(الكاتب أحمد الرازحي)
من المحب البائس العاشق الولهان، صريع الاحزان، الى الحبيبة المظلومة بنت المصائب وفجائع الزمان، وضحية الحروب.
لقد رأيت من تقلب الزمان وعبثية الحياة واستمرارية الحروب وتدويلها، وافتقاد الامل ونشوء اليأس أن ابعث اليك ببعض الكلمات لاني لا استطيع الحياة بدونك.. لقد وجدتك بعضي، بل وجدتك كلي وكأن شيء ان اصابك اصابني فأنا لا اعرف في اي بطن من بطون الارض مضجعك, وتحت اي نجم من نجوم السماء مصرعك، وفي اي قاع من قيعان البحر مثواك، وفي اي جوف من اجواف الوحوش المفترسه مأواك؟ وتحت اي نيران من نيران الطيران قصفوك؟ هل على ايدي الاعراب قتلوك؟ ام على ايدي الاباء وأدوك؟

لو يعلم الطيار الذي صرعك، أو الطير الذي مزق جثتك، أو الوحوش التي ولغت في دمك، او القبر الذي ضمك الى احشائه، أو الرصاصة التي اخترقت جسمك اللطيف، والجوع الذي حول شفتيك الحمر الى السمر، والعطش الذي ذبحك كالحسين بكربلاء، او الاعرابي الذي سلب ما في يديك من قلائد وما في عنقك من حلي وقيدك بالسلاسل واسرك كالسيدة زينب تندب اخيها وتصمد بوجة الطغيان كابيها ،اني اتخيلك كزينب ملطخة بدم الحسين تصرخين في وجه الظالم قائلة:
"كد كيدك واسعى سعيك، فو الله لن تمحو اثرنا، ولن يسقط عنك عار ما فعلت بنا"
"انما يفتضح الفاسق، ويكذب الفاجر"
"حسبك منا ما فعلت بنا– أما رويت من دمائنا؟ وهل ابقيت منا احدا؟!"
"كلا – والله ما جعل الله ذلك الا ان تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا"
"انت ملك مسلط تشتم ظالما وتقهر بسلطانك"
"وما ايامك الا عدد ولا جمعك الا بدد"

عودي الي– يا حبيبتي – مفقودة الاطراف مقعده او كفيفة, فحسبي منك ان ارك بجانبي في هذه الحياة تبتسم من ثغرك البرئ تشاركيني همومي واحزاني, تكوني عزائي الوحيد في اسرتي واقربائي لتنقذيني من كوابيسي والامي– لو رايتيني لرفقتي لحالي، وانا كل ما اقبل النازحين الى صنعاء ظننت انهم مرسلون منك اتصفح وجوههم، وامعن النظر في فضائلهم، واهتف باسمك صارخا باعلى صوتي كالحيران: عباد الله.. ايها المشردون.. ايها النازحون.. يا من هدمت ديارهم، وقتل ابنائهم، ورملت نسائهم.. ايها اليتامى.. ايها الارامل.. ايها العجوز الخرف .. من يدلني على حبيبتي فقد ضللتها من ذو عهدا قريب، فغدر بي الدهر ودهاني باعنف دواهيه، من بعدها حدثوني عنها وتركاني من فلان او فلان، هل نزحت معكم؟ ام تخلفت بعدكم؟ ام تحولت الى جبل مقدس يقاوم النيران..؟ أما ليلي فمسّهد وأما حزني فسرمد.

مشكلتك بانك امرأة لها تاريخ، لها ذكريات على الجبال محفورة، وفوق السحب مرسومة، وفي القلوب موضوعة، وفي الاعين منصوبة، وفوق الاكتف مرفوعة، وعلى الهامات محمولة، وفي الصوامع مذكورة، وفي بلادي مظلومة.. فانت تعلمين كل العلم ما يمر به اخوتك من شتات وفرقه، فاخوك (مايو) يريد ان ينفصل عن اسرتكم الفضيلة، لا ايمانا منه بتحمل المسؤؤلية وتخفيف الاعباء على والدك المسن، بل ليهدم اسرتكم الديمقراطية ويقدمك رهينه وورقة بسيطة لجاركم المستبد (سعد) الذي يشقى بسعادتكم ويسعد بشقاوتكم فاحذريه!! كما لا تنسي احقاد واطماع اخوك (صلاح) صاحب اللحيهة الطويلهة والثوب القصير الاكثر معارضة لوالدك وأكثر عمالة لجاركم (سعد) الذي حاول مرارا كما قلتي بفرض افكاره بالترغيب وبالترهيب.

ومارس عليك اشد انواع الاستبداد، واشبعك ظلما وحرمانا، وانا لا اجهل بان اباك كان على علم وبينه مما تتعرضين له من (صلاح) وانه لم يستيقظ الا بعد فوات الاوان.. كما سمعت ان اخوك (زيد) عندما شاهد استبداد (صلاح) ثارت فيه نوازع الدفاع بدون الرجوع الى ابيك، وهذا خطأ فادح من (زيد) وحماقه وتسرع وخروج على قانون اسرتكم المجمع عليه من بقيه افراد الاسرة، لان زيداً كان يرى انه الاحق بك فانت واياه توأم وابناء مشيمة واحدة، يتألم كما تتألمين، ويسعد كما تسعدين.. كما بلغني ان اباك وجه اليك بعض الضربات الخفيفه لتمردك وعصيانك فسامحيه ودعي الماضي، فهو والد مهما فعل فهو يحبك ولن يسمح للاعراب باسرك.

لكن نصيحتي ان لا تستسلمي لاحد من اخوتك فكلهم مستبدين، ولديهم اطماع وايدلوجيات ونوايا غير سليمة.. فـ(صلاح) يريد ان يقدمك عروسه لولي نعمته جاركم (سعد)، و(مايو) لا يهمه امرك فهو اناني وحاقد وليس لديه مشروع او قضية، فهو يرى بانك حجر عثرة في طريق مشاريع موكله التي لايقدر على تنفيذها الا بعدمك.. و(زيد) قد ولى وادبر زمانه، فالعصر قد تغير شاء ذلك ام ابى، هذه حتمية الزمن.. والعنف لا يعيد ذكريات الماضي بل يقضي عليها، فالكلام طويل، وما زال بجعبتي المزيد، واعذريني من التقصير، فقد كتبت الفاظي على خوف وعجل رعاك الله واليمن..!