منتدى مدينة الملوك - مديرية جبن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مدينة الملوك - مديرية جبندخول

منتدى مدينة الملوك - مديرية جبن


descriptionي ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم - الأسوة والقدوة Emptyي ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم - الأسوة والقدوة

more_horiz
منقول

السلام عليكم
في ذكرى مولد الحبيب والنبي القدوة عليه أفضل الصلاة والسلام , لايمكن لنا اعتبار هذه الذكرة مناسبة فقط للاحتفال ثم ننسى فضائل وشمائل هذا النبي العظيم , بل لابد من جعله قدوة لنا في حياتنا .
تعالوا بنا جميعا نتعلم من مدرسة النبوة .

أولا - الرسول قائد عظيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد..

شكر الله لكم، وجزاكم خيرا كثيرا على حبكم لإسلامكم، وحرصكم عليه.

أخي الحبيب، الرسول صلى الله عليه وسلم - وأيّ رسول - هو رسول الله أولا، ثم هو قائد، أو مفكر، أو غيره ثانيا.

والسبب في هذا التأكيد - مع التحذير - هو الخوف من خلط الأوراق مستقبلا مِن البعض، بغير قصد من بعض المسلمين وغيرهم، أو بقصد من بعض أعدائهم، إذ بما أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم – أو أيّ رسول – هو أفضل مفكر، أو قائد في التاريخ حتي الآن، فقد يظهر في القريب العاجل أو الآجل من هو أعظم! فلماذا إذن لا نتبعه وأفكاره؟! ما دمنا نحن البشر قد علمنا ربنا أن نبحث دائما عن الأفضل والأحق، فإذا ببعض من المسلمين ومن عموم الناس تدريجيا ينزلقون، فينسلخون عن رسولهم قدوتهم، ثم بالتالي رويدا عن إسلامهم ودينهم.

إنَّ الفرق الجوهري بين الرسول وبين القائد أو المفكر أو .. أو .. هو أنَّ الرسول رغم أنه بشر إلا أنه قد أتى برسالة للخلق من خالقهم، أي يُوَحَيَ إليه من الله سبحانه: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ)، وبالتالي فهو لا يتحدث عن نفسه، أو عن أفكاره الإصلاحية، وإنما يتحدث عن نظام الله تعالى للناس، والذي يصلحهم ويسعدهم جميعا، كما يقول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ)، وبالتالي فهو لا يخطئ، ولا يظلم، ولا يُحابي أحدا، ولا يُغفل شيئا، كما يقول تعالى مؤكدا هذا: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) .. قال الإمام ابن تيمية: "نفى عنه صلى الله عليه وسلم الهوى، وأثبت العلم الكامل، وهو الوحي، فهذا كمال العلم، وذاك كمال القصد".

ولو فرض وحدث وأخطأ الرسول كبشر في تصّرف ما من تفاصيل الحياة، والتي سمح له الله بالتصرف فيها، نزل التوجيه والتصحيح والتصويب الإلهي سريعا وفوريا قبل انتشار أي خطأ.

ثم الذي لا يُتصَوَّر هو حدوث أي انحراف من الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن أي رسول، وذلك لعدة أمور:

أولا: لأنه على خلق عظيم، كما يؤكد تعالى عن رسله في أكثر من موضع في القرآن الكريم، وهو الذي اصطفاهم من كل خلقه؛ لعلمه بأنهم الأفضل والأكمل خلقا وأمانة.

ثانيا: للتدخل الشديد والحازم والسريع من ربه حرصا على جميع الخلق كما يقول تعالىوَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ * لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ*ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ)، قال الإمام الطبري: "يعني بذلك أنه كان يعاجله بالعقوبة ولا يؤخره بها".

أما القائد أو المفكر، فإنه يدرس بعقله الواقع الذي يعيشه، وحده أو حتي مع مجموعة من المستشارين، فهو مُعَرَّض بالتأكيد للخطأ أوللنقصان - مع افتراض صدق نواياه وتمام عدله -؛ وذلك لأن المعلومات والخبرات التي بَنى عليها أفكاره وخططه وتعاليمه بكل بساطة ناقصة، ولأنه من المستحيل على بشر أن يكون مُلمَّا بتفاصيل كل البيئات، وكل الظروف، وكل الأحوال، وكل الاحتياجات، وكل الخواطر النفسية والعقلية التي يمر بها البشر.

