هنا أيها العاقل يتسع فى وصف العقل مجال الواصفين، فحدث بما تعرف و اشرح صدور السامعين. العقل أحسن نعم اللّه عليك، فخير أعمالك أن تتحدّث بما يسدى اليك. العقل يهديك و يشرح صدرك، و يأخذ بيدك فى الدارين فيسدّدك . منه لذتك و ألمك، و ربحك و خسارتك.

و اذا حرم العقل النور حرم العاقل كل سرور. كذلك قال الكيس العاقل الذى يتزوّد من نصائحه العالم:« من لم يجعل العقل إمامه، كانت أعماله له آلامه. و هو مجنون عند العقلاء، و غريب بين الأقرباء». بالعقل تسعد كل حين، و من حرم العقل فهو فى الإسار رهين. العقل عين الروح حين‏ تنظر، فكيف بدونه تورد فى الحياة و تصدر؟ العقل فاعلم أوّل الخلق، و هو المهيمن على الروح بالحق فاحمد العقل بلسانك و أذنك و عينيك، فهو سبل الخير و الشر اليك. من ذا الذى يوفى الروح و العقل الثناء؟ و ان أنا أثنيت فمن يستطيع الإصغاء؟ ما جدوى الكلام و لا انسان أيها الحكيم؟ أقصر و خبرنا كيف كان الخلق القديم: أنت صنع خالق العالم، و تعرف ما خفى و ما علن.

اجعل العقل مشيرك على الدهور، و تجنب به سفاسف الأمور. و تتبع فى كل مكان أقوال العلماء، ثم طوّف الآفاق و بثها للخاصة و الدهماء. و اذا سقط اليك حديث من العرفان، فلا تنم عنه ساعة من الزمان. و اذا أبصرت« فرعا» من البيان، فاعلم أن« جذر» المعرفة لا يناله انسان. [ فوزي سالم ابوبكر]