لها خصوصياتها التاريخية، نتناول فيها جوانب متعددة ومتنوعة لتاريخ وتراث هذه المديرية.
ويبقى السؤال...؟؟؟ يا ترى هل سنجد الاهتمام الملموس ، والنظرة الثاقبة لما تمثله هذه المديرية من أهمية تاريخية ! والرعاية الضرورية للحفاظ وصيانة ما تبقي من تلك المعالم التاريخية والآثار الحضارية الموجودة في مديرية جبن ؟ وهل سنلقى التعاون المثمر في توثيق وحفظ الموروث الشعبي والفلكلور الفني الخاص بها من قبل الجهات المسؤولة- سواءً على المستوى الرسمي أو المنظمات والمؤسسات الشعبية التي علاقة بهذا الجانب ؟ وهل ستلقى مديرية جبن اللفتة الواعية والمنصفة لإدراجها ضمن المدن اليمنية التاريخية والسياحية.. !؟
أملنا كبير وثقتنا عظيمة في كثير من أصحاب الوطنية النزيهة- خصوصا وان مدينة الملوك "جبن" كانت في حقبة تاريخية قديمة عاصمة لدولة شهدت اليمن في ظلها تطورا كبيراً في مجالات عديدة- وبعدالة حكمها توحدت اليمن- أنها الدولة الطاهرية.. هذه الدولة التي ظلت ظمأى في عالم التجاهل والنسيان حتى جاءت زيارة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح نهاية العام 2005م ليبعث الأمل في نفوس أهالي جبن بأن هناك من يتفقدهم، ويهتم لشأنهم ، وبكل تأكيد سيبعث الحياة الى آثارهم!
منقول