ثم باستعراض أفكار المفكرين، وأفعال القادة على مرِّ التاريخ، يتبين لنا أنها كانت مناسبة لعصورهم ولبيئاتهم فقط، ثم بعد مماتهم تموت بعدهم أفكارهم وأفعالهم بشكل تدريجي حتى تتلاشى، بل أحيانا قد يظهر نقصانها أو خطؤها في حياته، أما أصول تعاليم الرسل وإرشاداتهم، فهي يُتمِّم بعضها بعضا، واكتملت برسولنا الأمين وبرسالته الكاملة، التي تُسعد الحياة بتنظيم كل شئونها إلى قيام الساعة، حيث لا رسول بعده ولا رسالة بعدها.

فإن أضفنا للقائد أو المفكر- خاصة إذا كان غير مرتبط بقيم ربه وأخلاق دينه – تأثير الأهواء الشيطانية، والمتمثلة في المصالح الشخصية على حساب العامة، وبطانات السوء، وحب التسلط والظهور، ونحو ذلك مما قد يتعرض له بعض القادة والمفكرين، تبين لنا أهمية الحرص الشديد على أن نُبقِي رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم رسولا لله، قبل أن يكون قائدا، أو مفكرا، أو حكيما، أو فيلسوفا، أو عالما.

إذن - أخي الحبيب - إذا أردت مخاطبة غير المسلمين عن رسولنا صلى الله عليه وسلم، فأولا تحدَّث وأكّد على أنه رسول من الله تعالى، فهذا بإذن الله سيكون أقوى ما سيُحرك مَن تدعوه؛ لأنه ينتظره، وينتظر ما يأتي به من نظام وتعاليم بشغف، وذلك لأنه مؤمن بربه وشرعه ورسله بفطرته، وقبل ولادته، ألم يقل الحق تبارك وتعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا)، وجاء في "شرح العقيدة الطحاوية": "لا شك أن الإقرار بالربوبية أمر فطري، والشرك حادث طارىء".

فالله في فطرة كل إنسان، ثم فطرته قد علَّمها ربها، ووضع فيها من صفاتها الحسنة أن تنتظر شرعا يوجهها، ورسولا يكون تطبيقا عمليا تراه أمامها، لتعلم كيف تطبق هذا الشرع، لتسعد به في الداريْن، كما يؤكد ذلك في قوله : (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)، ولكنَّ الإنسان ينسى: (قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا)، فعليك تذكرته برفق، وبما يناسب، وحينما تكون الذكرى نافعة ومثمرة: (فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى).

فإذا ما أوضحت له أن الرسول صلى الله عليه وسلم ينقل عن الله، واقتنع، وسيقتنع - بإذن الله - إذا كان مُنصِفا، وخلَّص عقله من أي مؤثرات؛ لأن العقل أيضا على طبيعته مخلوق يعرف ربه وقدْره، فيمكنك بعد ذلك الحديث معه عن صفاته صلى الله عليه وسلم: كرئيس للدولة، وكيف وضع أسُسا إدارية مبنية على الشورى، والعدل، والمساواة، وحق المواطنة للجميع، والتعاون، والعلاقات الاجتماعية الجيدة، والعلاقات الدولية، ونحو ذلك، وكقائد للجيش، وكيف أدار معاركه الحربية ببراعة أمهر العسكريين، وكخبير اقتصادي، وكيف ارتقى وازدهر باقتصاد دولته، وكمحاور سياسي، عفيف، نظيف، وكيف حقق أعظم المعاهدات والانتصارات السياسية، وكإعلامي بارع، وكيف نشر دعوته، وكزوج، وكأب، وكجد، وكجار، وكصديق، وكتاجر ... إلخ.

ويمكنك - أخي الكريم - مراجعة كتب السيرة في ذلك واستخراج ما تريده منها، ومن هذه الكتب:

- السيرة النبوية، الإمام بن هشام.

