كيف أتعامل مع ابني المراهق... وأقوِّم من سلوكه؟ Besm44dx2sz0

رساله الى الاباء والامهات

سوال وجواب على كيفيه معامله الابناء في سنين المراهقه


الســؤال

لدي ابن مراهق عمره 16 سنة، ويظهر منه بشكل واضح تعمد المماطلة في تنفيذ ما أطلب منه في أمور المنزل، كما أنه يعامل إخوته بنوع من العنف والقسوة، وكذلك يهمل أمور الصلاة.

سعيت إلى إشغال وقته بإلحاقه بنادٍ رياضيٍ لكي أشغل وقته وأمتص طاقته في المفيد وأواصل عملية متابعة تعامله مع إخوته وأستمر في تهديده لكي يتعامل معهم بلطف مع حرصي وإلحاحي عليه بأمره بالصلاة، فهل ما أقوم به كافٍ وماذا عليّ أن أفعل أكثر وكيف؟


الجـــواب

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:



بخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – من أن لديك ولدا مراهقا عمره ستة عشر عاما تظهر منه تصرفات غير طيبة.. فإني أحب أن أقول لك بأن ستة عشر عاما ليس مراهقًا وإنما هو رجل، لأن المراهقة في عُرف علماء التربية من المسلمين هي التي تسبق مرحلة البلوغ، أما إذا وصل الإنسان إلى مرحلة البلوغ وأنت تعرف أن علامات البلوغ تكون بواحدة من ثلاث: إما بنبت شعر العانة أو بالاحتلام أو بلوغ خمسة عشر عاما، فولدك الآن رجل شرعًا، بمعنى أن كل تصرفاته التي يتصرفها سيسأل عنها بين يدي الله تعالى يوم القيامة، والله - تبارك وتعالى – جعل الرجولة تبدأ من هذه المرحلة، من مرحلة البلوغ، ولذلك فيها التكليف الكامل، وكثير من أصحاب النبي - عليه الصلاة والسلام – كانوا في مثل سن ولدك وحققوا إنجازات يعجز التاريخ أن يجود بمثلها، لماذا؟ لأن هذه المرحلة إذا أحسنت التربية قبلها فإنها قطعًا ستؤدي ثمارًا رائعة من مرحلة البلوغ فصاعدًا إلى مرحلة الرجولة، بل إن بمقدور ولدك الآن أن يتزوج وأن تكون له ذرية، لماذا؟ لأنه صار الآن رجلاً كامل الرجولة.

إلا أنه قد تفوته بعض الأمور العقلية نتيجة قلة الخبرة الاجتماعية فتحدث بينه وبين أقرانه أو البيئة التي يعيش فيها بعض الصدامات كما يحدث الآن في داخل الأسرة، وهذا يدل على أنه في حاجة إلى مزيد من المهارات الاجتماعية، والمهارات الاجتماعية عبارة عن أشياء تُكتسب بالسلوك والمعاملة، ولذلك أنصحك باصطحاب ولدك معك ولو على سبيل التعليم لمدة يوم أو يومين أسبوعيًا، يعني هو الآن في نادي رياضي، أنا واثق بأن النادي سيحدث له نقلة نوعية في تصرفاته أيضًا؛ لأنه من خلال النادي سوف يتعامل مع شباب مثله وقطعًا يستحيل أن يكونوا جميعًا أصغر منه أو أن يكونوا جميعًا أكبر منه، وإنما فيهم من هو في مثل سنه، وفيهم من هو أصغر، وفيهم من هو أكبر، وفيهم من هو مستقيم، وفيهم من هو منحرف، وفيهم من هو محافظ على الطاعة، فيهم تركيبة مختلفة عن تركيبة الأسرة، من خلال هذه المعاملات الواسعة قطعًا سيكتسب بعض السلوكيات الاجتماعية المفيدة والهادفة.

وقد يكتسب أيضًا بعض سلوكيات أخرى وإن كان هذا في الغالب قليلا، نظرًا لأن التعامل يكون حول النشاط الرياضي ولا يحدث هناك نوع من التعلق الشديد، إلا ببعض الأفراد، أما المجموعة كلها فيصعب أن يتعلق الإنسان بعدد كبير دفعة واحدة، ولذلك أعتبر أن خطوة النادي خطوة موفقة، ولكن أريدك أن تضيف إليها – بارك الله فيك – مسألة المصاحبة، ومعنى المصاحبة أنه إذا كان عندك مناسبة من المناسبات كعرس أو مثلاً عزاء أو جارك مريض أن تأخذه معك، إذا كان أيضًا لك أي عمل مسائي خذه معك أيضًا فيه، وحاول أن تجعله يتعامل مع الناس أمامك، لأنه عندما يتعامل مع الناس أمامك إذا كان هناك من صواب سوف تثني عليه وإذا كان هناك من أخطاء فقطعًا سوف تذكره بها، وفي أثناء هذه الرحلة الخلوية الخاصة به أنت قد توجه له بعض التوجيهات الخفيفة، ولا تجعل كلامك كله حول سلوكه مع إخوانه في البيت، لأنه سوف يكره الخروج معك لأنه سيعتبر أنه حصة ثقيلة الدم، ولذلك سيعتذر لك قطعًا عن الخروج معك بأي عذر من الأعذار الواهية حتى لا يخرج معك، لأنه يعلم أنك ستحولها إلى درس خصوصي.

