.
أخي الفاضل عبدالرزاق..
ثمة شعرية ماثلة للعيان في هذا النص تثبت أنك تمتلك خيالاً خصباً نلاحظه في وفرة الصور الجميلة التي لا تخطئها ذائقة المتلقي ولا بصيرة الناقد!
وفي المقابل.. ثمة هِناتٌ لغويةٌ جليَّة مثل قولك:
أضحى رماد، والصواب: أضحى رماداً
وقولك: فردوس الوجنتان، والصواب: الوجنتين
وقولك: من أراق الشهد من شفتيها جحود، والصواب: جحوداً
فضلاً عن العبارة (وكسر في معصميها قيد الغرام) .. والتي بدت نشازاً حين خرجت عن السياق الدلالي للنص.. فتكسير القيود ليس عملاً تخريبياً مثل اضرام النار في كرنفال الزهر، أو اغتيال قداسة البنفسج!.. وغالباً ما يرتبط تكسير القيود في مخيلة المتلقي بالخلاص والانعتاق، فالفاعل هنا يعتبر منقذاً وليس مجرماً!
كما لاحظت أنك هنا لا تكترث بالوزن الذي يمثل السمة الأبرز التي تميز الشعر عن بقية الأجناس الأدبية، فالشعر الحر ارتبط بــ (التفعيلة) كوحدة موسيقية من شأنها ملء الفراغ الإيقاعي الناجم عن استبعاد البحر والقافية..
ذلك أن رواد القصيدة العربية الحديثة كـ (السياب، ونازك، والبياتي، ودنقل، وحجازي) ابتكروا قالباً موسيقياً جديداً لا يلتزم البحر والقافية لكنه يلتزم الوزن على أساس تكرار التفعيلة بزيادة أو نقصان عن عدد مرات ورودها في البيت الشعري التقليدي الذي يتكون عادةً من شطرين وعددٍ محددٍ من التفعيلات.
وختاماً.. ليتك تغادر سجنك الاختياري (الجسد) لتحلق في فضاء (الروح).. حيث أسراب النوارس تتنفس شعراً، وعلى مقربة منها ينبجس نبع الـطُّـهْـرِ الأزلي الذي لا ينضب!
أما (الجسد) فقد استنفد طاقته الشعرية منذ (أبي نواس).. ولم تعد الفحولة العربية المناضلة بحاجة إلى نتاج شعري يخلق وعياً مستجداً بالجسد، بعد أن غرق الجميع في بحيرة الشبق المريعة، تتقاذفهم أمواجها على غير هدى ولا بصيرة!
آمل أن أكون قد أفدتك وأفدت القراء.. وهاكَ غزير مودتي.