- الرحيق المختوم، الشيخ صفي الرحمن المباركفوري.

- فقه السيرة، الشيخ محمد الغزالي.

- فقه السيرة، الدكتور محمد سعيد البوطي.

- السيرة النبوية .. عرض وقائع وتحليل أحداث، الدكتور علي محمد الصلابي.

--------------------------------
منقول

descriptionي ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم - الأسوة والقدوة Emptyرد: ي ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم - الأسوة والقدوة

more_horiz
تــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا بــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع



--------------------------------

ثانيا - عمليا كيف نحب الرسول صلى الله عليه وسلم

لأخت الفاضلة؛
مع وجازة سؤالك، إلا أنّه أكبر من كثيرٍ من الأسئلة التي تكتب في صفحاتٍ عديدة، وأجد أنّ السؤال عن شيءٍ عمليٍّ من أصعب الأسئلة وأطولها، لأنه يصيب كبد الحقيقة، ويوقفنا على أرضٍ صلبةٍ، ويرشدنا إلى واقع العمل بعيدًا عن الكلام الفلسفي الذي ينظر إليه كثيرٌ من الناس من زاوية الإجادة والإحسان، أو الإخفاق والبعد عن إصابة المراد، لا من ناحية العمل والتنفيذ.

وقبل الإجابة عن السؤال أرى أنه يجب تحرير مفهوم حبّ الدنيا أولاً، وحب الدنيا يغلب عليه أنه من الأمور التي ذمّها الشرع، وقد جاءت آيات وأحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذمّ الدنيا.. ومع هذا، فقد أتت أحاديث وآيات تدعو المسلمين إلى تعمير الدنيا، فكيف تُذمُّ ويؤمر بتعميرها؟
وهذا يسوقنا إلى أنَّ حب الدنيا ليس مذمّةً في ذاته، ولكن حب الدنيا المذموم إنّما يعني أن تعمر الدنيا القلوب، بحيث يطغى حبها على كل حب، وتقدم على العمل للآخرة، وهذا ما جاء في قوله تعالى: (بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى)، فمذمَّة الدنيا تأتي من ناحية إيثارها على الآخرة، والعمل للدنيا لذاتها، وذلك أنَّ طبيعة الدنيا في الإسلام أنّها مزرعةٌ للآخرة.

ومعنى الزرع هنا لا يعني الزهد الدائم فيها، بل يعني أنّ كلّ عملٍ يعمله الإنسان في الدنيا من جدّ ولهو، ومن اجتهادٍ ولعب، ومن استمتاعٍ وإنتاج، وغير ذلك من صنوف الأعمال يجب أن يكون لله، وأن يكون ممّا أباح الشرع الحكيم.. فللمرء أن يفرح ويسعد وأن يحزن، وأن يستريح وأن يتعب.. إلخ، لأنّ هذه أنشطةٌ في العمل اليومي للإنسان، بعيدًا عن معتقده، ولم يأت القرآن ليجعل الناس محبوسين في بعض الأعمال دون بعض، بل أباح الشارع للناس أن يفعلوا ما يشاءون إلا ما حرم عليهم، ودائرة التحريم في الشرع محصورة قليلة.

ولعل هذا المثل –من كون التحريم قليل محصور- قاعدةٌ قديمة متأصلة منذ بدء الخليقة، فإن مساحة التحريم الذي حرّمها الله تعالى على آدم –عليه السلام– كانت شجرة، وله أن يأكل مما سواها، وجعل الشرع هذه القاعدة دائمة، فالحرام محصورٌ قليل، والحلال واسع الميدان والمجال.

وحين نريد أن نحوّل العمل الدنيوي إلى عملٍ أخروي، ليس شرطًا أن نترك العمل، بل نحوِّل وجهته، ونغيِّر قصده، ونصحِّح النيَّة فيه، بحيث نبقي على أنشطة الحياة التي نقوم بها، ولكن نصوب الوجهة فيها، فتكون لله رب العالمين، وهذا ما يفهم من قوله تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين).