ولكن اجعل الأمور على طبيعتها، وأنصح في الأول ألا تتكلم معه في موضوع سلوكه مع إخوانه، وإنما تكلم معه وأشعره بأنه رجل، وأعطه قدرا من المسئولية ووسع له دائرة المسئولية تحت إشرافك ومراقبتك، وإذا وجدته يتعامل مع إنسان بعنف خارج البيت فتكلم معه، قل له: (إن هذا الأسلوب تكرهه الناس يا ولدي، أنا أريدك أن تكون محبوبًا، وهذا الأسلوب يجعلك منبوذًا لدى الناس).

أيضًا مسألة المحافظة على الصلاة والعبادة هذه فترة سنية، يعني معنى ذلك أن هذه في الغالب صفة لكثير من الشباب الذين لم يتم الاهتمام بهم مائة بالمائة في مرحلة المراهقة، فقد نكون نحن أحيانًا قد نتعاطف مع الأولاد، الجو بارد مثلاً أحيانًا أو هو يذاكر دروسه، وقد يكون عندنا بعض المرونة في التعامل مما يترتب عليه أنه عندما يكبر المرونة هذه تتسع دائرتها وتتوسع في حياته، ولذلك أنا أقول: الأمر - بإذن الله تعالى – بسيط، وخروجه معك إضافة إلى وجوده في النادي سوف ينفعه كثيرًا، وموضوع تعامله بالمماطلة فأنت تحرص على أن تعطيه تعليمات مباشرة، ولا تعطيه تعليمات غير مباشرة، يعني افعل كذا، بشرط إذا لم يفعل تسأله وتحاسبه، ولا تحاسبه وحده وإنما تحاسب أي ابن من أبنائك يهمل في شيء معين، ولكن أتمنى أن تعطي أوامر محددة واضحة، لأن الأوامر عندما لا تكون واضحة يترتب عليها هذه المماطلة، أما عندما تعطيه أمرا معينا، مثلاً: الآن دخل وقت العصر: اترك الذي في يدك واخرج الآن إلى الصلاة، هذا ما فيه خلاف، وبعد ذلك أنت عندما تذهب تأتي لتعاتبه، وتقول له: أنا طلبت منك هذا الكلام، هذه آخر مرة، وتشعره بالاهتمام بهذه المسائل، ثم بعد ذلك إذا أردت أن تذهب للصلاة خذه بيدك وقل له لن أتركك: هيا بنا، ويخرج معك - بإذن الله تعالى – وبهذه الكيفية سوف تعينه على أن يكون منضبطًا.

أيضًا تعامل معه بانضباط أيضًا، يعني لو طلب منك طلبًا وضح له حقيقة الأمر، إما أن تعطي أو لا تعطي؛ لأن بعض الآباء يقول (إن شاء الله، إنْ شاء الله، إنْ شاء الله)، حتى إن الولد يكره كلمة إنْ شاء الله، وكلمة إنْ شاء الله عند العرب يفهمها - حتى عند غير المسلمين - بأنها عدم التنفيذ، فأصبحت كلمة رغم أنها رائعة إلا أننا شوهناها نتيجة المماطلة وعدم الالتزام بها، ولذلك حتى مع أولادي أنا عندما يطلب مني ولد طلبا معينا أقول أفعل أو لا أفعل، إذا كان بمقدوري أقول له - إن شاء الله تعالى سوف أحضر لك الليلة، وأجتهد أن ألتزم بكلامي، أما إذا لم يكن بمقدوري أقول أنا الآن أو اليوم لن أستطيع وإنما إنْ شاء الله أعدك في المستقبل أن أفعل، حتى يعرف الولد الفرق ما بين الالتزام بالكلام والفرق ما بين تأخير الكلام.

هناك شيء مهم جدًّا وهو الدعاء له، لأنك تعلم أن دعاء الوالد لولده لا يرد، فإذن عليك بالدعاء له بالصلاح وبالاستقامة، وكذلك أمه أيضًا، فإن دعاء الوالدين مستجاب، كما أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام – بقوله: (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهنَّ) منها (دعوة الوالد لولده)، والوالد كما لا يخفى عليك يشمل الأب والأم، فأتمنى أن تكثر من الدعاء له ولإخوانه جميعًا في كل وقت ترى فيه وقت إجابة أو وقتا مباركا أو في دبر الصلوات المكتوبات وغير ذلك، لأن هذا الدعاء قطعًا سينفعه - بإذن الله تعالى – في الدنيا والآخرة، وأقول لك: هذه مرحلة سنية معينة، ولكن ثق وتأكد أنه بعد وصوله مرحلة العشرين سوف تتغير هذه الأمور تمامًا، وسوف يكون - إن شاء الله تعالى – شابا رائعا، لأنه ـ الحمد لله ـ أن الله - تبارك وتعالى – كما جعل لكل شيء بداية جعل له نهاية، وهذه مرحلة مشاكسة أو مرحلة الغرور أو مرحلة العنف – مرحلة زمنية مؤقتة وتنتهي - بإذن الله تعالى – ببلوغ سن العشرين.

أسأل الله تعالى أن يبارك فيك، وأن يصلح لك أبناءك وأبناءنا وأبناء المسلمين وأن يجعلك من الصالحين، وأن يعينك على الصبر عليه والحلم معه وعدم العنف معه حتى يكتسب منك تلك الصفات الرائعة فيكون شابًا رائعًا موفقًا.

هذا وبالله التوفيق.


المصدر: الشبكه الاسلامية


اخوكم ابو ريهام