الظافر عامر بن عبدالوهاب ( 894هـ - 923هـ / 1489م - 1517م )


هو آخر سلاطين آل طاهر، وأشدهم بأساً، وأطولهم في الحكم مدة. وقد نجح في إعادة كيان الدولة العامرية وتوطيد مُلكها من جديد بعد أن تمزقت بعد احتلال صنعاء من قبل محمد بن الناصر. ولعامر عبد الوهاب مواقف مشهورة ضد ثورات القبائل كالمعازبة (الزرانيق)، وضد قوات الإمام السراجي في ذمار، وضد قوات الغورية التي وصلت من مصر –وتعرف باسم الشراكسة – التي بدأت تتدفق على السواحل اليمنية من عام 919هـ، والتي استمر عامر بن عبد الوهاب في منازلتها ومناضلتها والوقوف ضدها بكل بسالة وعزم وحزم حتى استشهد في معركة أدارها مع أعدائة في قاع صنعاء، وبقتله تمزقت الدولة الطاهرية وتفرق من بقى من آل طاهر في عدة بقاع في اليمن.
هذا وقد كان أول حملة قام بها عامر عبد الوهاب بعد وفاة والده في الحملة التي قام بها ضد أبناء عمه: عبد الله، ومحمد، وعمر، وقد نهض إليهم من تعز في عشرين ألف مقاتل، بعد أن بلغه استيلاؤهم على مقره (بجبن)، وانتهاب خزائنه وإخراب بعض القصور فيها، فحاصرهم حصاراً شديداً حتى أذعنوا لحكمه بواسطة بعض المشايخ، ثم تبع بعد ذلك قيام أبناء عمه الآخرين وهم: عبد الوهاب بن عامر، وعبد الباقي بن محمد عام (895هـ) سيطروا فيها على الرباعيتين من ناحية(جبن)؛ فكان النصر حليف قوات عامر بعد قتال شديد، ثم توجه بعد ذلك إلى ذمار؛ حيث تمرد أهلها بتأثير محمد بن على الوشلي السراجي الذي كان قد أرشدهم ببناء سور عظيم على المدينة، تمهيداً لتمركزه فيها عندما يدعى الإمامة.
وفي عام (896هـ)حدثت ثورة المعازبة –الزرانيق –بتهامة فتوجه إليهم فقتل منهم جماعة، وأسر آخرين وأحرق قراهم بعد حرب شديدة ضروس، ثم عاد إليهم عام (899هـ)لقيامهم بثورة ثانية ضده، وفي هذه الحالة قضى على تمردهم قضاء مبرماً وعاد بعد ذلك إلى تعز.
وما كان عامر عبد الوهاب ينتهي من إقرار السلام والأحوال في المقاطعات الجنوبية من اليمن حتى تحرك نحو صنعاء بصفتها العاصمة والقلعة المنيعة والتي لا يتم له حكم المقاطعات الشمالية إلا بالاستيلاء عليها، وكانت تحت حكم الإمام السراجي والأمير محمد بن حسين الحمزي. وقد وصلها في شهر المحرم عام (908هـ)،ونصب مخيماته في آكام الزبيب –جنوب صنعاء – وحصلت مناوشات بين قواته بقيادة الأمير محمود على البعداني وبين قوات الو شلي بقيادة الحمزي أسفرت عن هزيمة البعداني.
ثم عاد عامر إلى (المقرانة) حيث أخذ في إعداد جيش كبير قدره المؤرخون بمئة ألف وسبعين ألف رامي، واتجه نحو صنعاء في شهر صفر عام (910)حيث أقام مخيماً في (حدين)، وأخذ في محاصرة صنعاء ما يقرب من ستة شهور، كما رماها بالمنجنيقات حتى ضاق الحال بأهلها وانقطع عنهم القوت وخرجوا مستسلمين وفي مقدمتهم اثنان من أولاد الناصر، و عبدالله بن المطهر بن سلميان، ومحمد بن عيسى شارب، الذي خرج حاملاً للمصحف على رأسه والكفن على عنقه.
أما الإمام الو شلي لما علم بقدوم السلطان عامر وكان خارج صنعاء، أقبل محاولاً التسلل إليها فتصدت له قوات عامر، وقادته أسيراً إلى السلطان عامر مع أصحابه، وقد أودع في سجن صنعاء، ومات بها في نفس العام.
وفي 7شوال من نفس العام دخل السلطان عامر صنعاء، وبسط نفوذه حتى شمل اليمن بأسرها، وتم له تنفيذ مآربه من إقرار الأمن والسلام في ربوع اليمن وتثبيت السلطان والحكم بواسطة عامله الأمير البعداني.
وقد أشار بعض المؤرخين منهم عبد الرحمن بن على الدبيع الزبيدي في تاريخه المسمى (الفضل المزيد في أخبار زبيد)وأثنى على سيرة السلطان عامر عبد الوهاب بقوله: كان السلطان عامر عبد الوهاب الملك الظافر على جانب عظيم من الدين والتقوى نشأ في طاعة الله لم يُعلم له صبوة وكان ملازماً للتلاوة والأذكار، كثير الصدقات له مآثر عظيمة من مساجد، ومدارس، وخيرات، وله مشاهد في الحروب معدودة ضد الغزاة (الشراكسة)-الجر اكسه- ويعتقد الدبيع أن أسباب نكسته هو تعرضه للأوقاف وإضافة نصف حاصلاتها إلى ميزانية الديوان الخاص به عام (908هـ).
وفي عام (921هـ)حدث بينه وبين الإسكندر بن محمد والكردي أحد مبعوثي دولة الشراكسة التي كان مقرها مصر والشام- مناوشات انتصر فيها الإسكندر، واحتل مناطق اليمن الجنوبية مع الغزاة الشراكسة حتى وصلت المعركة أبواب صنعاء؛ حيث دارت المعركة الأخيرة والمشهورة بمعركة الصافية والتي قتل فيها عبد الملك بن عبد الوهاب بعد جهاد مرير، وثبت ثباتاً عظيماً ووقف الأمير على محمد البعداني في المعركة وقُتل من جنود الشراكسة عدد كبير.
( المصدر : هذه هي اليمن ، الثور ).