وأضرب لكِ مثلا: قد تكون لك صديقة معينة، وقد ترين فيها مثلاً للفتاة التي لا همّ لها إلا اللهو واللعب، وترين من الخير تركها.. أليس من الأفضل أن تحوّلي هذه الصداقة إلى صداقة لله؟ وأن تأخذي بيدها إلى طريق الله؟ وتبق علاقتك بها واللقاء والجلسة والتزاور والخروج معها على ألا يكون فيه شيء مخالف لمنهج الله.

وإذا كان الإنسان مثلاً يحب القراءة، وهو يطلع على الغث والسمين، فلا يترك القراءة بالكلية، بل يفكر كيف يحول قراءته إلى أداة فاعلة في حياته، يكتسب منها ما ينفعه، ويجعل أول القراءة قراءة كتاب الله، والكتب النافعة.. سواء أكانت من الدين أم من علوم الدنيا التي تقرب من الله، وتُكسب الإنسان مهارات في حياته، وتطلعه على الدنيا وعلومها، فيزداد يقينه بالله، ويقوى إيمانه بربه، لأن كل ما في الكون شاهد على قدرته، ينطق بصنعته، ويشهد له بربوبيته، ويقر له بوحدانيته.

إن المقياس الحقيقي لمعرفة أنَّ الله تعالى ورسوله أحب إلينا مما سواهما، أن ننظر في قلوبنا، وأن نقيس كل فعل نفعله.. هل هو لله، أم لحظوظ النفس والهوى فيما حرم الله تعالى؟ أو لم تكن النية فيه صادقة لله، فقد يكون العمل صالحا، ولكن لا تكون النية فيه خالصة إذ يكون ابتغاء شهرةٍ أو شهوةٍ، أو طلبًا للجاه والمكانة، أو إشباعًا لرغبة ليس فيها شيءٌ لله.

ومن علامات تقديم الله ورسوله على ما نحب أن ننظر مواطن الطاعة، والصراع الدائم بين الخير والشر، فإن كان الله تعالى ورسوله يأمر بشيء، وأنفسنا تحب شيئًا آخر، فأي الأمرين نقدم.. أمر الله ورسوله، أم أمر أنفسنا وأهوائنا؟
وما أجمل ما قاله الله تعالى في ذلك حين قال: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين).

أما عن البرنامج العملي لاستبدال حب الدنيا بحب الله ورسوله، وجعله هو الأولى والأول، فإن هذا لا يقال فيه برنامج عملي بهذا العموم، بل فيه بعض الضوابط التي أشير إليها سابقا، ولكن يجب أن تنظري –أيتها الأخت الفاضلة– إلى مظاهر حب الدنيا عندك، وأن تكوني عالمةً بها، وأن تحدّديها واحدةً واحدة، وأن تبدئي مع نفسك بأخذها رويدًا من حبّ الشيء الدنيوي، وأن ترتقي بنفسك إلى حب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الشيء المحدد، ثم يكون النظر في النقطة التي تليه.. ومع هذا السير وهذه المجاهدة فإن الإنسان يكتسب مع الوقت أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.

* ويمكنك أن تستعيني بعد الله ببعض الوسائل أهمها:
- الهمة العالية، فإنها الدافع للتغيير إلى الأحسن.
- النية الصادقة، فمن نوى خيرًا وفقه الله تعالى إليه.
- التدرج في التغيير، لأن التسرّع فيه، قد يوهم الإنسان أنه تغير في شيء، وإذا به يجد نفسه قد خطا خطوة، إلا أنه رجع بعدها إلى ما كان عليه أولا.
- القراءة في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، والاطلاع على أحواله، وخاصة في كتاب "زاد المعاد في هدي خير العباد" للإمام ابن القيم، و"سبل الهدى والرشاد" للإمام الصالحي، وغيرهما من الكتب التي تهتم بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من كتب الشمائل وما تهتم بحياته صلى الله عليه وسلم الفعلية.
- الاطلاع على سيرة الصالحين، من الصحابة والتابعين والسلف الصالح، ومن أجود ما كتب في ذلك حديثًا: "صور من حياة الصحابة"، و"صور من حياة التابعين"، و"صور من حياة الصحابيات"، وكلها للدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا، وكذلك "رجال حول الرسول" لخالد محمد خالد، وغير ذلك من الكتب التي تتحدث عن سير الصحابة والصالحين.
- البحث عن إحدى الأخوات اللائي يعرفن بتزكية النفس، وحسن الأخلاق والسلوك، وأن تكون معلمة في هذا، حتى يمكنك السير معها وأن تأخذ بيدك إلى الله.. فإن لم تجدي، فاختاري أختًا صالحة، أو أخوات صالحات من زميلاتك، يعاون بعضكنّ بعضًا في السير إلى الله.
- الدعاء الدائم لله تعالى أن يغير حالنا إلى أحسن حال، فما خاب عبد رجاه، وما أغلق الله تعالى بابا في وجه عبد سعى للعودة إليه.


