بكيت يوماً من كثرة ذنوبي , وقلّة حسناتي فانحدرت دمعتي من عيني
وقالت : ما بك ؟ قلت : وما الذي أخرجك ؟
قالت : حرارة قلبك … قلت : حرارة قلبي وما الذي أشعل قلبي ناراً ؟
قالت : الذنوب والمعاصي .. قلت : وهل يؤثر الذنب في حرارة القلب ؟
قالت : نعم … ألم تقرأ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم دائماً

" اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد "
فكلما أذنب العبد اشتعل القلب ناراً ولا يطفئ النار إلا الماء والثلج .
قلت : صدقت … فإني أشعر بالقلق والضيق وأظنها من حرقة القلب بكثرة المعاصي
قالت : نعم … فإن للمعصية شؤماً على صاحبها فتوب إلى الله …
قلت : إنني أجد قسوة في قلبي فكيف خرجت منه ؟
قالت : إنه داعي الفطرة .
وإن الناس اليوم تحجرت قلوبهم فلم تكد ترى قلباً نقيّاً دائم الاتصال بالله إلا فيما ندر.
قلت : وما السبب يا دمعتي ؟
قالت : حبّ الدنيا والتعلّق بها فالناس كلهم منكبّون عليها إلا من رحم ربي ..
ومثل الدنيا كالحيّة تعجبك نعومتها وتقتلك بسمّها
والناس يتمتعون بنعومتها ولا ينظرون إلى السمّ القاتل فيها .
قلت : وماذا تقصدين بالسمّ ؟
قالت : الذنوب والمعاصي .. فإن الذنوب سموم القلوب فلا بد من إخراجها وإلا مات القلب .
قلت : وكيف نطهّر قلوبنا من السّموم ؟
قالت : قال تعالى :
" والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله "
يا من يـرى مدّ البعوضِ جناحها
في ظُلمة الّليلِ البهيـمِ الأليَـلِ
ويرى مناطَ عروقها في نحـرها
والمخَّ من تلك العظـامِ النُّحّـلِ
ويرى خريـرَ الـدّمِّ في أوداجها
متنقّـلاً من مفصلٍ في مفصـلِ
ويرى وصولَ غِذى الجنينِ ببطنها
في ظلمة الأحشاء بغير تمقُّـلِ
ويرى مكـانَ الوطءِ من أقدامها
في سيرها وحثيثها المستعجـلِ
ويرى ويسمعُ حسَّ ما هوَ دونها
في قاع بحـرٍ مظلـمٍ متهـوّلِ
أمنُن عليَّ بتوبةٍ تمحـوا بها
ما كان منّي في الزّمـانِ الأوّل
أسأل الله أن يعفو عن الجميع……