هل فعل الكبائر يمنع قبول التوبة والطاعات؟
أنا مسلمة ، ولكن تملَّكني الشيطان فترة ، وارتكبت الكبائر ،
ولكني الآن نادمة ، ولجأت إلى الله ، وتبت إليه ، ولكن سمعت
أنه لا ينفع لي صوم ولا صلاة لأني فعلت أكبر الكبائر ،
فهل هذا صحيح ؟ وهل فعلاً أن الله لن يقبل توبتي ؟
الحمد لله
نحمد الله تعالى أن وفقكِ للتوبة ، ونسأله عز وجل أن يثبتكِ على
دينه ، وأن يحسن عاقبتكِ ، واعلمي أنك في نعمة عظيمة تحتاج
إلى شكر الله تعالى ، فكم من عاصٍ مات ولم يتب ، وكم من ضال
هلك قبل أن يرجع إلى ربه ، ولا شك أن توفيق الله لك للتوبة أمر
عظيم في حياتك فينبغي أن يكون هذا الوقت وقت انطلاق في
الطاعة ، وبذل لمزيد من الجهد في العبادة .
واعلمي أن ما سمعتيه من عدم قبول التوبة والصلاة والصيام
لمن عمل الكبائر قول منكر ، وهو قول على الله بغير علم ،
فقد دلت الأدلة الكثيرة من كتاب الله وسنة
رسوله صلى الله عليه وسلم على أن الله تعالى يقبل من عبده
التوبة من جميع الذنوب مهما عظمت ، وأنه لا يجوز لأحدٍ أن
يحول بين العبد وبين التوبة مهما بلغت ذنوبه كثرة وقبحاً .
قال تعالى :
( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )
الزمر/53 .
وقال عز وجل – في بيان مغفرته لأعظم الذنوب - :
( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ
اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً *
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً *
إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ
حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً )
الفرقان/68– 70 .
وهي واضحة الدلالة على مغفرة الله تعالى للذنوب جميعاً –
ولو كانت شركاً – بل إن فيها بياناً لفضل عظيم وهو تبديل
السيئات حسنات .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والله سبحانه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لمن تاب بل يغفر
الشرك وغيره للتائبين كما قال تعالى :
( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ،
وهذه الآية عامَّة مطلقة لأنَّها للتائبين " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (2/358) .
وروى البخاري ومسلم (2766) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
رضي الله عنه أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ،
فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ ، فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ ، فَأَتَاهُ ،
فَقَالَ : إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ :
لا . فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ ،
فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ ، فَقَالَ : إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ
تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ ، انْطَلِقْ
إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ ،
وَلا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ ، فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ
الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلائِكَةُ
الْعَذَابِ ، فَقَالَتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ : جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ ،
وَقَالَتْ مَلائِكَةُ الْعَذَابِ : إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي
صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ (يعني حكماً) فَقَالَ : قِيسُوا مَا بَيْنَ
الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ ، فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى
إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ ، فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ .
وروى الترمذي (3540) عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :
( يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ
فِيكَ وَلا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ
اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلا أُبَالِي )
صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وروى ابن ماجه (4250) عَنْ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ ) .
حسنه الألباني في صحي ابن ماجه .
فهذه الآيات والأحاديث تدل على أن الله تعالى يغفر جميع
الذنوب مهما عظمت وكثرت لمن تاب إليه .
فاحرصي على العبادة والطاعة ، واندمي على ما فات من تفريط
ومعاص ، واعلمي أن الله تعالى غني عن عباده ومع ذلك يفرح
بتوبتهم ، بل ويبدل سيئاتهم حسنات .
ونسأل الله تعالى أن يعينكِ على ذِكره وشكره وحسن عبادته .
والله أعلم .
أنا مسلمة ، ولكن تملَّكني الشيطان فترة ، وارتكبت الكبائر ،
ولكني الآن نادمة ، ولجأت إلى الله ، وتبت إليه ، ولكن سمعت
أنه لا ينفع لي صوم ولا صلاة لأني فعلت أكبر الكبائر ،
فهل هذا صحيح ؟ وهل فعلاً أن الله لن يقبل توبتي ؟
الحمد لله
نحمد الله تعالى أن وفقكِ للتوبة ، ونسأله عز وجل أن يثبتكِ على
دينه ، وأن يحسن عاقبتكِ ، واعلمي أنك في نعمة عظيمة تحتاج
إلى شكر الله تعالى ، فكم من عاصٍ مات ولم يتب ، وكم من ضال
هلك قبل أن يرجع إلى ربه ، ولا شك أن توفيق الله لك للتوبة أمر
عظيم في حياتك فينبغي أن يكون هذا الوقت وقت انطلاق في
الطاعة ، وبذل لمزيد من الجهد في العبادة .
واعلمي أن ما سمعتيه من عدم قبول التوبة والصلاة والصيام
لمن عمل الكبائر قول منكر ، وهو قول على الله بغير علم ،
فقد دلت الأدلة الكثيرة من كتاب الله وسنة
رسوله صلى الله عليه وسلم على أن الله تعالى يقبل من عبده
التوبة من جميع الذنوب مهما عظمت ، وأنه لا يجوز لأحدٍ أن
يحول بين العبد وبين التوبة مهما بلغت ذنوبه كثرة وقبحاً .
قال تعالى :
( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )
الزمر/53 .
وقال عز وجل – في بيان مغفرته لأعظم الذنوب - :
( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ
اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً *
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً *
إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ
حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً )
الفرقان/68– 70 .
وهي واضحة الدلالة على مغفرة الله تعالى للذنوب جميعاً –
ولو كانت شركاً – بل إن فيها بياناً لفضل عظيم وهو تبديل
السيئات حسنات .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والله سبحانه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لمن تاب بل يغفر
الشرك وغيره للتائبين كما قال تعالى :
( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ،
وهذه الآية عامَّة مطلقة لأنَّها للتائبين " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (2/358) .
وروى البخاري ومسلم (2766) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
رضي الله عنه أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ،
فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ ، فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ ، فَأَتَاهُ ،
فَقَالَ : إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ :
لا . فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ ،
فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ ، فَقَالَ : إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ
تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ ، انْطَلِقْ
إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ ،
وَلا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ ، فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ
الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلائِكَةُ
الْعَذَابِ ، فَقَالَتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ : جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ ،
وَقَالَتْ مَلائِكَةُ الْعَذَابِ : إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي
صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ (يعني حكماً) فَقَالَ : قِيسُوا مَا بَيْنَ
الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ ، فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى
إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ ، فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ .
وروى الترمذي (3540) عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :
( يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ
فِيكَ وَلا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ
اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلا أُبَالِي )
صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وروى ابن ماجه (4250) عَنْ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ ) .
حسنه الألباني في صحي ابن ماجه .
فهذه الآيات والأحاديث تدل على أن الله تعالى يغفر جميع
الذنوب مهما عظمت وكثرت لمن تاب إليه .
فاحرصي على العبادة والطاعة ، واندمي على ما فات من تفريط
ومعاص ، واعلمي أن الله تعالى غني عن عباده ومع ذلك يفرح
بتوبتهم ، بل ويبدل سيئاتهم حسنات .
ونسأل الله تعالى أن يعينكِ على ذِكره وشكره وحسن عبادته .
والله أعلم .