ونسأل الله تعالى أن يملأ قلوبنا بمحبته، وأن يجعل حبه أحب إلينا من أنفسنا، وأحب إلينا من أولادنا وأزواجنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن كل ما نحب.. اللهم آمين.
--------------------------------------


ثالثا - الرسول قدوتنا .. كيف نحقق ذلك عمليا :

أخي الحبيب، حيَّاك الله وبارك فيك، ونفع الله بنا وبك الإسلام والمسلمين.

ربَّما يكون من محاسن القدر أن يكون الردُّ على سؤالك قريبًا من ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنَّني لأقدِّر أهمية مثل هذا السؤال في مثل هذه الفترة التي تعاني فيها الأمَّة من فقدان التوازن، وغيبة القدوات التي يمكن أن توفر للأجيال النماذج الجديرة بالمحاكاة.

حيث إنَّ من أبرز أسباب ومظاهر أزمتنا الحالية هو عدم توفر من يجعلون حياتهم تطبيقًا عمليًّا للمبادئ التي يتكلَّمون بها، والقيم التي يدعون إليها، فبتنا في أمسِّ الحاجة إلى الرجوع لذلك النبع الصافي، والجيل الأعظم، والقدوة التي ما مرَّ على وجه الأرض لها مثيل، إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

أخي الكريم، إنَّ أهمِّيَّة السؤال الذي طرحته تنبع من أمرين:

الأمرالأول: أنَّنا مأمورون شرعًا أن نتَّبع النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله إذا أردنا الوصول إلى الله تعالى وصولاً سليمًا، فربُّ العباد قد بيَّن للعباد ذلك فقال: (قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)، وقال: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ).

ورسول الله صلى الله عليه وسلم وضَّح ذلك وبيَّنه حينما قال: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلُّوا بعدي أبدًا: كتاب الله وسنَّتي".

الأمر الثاني: هو أنَّ في تاريخ البشر لا يوجد لدينا النموذج الكامل والواقعي، الذي جمع خصال الخير كلَّها، وكان في تطبيقه مناسبًا لطبيعة البشر بحيث يسهل على كلِّ إنسانٍ أن يتَّبع نهجه مثل النبي صلى الله عليه وسلم.

فهو خير من طبَّق منهج الله، ومنهج الله هو المنهج الوحيد الذي لا يوجد فيه إلا كلُّ ما ينفع الإنسان في حياتيه الدنيا والأخرى؛ فالذي أنزله هو خالق الإنسان والعليم به وبما يصلحه وما يفسده، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صورةً حيَّةً لهذا المنهج، صورة جعلت من مبادئه حركةً وحياة، فكان وصف زوجه أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها له يوم سئلت عن خلقه فقالت: "كان خلقه القرآن" رواه مسلم، كان هذا هو أقرب وصف لحاله صلى الله عليه وسلم.

