بسم الله الرحمن الرحيم
تولّت شجرة الدرّ أم خليل السلطنة بمصر يوم الخميس ثاني صفر سنة 648 هـ ، وألبسوها خلعة السلطنة، وقبّل الأمراء لها الأرض من وراء حجاب، وكانت تركيّة الجنس، وقيل بل أرمنية، اشتراها الملك الصالح نجم الدين أيوب، وولدت منه ابناً اسمه خليل؛ مات وهو صغير .

ولمّا تمّ أمرها في السلطنة، كانت الخطباء تخطب باسمها على منابر مصر وأعمالها، وتقول بعد الدعاء للخليفة : " احفظ اللهم الجهة الصالحيّة، ملكة المسلمين، عصمة الدنيا والدين، ذات الحجاب الجليل، والستر الجميل، والدة المرحوم خليل " .

قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام : " لمّا تولّت شجرة الدرّ على الديار المصرية، عملتُ في ذلك مقامة، وذكرتُ فيها، بماذا ابتلى الله به المسلمين بولاية امرأة عليهم " . ( بدائع الزهور في وقائع الدهور 1 / 286 ) .

وقال المقريزي في " السلوك في معرفة دول الملوك " ( 1/ 2/ 368 ) : ووصل الخبر إلى بغداد، فبعث الخليفة المستعصم بالله من بغداد كتاباً إلى مصر، وهو يُنكِر على الأمراء ويقولُ لهم : " إن كانت الرجال قد عدِمَت عندكم، فأعلمونا حتى نسيِّر إليكم رجلاً " .

وقال شمس الدين الجزري : وأرسل إليهم الخليفة المستعصم بالله يقولُ : " أعلمونا إن كان ما بقي عندكم في مصر من الرجال مَن يصلح للسلطنة، فنحن نرسل إليكم من يصلح لها ! أما سمعتم في الحديث عن رسول الله : " لا يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة " " . وأنكر عليهم بسبب ذلك غاية الإنكار ... فلمّا بلغ شجرة الدرّ ذلك، جمعت الأمراء والقضاة وخلعت نفسها من السلطنة برضاها، فكانت مدَّة سلطنتها بمصر ثلاثة أشهر إلاّ أيّاماً . ( بدائع الزهور في وقائع الدهور 1/ 287 ) .