وإنَّنا إذا أردنا أن نتَّخذ النبي صلى الله عليه وسلم قدوةً عمليَّةً لنا فإنَّ أقرب طريق لذلك في ظنِّي هو:

- لا بدَّ لنا أن نكثر القراءة في سنَّته وسيرته صلى الله عليه وسلم، حتى نتعلَّم كيف كانت حياته، وكيف كانت معاملاته، وكيف كان يسير في جوانب حياته كلِّها، وإنَّ من أجمل ما يمكن رؤيته في ذلك أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم هو الإنسان الوحيد على وجه البسيطة الذي كانت حياته كلّها كتابًا مفتوحًا للجميع، فلم يكن في حياته الجانب الخاصّ الذي لا يعرفه الناس، بل إنَّ حياته من أصغر صغيرةٍ وأخصِّ خصيصةٍ فيها كانت معروفةً لأصحابه، بل إنَّها دُوِّنت حتى تقرأها أمَّته من بعده إلى قيام الساعة.. من إدراته شئون دولته حتى دخوله الخلاء لقضاء حاجته، ومن قيادته لجيوشه حتى معاشرته لنسائه، توفر لدينا في كلِّ ذلك رصيدًا ليس بالقليل يعرِّفنا كيف كان تصرُّف النبي في كافة هذه الأمور.

لذلك فإنَّ أوَّل شيءٍ يمكننا فعله هو أن نعرف بمن نقتدي وفيما نقتدي به، وذلك بالقراءة عن النبي وسنَّته.

- الارتباط بروح المنهج والقيم الثابتة فيه ومحاولة تكييف حياتنا بما فيها من تنويعاتٍ مختلفةٍ كي تتواءم وتتماشى مع هذه القيم الثابتة حتى نجعلها حاكمةً لحياتنا.

إنَّ علينا أن نستخرج من خلال قراءتنا لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم روحه في التعامل مع الأمور، فلا تنحصر استفادتنا على الصورة التي نقرؤها عن حياته، فلسنا نقول إنَّ الاقتداء هو أن نركب الجمال ونلبس المرقع، وننام على الحصير، ولكنَّنا مطالبين أن نتعلَّم الدروس من هذه المواقف وما هو مبثوثٌ فيها من قيمٍ عظيمة، نتعلَّم من زهده وتواضعه، نتعلَّم من رحمته بالناس وشفقته عليهم وحبِّه الخير لهم، نتعلَّم من مساعدته لأهله ومشاركته لهم - على قدر انشغالاته - كافة أشكال حياتهم، والتي ربَّما ننظر لها نحن بعين التصغير، نتعلَّم عفوه مع قدرته، نتعلَّم صدقه ووفاءه حتى مع من ظلمه.

يجب أن تكون قراءتنا في حياة نبينا قراءة الباحث عن المنهج الذي يضبط له أموره.

- إذا ما توفر لنا العلم به صلى الله عليه وسلم وبمنهجه، كان علينا أن نبدأ في تربية أنفسنا على اتباع منهجه وتمثُّل حياته، فيمكن حينئذ أن نجعل لنا "ورد الاقتداء"، وهو أن نبدأ في تطبيق ما نتعلَّمه عنه صلى الله عليه وسلم بشكلٍ تدريجيٍّ ومحاسبة أنفسنا على ذلك، وأن نجعل لنا تقييمًا ذاتيًّا بشكلٍ مستمرّ، وفي كلِّ أفعالنا نسأل أنفسنا.. لو كان رسول الله في مثل هذا الموقف، ما الذي كان سيفعله؟

ولا يكون اقتداؤنا بالنبي صلى الله عليه وسلم في جانبٍ دون آخر، فلا نقتدي به في صلاته ثمَّ إذا جئنا لأخلاقه تراجعنا القهقرى، أو تكون تعاملاتنا خلاف منهجه، فالله سبحانه أمرنا باتباعه على كلِّ الأحوال فقال: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا)، وذلك في كلِّ شيء.

- إنَّ من فضل الله علينا أنَّ اتباع النبي صلى الله عليه وسلم - على ما فيه من فائدةٍ لنا في حياتنا - فإنَّ له فوق ذلك فضلا وأجرا من الله عزَّ وجل، فمن المفيد لنا في إطار تربية أنفسنا على الاقتداء أن نذكِّر أنفسنا دائمًا بفضل ما نقوم به، فتقبل عليه نفوسنا.

- إنَّ من تمام الاقتداء - وذلك ممَّا ربَّى النبي صلى الله عليه وسلم عليه أصحابه - ألا نغرق في همومنا الفرديَّة أو مشاكلنا المجتمعيَّة، وننسى العالم من حولنا، فإنَّ الله أنزل هذا الدين نورًا للبشرية جمعاء، وجعل أبناء هذه الأمَّة هم الأمناء على تبليغ هذه الرسالة، إذ لا نبيَّ بعد النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم.

وانظر إلى من كانوا في الخندق يعانون الخوف من العدوِّ الذي أحاطهم من فوقهم ومن أسفل منهم، ولا يأمن أحدهم على بولته، فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يخرج بهم عن حدود المحنة التي يعانونها، والخوف الذي يعايشونه، ويلفت أنظارهم إلى ما هو أوسع وأرحب من حدودهم، ويبشِّرهم بفتح البلدان والممالك من حولهم، بل إن الأكبر من ذلك هؤلاء الذين كانوا بمكة يخفون دينهم، ويتوارون بشعائرهم خوفا من اطلاع المشركين عليهم، وينزل القرآن يحدثهم عن أخبار الممالك العظمى ويقول: (غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ).

- كذلك فإنَّنا نحتاج إلى من يربطون لنا الاتباع والاقتداء بالمبادئ النبويَّة، بما نعايشه في واقعنا ومستجدَّات حياتنا، حتى لا نعيش زماننا بعقول القرون السابقة ونُرمى بالتخلُّف والتأخُّر، ومن فضل الله على الأمَّة ما ذكره لنا النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله يبعث لهذه الأمَّة على رأس كلِّ مائة سنةٍ من يجدِّد لها دينها" رواه أبو داودبسند صحيح؛ لذلك علينا أن نسعى دائمًا إلى متابعة هؤلاء المخلصين من الدعاة والمصلحين الذين يعيدون لنا الصورة النقيَّة لأهل هذا الدين، وهم وإن كانوا قليلا فإنَّ فيهم الخير الذي يمكننا معه أن نستفيد منهم، وهم على قلَّتهم موجودون بفضل الله في كثيرٍ من أقطار الأمَّة بحيث لا يعدمهم من بحث عنهم.

- يفيدنا في أن نصل إلى الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم أن تكون لنا الصحبة المعينة التي تذكِّرنا وتنصحنا وترابط معنا على محاولة الحياة وفق المنهج، والتي تقوِّمنا إذا زلَّت منَّا القدم، وترشدنا إذا تاه عنَّا الطريق، أو احتوشتنا الشياطين لتبعدنا عن الجادة.

أخي الحبيب، إنَّ الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم يتطلَّب منَّا:

- حبًّا لصاحب المنهج.

- ومعرفةً بمنهجه الذي نريد الاقتداء به فيه.

- ووعيًا بالقيم العظيمة التي نستلهمها من حياته.

- والتدرُّج بالنفس شيئًا فشيئًا على أن تكون صبغتها الدائمة هي الحياة على المنهج النبوي.

- وأن نسترشد بمن اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم من المصلحين والدعاة.

- ومحاولة التزام الصحبة الصالحة التي تعين على الثبات على هذا النهج.

- وأن نكثر دومًا من الصلاة والسلام على النبي الخاتم صلى الله وسلم وبارك عليه.

ولا أزعم أنِّي قد وفيت، فالأمر أكبر من أن أحيطه في هذه الكلمات، ولكن يكفينا أنَّها نقاطٌ على الطريق أسأل الله أن ينفع الكاتب والقارئ بها.

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتَّبعين لأمره، المتابعين لنبيِّه، الثابتين على نهجه حتى لقائه.

descriptionي ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم - الأسوة والقدوة Emptyرد: ي ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم - الأسوة والقدوة

more_horiz
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكرك على الموضوع القيم
نتمنى المزيد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

descriptionي ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم - الأسوة والقدوة Emptyرد: ي ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم - الأسوة والقدوة

more_horiz
تسلم يا فتى الاسلام على مرورك الطيب
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد